الكويت | يستعدّ الكويتيون للانتخابات النيابية الخميس المقبل، وسط حماسة يستمدّها المرشحون والناخبون على حدٍّ سواء من الدور الذي ينتظر المجلس الجديد للأمة، والمنوط به مهمتان رئيسيتان: الأولى هي إعادة بناء التعاون بين البرلمان والحكومة بعدما أخفق في المرحلة الأخيرة وحمل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على حلّ مجلس الأمة، والثانية تتمثل في تحريك العجلة البطيئة للتنمية كإحدى ضحايا ذلك الخلاف. عَكَسَ الحاجة إلى هذا التعاون وكيل وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود الصباح الذي تحدّث أمس إلى ممثلي وسائل الإعلام العربية والغربية عمّا تنتظره الإمارة من الاستحقاق الجديد. وتوقع وكيل وزير الإعلام «تغييراً إيجابياً من نتائج الانتخابات من خلال ما بدا اتفاقاً على مرحلة جديدة، بعدما أعلنت الحكومة في أكثر من مناسبة أنها تتطلع إلى مرحلة مختلفة تتجاوز العثرات التي وقفت في طريق علاقتها بمجلس الأمة. التنمية لا تأتي إلا بالاستقرار السياسي بدعم كل القوى المعنية. هناك تأكيد على تعاون الجميع وعلى فتح صفحة جديدة». إلا أنه لاحظ أن «المرحلة استثنائية نظراً إلى أن الانتخابات لم تكن متوقعة في هذا الوقت مع حلّ مجلس الأمة، لكنها انبثقت كذلك من أزمة الحكومة ومجلس الأمة اللذين أخفقا في التعاون، وهو أمر تخبره في الغالب الدول الديموقراطية، وتعرفه أيضاً الديموقراطية الكويتية، ما حمل الأمير على حلّ المجلس والدعوة إلى انتخابات جديدة، قرنها بحضّ الناخبين على حسن اختيار مرشحيهم وعلى مزيد من الوعي لمصلحة البلاد ومراجعة التجربة المنصرمة. هناك عدد كبير من المرشحين الشباب في الدوائر الخمس، نأمل أن يُوفّقوا من أجل أن يكون لهم دور فاعل في مجلس الأمة».
وأشار الوكيل أيضاً إلى حرص الحكومة على نزاهة العمليات الانتخابية، معوّلاً على قرارها «غير المسبوق بمفوضية مستقلة للانتخابات ولجنة للمراقبة». مع ذلك، أولى الدور الرئيسي للناخب، لافتاً إلى أن قرار الحكومة هو عدم التدخّل و«ترك القرار للناخبين من أجل أن نفتح باباً على التعاون مجدّداً مع مجلس الأمة». وقال «ما يعنيه دور المفوضية الانتخابية تأكيد الحكومة عدم تدخّلها وتحصين العملية الانتخابية. لا شيء مخفياً لدينا هنا في الكويت. مسارنا واضح. طبعاً هناك اختلافات في الرأي، بيد أنها تعالج من خلال الدستور والمؤسسات. كل ذلك بضمان السلطة القضائية التي تقع العملية الانتخابية تحت قبتها. القضاء هو المسؤول المباشر عن العملية الانتخابية. هناك أيضاً 30 مراقباً دولياً. وسائل الإعلام تراقب بدورها وتشهد. إذاً هو وضع شفاف للغاية لا يحتمل اللبس والغموض والشكوك. رصدت لجنة الشفافية في الدوائر الخمس 30 شبهة أحالتها على وزارة الداخلية، فأحيل سبع منها على القضاء».
سُئل الصباح عن رأيه في برامج المرشحين، فعدّها «من الإرث الانتخابي»، لكنه تحدّث عن مبادرة لوزارة الإعلام من أجل المساهمة في أوسع مناقشة للبرامج، وإتاحة الفرصة أمام جميع المرشحين للإطلالة مجاناً عبر التلفزيون الكويتي، ثلاث دقائق لكل مرشح كي يخاطب الناخبين في الدوائر الخمس التي يتنافسون عليها، لانتخاب 50 عضواً في مجلس الأمة.
لا ينكر وكيل وزير الإعلام غياب السياسة الخارجية عن برامج المرشحين في منطقة تجتاحها تطورات بالغة الخطورة بين أنظمة هوَت وأخرى موشكة على السقوط، لكنه برّر توجيه الحملات إلى المشكلات الداخلية بالقول إن «سياستنا الخارجية واضحة في عمقيها الخليجي والعربي. نحن نقدّر دور الأمم المتحدة. لكن من شأن العملية الانتخابية أن تكرّس أيضاً مزيداً من العلاقات الإيجابية مع الدول العربية ومع الخارج».
وإن كان يتوقع انبثاق برلمان جديد يتعاون مع الحكومة ويجنّب الإمارة مزيداً من الأزمات الداخلية، قال «نحن نؤمن بالدستور، والعملية الديموقراطية مرتبطة أيضاً بالوعي السياسي بغية أن تؤثر مباشرة في القرار السياسي. ما هو متفق عليه هو أن تكون المرحلة المقبلة أكثر وعياً لتنمية مجتمعنا. سنكتشف ذلك مع مجلس الأمة الجديد، وكذلك مع الحكومة التي ستنبثق منها لاحقاً لجان وزارية لمعالجة أسباب الأزمة الأخيرة التي نشأت عن عدم تعاون هاتين المؤسستين بغية تجاوزها تماماً. الدستور الكويتي قادر على استيعاب المرحلة الحالية. في الديموقراطية هناك الرأي، وأيضاً احترام الرأي الآخر. وهو مبدأ واضح في دستورنا، الأمر الذي يجعل نقاط التلاقي أوفر من نقاط الاختلاف، من غير أن ننكر هذه».