شككت التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، مدعومة بدراسات أكاديمية، في الافتراض الشائع بأن توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية سيفجّر مجموعة من الأحداث الكارثية، مثل انتشار أعمال العنف وارتفاع أسعار النفط، مشيرة إلى أن التهديد الإيراني بالرد «مخادع جزئياً». إلاّ أن رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، لا يزال يؤمن بأن أي صراع عسكري مع إيران قد يزعزع الاستقرار على الصعيد الأمني والاقتصادي. وفي هذه الأثناء، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، العالم إلى العمل سريعاً لوقف أنشطة إيران النووية، قبل أن يصبح شن هجوم عسكري عليها غير مجدٍ جراء تحصينها لمنشآتها. وقال، في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الاقتصادي العالمي في دافوس، إن «إيران تسعى إلى الوصول إلى نقطة اللاعودة، حيث لن يكون ممكناً فعل شيء (حيال برنامجها النووي) وحتى الهجوم العسكري سيكون مفعوله محدوداً».
وأضاف باراك إن إيران تقترب من الحصانة التي لن يكون ممكناً بعدها منعها من الحصول على سلاح نووي. وقدر الوقت الفاصل عن وصول إيران إلى هذه المرحلة بنحو عام، داعياً المجتمع الدولي إلى المضي قدماً في تشديد العقوبات «حتى نعلم مسبقاً بمدى زمني كافٍ إن كانوا مستعدين للتنازل عن برنامجهم النووي». وعن تداعيات امتلاك إيران للسلاح النووي، رأى أن ذلك سيمكّنها من فرض هيمنتها على المنطقة، «ويمكنها إثر ذلك أن ترى أن هجوماً على حزب الله، الذي يمتلك 50 ألف صاروخ، هو هجوم عليها».
وشارك باراك في المؤتمر بندوة خاصة عن النتائج المحتملة لحصول إيران على سلاح نووي، حضرها، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، مندوبون عرب، بينهم مسؤول من أبو ظبي، أجرى باراك معه حديثاً قصيراً على هامش اللقاء.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، التي تبناها على نحو كبير معظم المسؤولين الأميركيين، قد توصلت إلى استنتاج بأن التهديد برد إيراني على ضربة عسكرية لمنشآتها هو «مخادع جزئياً». وقالت الصحيفة إن هذه التقديرات تؤدي دوراً مهماً في الحسابات الإسرائيلية في ما إن كانت إسرائيل ستوجه ضربة إلى إيران، أو تحاول إقناع الولايات المتحدة بالقيام بذلك، حتى في الوقت الذي تواجه فيه طهران عقوبات اقتصادية جديدة من الغرب.
وقالت الصحيفة إن محادثات مع 8 مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار حاليين وسابقين، تشير إلى أن الإسرائيليين يعدّون العقوبات على قطاعي المال والنفط الإيرانيين، ربما غير كافية، ويرون أن الهجوم العسكري يبقى خياراً حقيقياً جداً، وأن الأوضاع التالية لهجوم كهذا تعدّ أقل خطراً من أن تحصل إيران على أسلحة نووية.
في المقابل، قال رئيس هيئة أركان القوات الأميركية المشتركة، في مقابلة مع صحيفة «ناشيونال جورنال» نُشرت أول من أمس، «أعتقد أن الطريق الذي نسلكه بالعقوبات الاقتصادية والضغط الدبلوماسي يبدو لي أنه يظهر فعالية»، مضيفاً «أعتقد أنه من السابق لأوانه الحكم على أن العقوبات الاقتصادية والحلّ الدبلوماسي غير مناسبين». وأضاف إن «الصراع مع إيران سيكون مزعزعاً للاستقرار، ولا أتكلم من المنطلق الأمني فحسب، بل سيكون مزعزعاً للاستقرار اقتصادياً أيضاً».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)