يعتقد كثيرون أن موشيه فايغلين جرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى القيام بحملة انتخابية كان في غنى عنها، لعلمه أن فوزه بالزعامة في انتخابات الليكود الداخلية، المزمع إجراؤها اليوم، محتوم، في ظل غياب مرشحين آخرين. من جهة أخرى، لا يختلف أحد على حقيقة أن هناك مصلحة مباشرة لنتنياهو في إبراز وسطيته من خلال تسليط الأضواء على تطرف فايغلين كمرشح منافس على رئاسة الحزب، الذي يقود معسكر اليمين في إسرائيل. وتتأكد مصلحة نتنياهو هذه في ظل تسليم فايغلين نفسه بأنه لا يمتلك فرصاً واقعية للفوز على نتنياهو، ما يعني أن منافسته له لن تكون أكثر من عرض أمام العالم يقدم مقارنة بين اعتدال نتنياهو وتطرف فايغلين. من جهته، لا يرى فايغلين في ذلك غضاضة، فالترشح ـــ الرابع ـــ في مواجهة نتنياهو بالنسبة إليه محطة في سياق عملية متواصلة يطمح في نهايتها إلى الحصول على موطئ قدم في دائرة صناعة القرار الإسرائيلية.أولى منافسات فايغلين، 49 عاماً، لنتنياهو كانت عام 2005. آنذاك حصل على 12.5 بالمئة من الأصوات وحل في المرتبة الثالثة بعد نتنياهو وسيلفان شالوم. نتيجة أشعلت الضوء الأحمر في قيادة «الليكود» التقليدية، التي سارعت إلى العمل على إخراجه من الحزب دون نجاح. تكررت مغامرة فايغلين في انتخابات الليكود عام 2007 حين حصد المرتبة الثانية مع نحو 23 بالمئة من الأصوات. وفي الانتخابات التمهيدية الأخيرة التي سبقت انتخابات الكنيست، وانتخب فيها منتسبو الليكود قائمة المرشحين للانتخابات العامة، عزز فايغلين قوته وحصل على أصوات 25 بالمئة من الناخبين، وحل في المرتبة العشرين على القائمة، الأمر الذي دفع نتنياهو إلى القيام بمناورات قانونية نجح من خلالها في ترحيل فايغلين إلى المرتبة السادسة والثلاثين، وإبقائه خارج الكنيست. بدأ فايغلين نشاطه السياسي عبر تأسيس حركة «هذه بلادنا»، التي دعت إلى عصيان مدني وقامت بإغلاق الطرقات الرئيسية في إسرائيل احتجاجاً على اتفاقيات أوسلو. بعد ذلك، غيّر فايغلين أسلوب عمله وأسس حركة «الزعامة اليهودية» عام 1997 التي سعى من خلالها إلى التغلغل داخل صفوف الليكود عبر الانتساب إليه والحصول على حق الترشح والتصويت في انتخاباته الداخلية.
تتلخص الرؤية السياسية لفايغلين بمعارضته إجراء أي محادثات سلام جديدة. وهو يدعو إلى ضم الضفة الغربية وإعادة احتلال قطاع غزة، كما يقترح تعزيز الأغلبية اليهودية في «أرض إسرائيل التاريخية» من خلال حزمة حوافز للهجرة الفلسطينية تقدر قيمتها بـ 350 ألف دولار لكل عائلة عربية تغادر الضفة الغربية وقطاع غزة. ويؤسس مقاربته الأمنية لحل الصراع على أساس عقيدته الدينية القومية التي يختصرها رفضه استخدام عبارة فلسطيني، والاستعاضة عنها بكلمة عربي في دلالة على إنكاره لوجود حيثية تاريخية أو شعبية للفلسطينيين. ويرى ضرورة «تحرير جبل الهيكل» من «الاحتلال العربي»، الأمر الذي سيؤدي إلى «وضع حد للإرهاب» وتهدئة الشرق الأوسط وإحلال السلام في المنطقة والعالم.
خلال الشهر الأخير، جند معسكر فايغلين مئات آلاف الشواكل من التبرعات لصرفها في حملته الانتخابية ضد نتنياهو. إلا أن العنصر الأساسي الذي يراهن عليه هو التغيرات في المجتمع الإسرائيلي، التي تظهر جنوحه نحو اليمين وارتفاع نسبة المؤمنين بالله، التي بلغت بحسب الإحصاءات الأخيرة 80 بالمئة. و«هذا الإيمان»، بحسب فايغلين، «سيجد في نهاية المطاف طريقه إلى القيادة. كل المجتمع الإسرائيلي يجتاز تحولاً يتمثل في الاقتراب من التقاليد الدينية والبحث عن الجوهر، وهذا ما يحصل في الليكود أيضاً».