فيما لا يزال الخلاف بين أميركا وإسرائيل بشأن مدى جدوى العقوبات الاقتصادية على طهران، وفي الوقت الذي تطالب فيه واشنطن بانتظار نتائجها، وتشكك تل أبيب في جدواها وتحذّر من أن يستغل الإيرانيون مداها الزمني لتحقيق المزيد من الخطوات النووية، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن سعي الأجهزة الأمنية إلى ردم هوة التباين مع المؤسسة الأميركية، وتوثيق التنسيق المشترك بينهما، خلال المداولات التمهيدية لزيارة رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتين دمبسي لإسرائيل، عبر محاولة التوصل إلى تفاهم مشترك إزاء خط أحمر يستند إلى معايير متفق عليها، تشمل الجدول الزمني والنشاطات التي إن قامت بها إيران، ينبغي الإعلان أن الخطوات الاقتصادية والدبلوماسية استنفدت نفسها، والانتقال إلى مرحلة الهجوم العسكري بهدف فرملة البرنامج النووي الإيراني. ورغم الهوية العسكرية والمهنية التي تحملها شخصية دمبسي، إلا أن هدفها في نهاية المطاف إلزام صانع القرار السياسي في تل أبيب التناغم مع المخطط الذي تتبعه الولايات المتحدة في مواجهة إيران، وخاصة أنه الأكثر اطلاعاً من بين الشخصيات الأميركية، على موازين القوى والتداعيات الاستراتيجية والامنية لأي خيار عسكري في هذه المرحلة.
وفيما سمع الجنرال الأميركي الكثير من الثناء والمديح وتأكيد أهمية التحالف الأميركي الإسرائيلي، وعلى القيم والمصالح المشتركة، خلال لقائه مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين، بدءاً من وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس أركان الجيش بني غانتس، ورئيس الدولة شمعون بيريز، تمحورت المباحثات حول النظرة إلى البرنامج النووي الإيراني وكيفية التعامل معه، والمحاذير والتداعيات التي يمكن أن تترتب على أي خيار عسكري في هذه المرحلة.
وكجزء من سياسة التأكيد الدائم للأعداء المشتركين بين واشنطن وتل أبيب، شدد بيريز على أن إيران هي «مركز الإرهاب العالمي»، محاولاً الإيحاء بأن خطرها يتجاوز إسرائيل ليطاول أميركا نفسها، فضلاً عن مصالحها، والقول إنها «لا تطمح فقط إلى السيطرة على الشرق الأوسط، بل أيضاً على أجزاء إضافية من العالم، مثل محاولاتها التسلل إلى القارة الأميركية الجنوبية»، معرباً عن اعتقاده أنه في مواجهة المعسكر الطامح إلى الهيمنة الإقليمية، «تقف الولايات المتحدة وإسرائيل معاً في الجبهة نفسها».
في المقابل، أكد دمبسي لمضيفه الإسرائيلي أن «التهديد الإيراني يمثّل تحدياً مشتركاً لكل من واشنطن والقدس»، لافتاً إلى أن «إسرائيل هي شريكنا في الحرب من أجل الحرية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم كله».
وفي موقف يلمّح إلى ضرورة التنسيق المشترك في أي خطوة عملانية ضد إيران، شدد الجنرال دمبسي، خلال لقائه وزير الدفاع إيهود باراك، على أن الولايات المتحدة وإسرائيل «تتشاركان في الكثير من المصالح في المنطقة، في هذه الفترة الدينامية»، مؤكداً أنه كلما «واصلنا التواصل معاً، نكون في وضع أفضل».
وقبل لقائه بالضيف الأميركي، رأى غانتس، خلال مراسم تعيينات لكبار الضباط في الجيش، أن إسرائيل «تواجه تهديدات من دوائر بعيدة تفضل استهداف جبهتها الداخلية وعدم مواجهتنا فقط في جبهة القتال، الأمر الذي يفرض علينا الاستعداد للعمل في عمق مناطق العدو». وكان غانتس قد اعتبر، خلال اجتماع لقادة جيوش الأطلسي، في الأيام الماضية، «أن الوضع الحالي يوفر أرضية مثمرة للجهات المتطرفة لنشر رسائل الكراهية»، مؤكداً أنه لمواجهة هذه التهديدات «ينبغي إشراك تعزيز المعتدلين في أي استراتيجية دولية ناجعة، وفي الوقت نفسه إضعاف المتطرفين»، وأنه «فقط عبر عمل مشترك ومن خلال دمج استخدام القوة الصلبة واللينة، نستطيع الردع، وفي المدى الطويل أيضاً التغلب على الجهات المتطرفة».
هذا وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا خلال زيارته هولندا دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على النفط الإيراني، مشدداً على ضرورة أن تكون العقوبات «فعلية وفورية». وكرر موقفه خلال لقائه مع نظيره الهولندي مارك روتي، بأن «العقوبات الحالية غير كافية ولن تردع الإيرانيين عن خطتهم لتطوير سلاح نووي».
أما نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غدعون شيفر، فرأى أن دمبسي لم يصل إلى القدس لـ«كبح» إسرائيل عن مهاجمة إيران، لافتاً إلى أن رؤساء أركان جيوش الدول، لا يلتقون عموماً مع الرؤساء ورؤساء الحكومات، وبالتالي على السياسيين في إسرائيل أن يكونوا راضين، لكونها تُظهر تقديراً متبادلاً خاصاً بين الدولتين».