ما شهدته بني وليد أمس أعاد إلى الواجهة قضية استمرار وجود موالين للنظام السابق على الساحة الليبية، حيث وقعت أخطر أعمال عنف في أحد معاقل العقيد الراحل معمر القذافي، منذ «تحرير» ليبيا في تشرين الأول 2011. وفي التفاصيل، أكد قائد ثوار مدينة بني وليد (على بعد 170 كيلومتراً جنوبي غربي طرابلس) مبارك الفطماني، أمس، أن ثوار المدينة يتعرضون للإبادة على أيدي مؤيّدي النظام السابق، بعدما تمكن مناصرو القذافي من السيطرة عليها ورفعوا فوق مرافقها الأعلام الخضراء التي ترمز إلى النظام السابق. ونقلت صحيفة «قورينا» عن الفطماني قوله إن الثوار يدكّون مواقع السلطة الحالية بأسلحة الرشاشات الثقيلة وقاذفات «آر بي جي» والصواريخ الحرارية، وغيرها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وناشد الفطماني كل ثوار ليبيا التدخل على نحو عاجل لإنقاذ ثوار بني وليد، وحمّل المجلس الانتقالي المسؤولية الكاملة عمّا ما يحدث في المدينة لأنه لم يُرسل قوات وعد بها لمساندة ثوار المدينة، بعد المشكلة الأخيرة التي قتل فيها ثوار من منطقة سوق الجمعة في طرابلس. ولفت إلى أن هناك العديد من القناصة في المدرسة والمسجد المجاورين لكتيبة «28 مايو». وكان الفطماني قد أشار في وقت سابق إلى مقتل خمسة «ثوار»، تعرض قائد كتيبتهم لهجوم من قبل الموالين للقذافي، وإصابة 30 آخرين.
بدوره، أفاد جمعة حامد، أحد أبناء المدينة، بأن الموالين للنظام السابق سيطروا على بني وليد بنسبة تقارب 100 في المئة، وأن أحد القادة الميدانيين للثوار قد قتل. وفي اتصال مع «الأخبار» من طرابلس، قلل أحد الناشطين في الثورة الليبية من خطورة ما حصل في بني وليد، معتبراً أنه مجرد سحابة تمضي في أيام قليلة. ووصف الجو في ليبيا بأنه «طبيعي، وليس هناك أي خوف من عودة كتائب النظام السابق للسيطرة على أي مدينة في البلاد». ورأى الناشط، الذي رفض التصريح بهويته، أن ما تشهده ليبيا منذ أيام من احتجاجات أمر طبيعي ولا علاقة له بما حدث أمس في بني وليد. ونصح المحتجين بالصبر، لأن أي ثورة تحتاج إلى وقت طويل حتى تعيد الأمور إلى نصابها، والسلطة الحالية لا تمتلك عصا سحريّة.
وكانت المعارك قد بدأت حين قُتل أربعة من الثوار، أمس، وأصيب 20 آخرون في هجوم شنّه مناصرون لنظام القذافي في بني وليد، حسبما أعلن المتحدث باسم المجلس المحلي في المدينة محمود الورفلي، مضيفاً أنه يخشى وقوع «مذبحة».
وفي طرابلس، أعلن مصدر طبّي مقتل 3 أشخاص وجرح خمسة آخرين في مواجهات بين سجين سابق وثوار سابقين. من ناحية ثانية، كشف وزير الدفاع الليبي أسامة الجويلي أن بلاده تلقّت عرضاً أميركياً لتدريب القوات الصحراوية والقوات الخاصة وسلاح الجو. وأكد أن الجانب الأميركي أبدى استعداده الكامل لتدريب القوات الليبية، حسبما نقلت عنه صحيفة «برنيق» الليبية.
إلى ذلك، نفت المحكمة الجنائية الدولية أمس اتخاذ قرار بخصوص محاكمة سيف الإسلام القذافي في ليبيا أمام القضاء الليبي. وقال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن «المحكمة الجنائية الدولية لم تصدر قراراً بخصوص هذا الموضوع»، وذلك بعد إعلان وزير العدل الليبي علي حميدة عاشور أن المحكمة وافقت على أن تجري المحاكمة في ليبيا، و«أن يحاكم القضاء الليبي سيف الإسلام».
وكانت المحكمة قد أعلنت في وقت سابق أن «السلطات الليبية سلّمت ردّها السري على أسئلة قضاة المحكمة الجنائية الدولية» في رسالة نشرت عبر موقع «تويتر». وحصلت السلطات الليبية في 10 كانون الثاني، بطلب منها، على مهلة إضافية لتسليم ملاحظاتها على المحاكمة، انتهت أمس. وبرّرت طلبها «بالوضع الأمني في ليبيا».
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 27 حزيران 2011 مذكرة توقيف بحق سيف الإسلام الذي يشتبه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية منذ 15 شباط 2011 خلال قمع الثورة الشعبية في ليبيا التي تحولت إلى حرب أهلية. وأبلغ المجلس الوطني الانتقالي الليبي المحكمة الجنائية، في رسالة نشرت في 24 تشرين الثاني الماضي، أن ليبيا تريد محاكمة سيف الإسلام.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)