وزراء الخارجية يتوافدون إلى نيويورك... وموسكو ملتزمة الرفض... والمعارضة ترفض عرضاً روسياً لاستضافة محادثات مع الحكومة

لا تصويت اليوم في جلسة «استعراضية» سيشهدها مجلس الأمن بشأن سوريا بحضور وزراء خارجية الدول الغربية والأمين العام للجامعة العربية، في حين أعلنت موسكو أن الحكومة السورية موافقة على إجراء محادثات غير رسمية مع المعارضة التي رفضت من جانبها هذا العرض
يسعى وزراء خارجية غربيون اليوم في الأمم المتحدة إلى «إثبات وحدة المجتمع الدولي» حيال سوريا، لكن لا يتوقع إجراء تصويت على مسوّدة قرار يدعمها الأوروبيون والدول العربية، بعدما جددت روسيا رفضها التام لمشروع القرار.
وأُعلن رسمياً مشاركة وزيري الخارجية الفرنسي ألان جوبيه والبريطاني وليام هيغ. وأفاد دبلوماسيون أن نظيرتهما الأميركية هيلاري كلينتون ستحضر الجلسة كذلك، إلى جانب نظيريها الألماني والبرتغالي. لكن روسيا والصين، اللتين ترفضان منذ أشهر، عبر حق النقض، أي مشروع قرار يستدرج سيناريو التدخل العسكري في سوريا، سيمثّلهما سفيراهما في الجلسة.
وفي وقت روّجت فيه الدبلوماسية الفرنسية أن «التوازنات تطورت داخل مجلس الأمن»، مضيفة أن «عشر دول على الأقل» من أصل الدول الأعضاء الخمس عشرة قد تؤيّد مشروع قرار قدمه المغرب باسم الجامعة العربية، تراجع مساءً الحديث عن تصويت فوري في جلسة اليوم، حيث أكد دبلوماسي غربي أن «المفاوضات ستتواصل لاحقاً»، بهدف التوصل إلى اتفاق في المجلس «في أسرع وقت ممكن».
وأقرّ جوبيه، في لقاء صحافي، بأن «ظروف تبنّي قرار غير متوافرة بعد، لأن روسيا تواصل المقاومة». وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية إن «روسيا لا يسعها الاستمرار بعرقلة الأمم المتحدة». ويستمع أعضاء المجلس الـ15 إلى عرض من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لمبادرة الجامعة لحل الأزمة السورية.
ويدعو مشروع القرار إلى دعم دولي لخطة الخروج من الأزمة، التي أعلنتها الجامعة العربية في قرارها رقم 7444 في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة في 22 كانون الثاني الحالي، وتنص على وقف أعمال العنف وتفويض رئيس الجمهورية نائبه الأول صلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة وحدة وطنية لتمكينها من أداء واجبها في مرحلة انتقالية.
في المقابل، أكدت روسيا مجدداً أمس معارضتها لمشروع القرار الجديد في الأمم المتحدة بشأن سوريا، الذي اقترحه الأوروبيون والدول العربية، مستبعدة أي تفاوض بشأن هذا النص «غير المقبول». وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف لوكالة انترفاكس إن «روسيا والصين صوّتتا ضد مشروع القرار الذي اقترحه زملاؤنا الغربيون في تشرين الأول، والذي كان يتضمن تصوراً غير مقبول لتسوية. والمشروع الغربي الحالي ليس بعيداً عن صيغة تشرين الأول، ولا يمكننا بالتأكيد دعمه». وتابع «تضم المسوّدة طلباً للدول الأعضاء كافة بوقف تزويد سوريا بالأسلحة». وتدارك «لكنه لا يرسم خطاً واضحاً بين تهريب الأسلحة الذي يقوم به عدد من الدول لدعم القوى المتطرفة في سوريا والعلاقات المشروعة العسكرية التقنية مع هذا البلد». وأضاف أن «هذا النص غير متوازن (...) ويترك أولاً الباب مفتوحاً أمام تدخل في الشؤون السورية».
وتابع نائب وزير الخارجية الروسي «هذا ليس جزءاً من ممارستنا السياسية للتفاوض بشأن المسائل المبدئية»، معلّقاً بذلك على معلومات لوسائل إعلام غربية مفادها أن روسيا قد تمتنع أثناء التصويت في الأمم المتحدة إذا أُخذت مطالبها بتعديل مشروع القرار هذا في الاعتبار. ونقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن غاتيلوف قوله «من المنطقي، نظراً إلى الطبيعة المركبة لهذه القضية، أن يتمكن أعضاء مجلس الأمن من دراسة توصيات بعثة المراقبين العرب وما خلصت إليه بالتفصيل». ومضى يقول «بعد ذلك فقط سيكون من الممكن إجراء مناقشات ملموسة لهذه المسألة في مجلس الأمن».
وعلى خط مواز، سعت روسيا إلى توجيه رسالة مفادها أنها ملتزمة بالمبادرة العربية الجديدة التي دعت الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة السورية إلى الحوار، حيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن السلطات السورية موافقة على بدء محادثات غير رسمية مع المعارضة في روسيا. إلا أن رئيس المجلس الوطني السوري، برهان غليون، سارع إلى رفض أي «مفاوضات قبل رحيل» الرئيس السوري بشار الأسد. وقال «تنحّي الأسد شرط لبدء أي مفاوضات للانتقال إلى حكومة ديموقراطية».
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في البيان الذي نشر على موقعها على الإنترنت، «تلقّينا رداً إيجابياً من السلطات السورية على دعوتنا (لعقد محادثات في موسكو)». وأضاف البيان « نأمل ... أن توافق المعارضة السورية على ذلك في الأيام القليلة المقبلة، واضعة مصلحة الشعب السوري فوق كل الاهتمامات الأخرى».
ورأت مصادر دبلوماسية فرنسية أن التطورات الأخيرة في سوريا، وخصوصاً تحرك الجامعة العربية، أدت إلى «تطور» الموقف من سوريا في مجلس الأمن الدولي. وقالت مصادر دبلوماسية إن «الأعضاء الجدد غير الدائمي العضوية في مجلس الأمن أكثر اقتناعاً بضرورة إصدار قرار». والدول الخمس الجديدة التي بدأت عضويتها في مطلع كانون الثاني هي المغرب وتوغو وغواتيمالا وباكستان وآذربيجان.
ومن بغداد، أعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي أن قطر طلبت رسمياً «تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن الأوضاع في سوريا إلى السابع من شباط بدلاً من الخامس من الشهر نفسه، واستضافته في الدوحة». وكان بن حلي قد قال الأحد إنه تقرر عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في 5 شباط في القاهرة لبحث استمرار عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا أو سحبها. وأوقف الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الخميس الماضي، عمل البعثة بسبب تصاعد وتيرة العنف. بدوره، اتهم رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا، الفريق أول محمد الدابي، المعارضة السورية بعدم التعاون مع البعثة، لأنها تريد الذهاب إلى مجلس الأمن.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)