شهدت سوريا أمس تظاهرات موالية ومعارضة في عدة مناطق. وفيما يرفع أنصار الرئيس السوري بشار الأسد شعار «دعم برنامج الإصلاح الشامل ورفض التدخل الخارجي»، اختار المعارضون تسمية «جمعة معتقلي الثورة»، بينما تصاعدت الضغوط على الجامعة العربية لإحالة الملف على مجلس الأمن، مع تسليم المراقبين العرب «تقريراً حاسماً» عن الشهر الأول من مهمتهم في سوريا.وفيما تركزت التظاهرات الموالية في دمشق ودير الزور، انطلقت عدة تظاهرات معارضة في حمص وإدلب وريفها وبعض القرى في حلب وريف دمشق، وعدة قرى في ريف درعا. كذلك تظاهر سوريون يعيشون في الأردن لإبداء دعمهم للمحتجين في سوريا، وقدّر عدد المتظاهرين في كافة أرجاء سوريا بنحو 34 ألف شخص، فيما انفجرت عبوات ناسفة في عدة محافظات، أدت إحداها إلى إصابة شرطي.
وقال مصدر رسمي سوري لـ«يونايتد برس إنترناشونال»، إنه لم يسقط سوى جريح واحد في أنحاء سوريا، وهو شرطي أصيب بانفجار عبوة ناسفة في حي صلاح الدين بحلب. وأضاف المصدر أن عبوات ناسفة انفجرت في حي العليبيات بمدينة حماه نجمت عنها أضرار مادية فقط، وانفجرت أيضاً عبوة أخرى في حي الجبيلة في دير الزور من دون وقوع إصابات أو أضرار. وتابع قائلاً إن وجوداً كثيفاً للجماعات المسلحة ظهر في باب السباع بحمص قرب أحد المستوصفات، فيما أقدم مسلحون على إطلاق قذيفة (أر بي جي) على حاجز لقوات حفظ النظام، لم تؤدِّ إلى وقوع إصابات.
من جهة أخرى، قالت «لجان التنسيق المحلية» إن عدد القتلى بلغ أمس 13 قتيلاً على أيدي قوات الأمن السورية، فيما قال نشطاء إن ستة أشخاص على الأقل قُتلوا في سوريا وسلمت جثث ستة آخرين لأسرهم. وفي دير الزور، أفادت لجان التنسيق المحلية في بيان بأن قوات الأمن «أطلقت النار والغاز المسيل للدموع» على متظاهرين و«أطلقت نيراناً كثيفة أمام مسجد عثمان لفضّ اعتصام نفّذه الأهالي لإعادة فتح المسجد بعد أن أغلقته قوات الأمن». وأشارت اللجان إلى «انتشار أمني مع مرافقة من مصفحات في الشوارع الأساسية وقرب المساجد الرئيسية في داريا»، وإلى «انتشار قناصة حول جامع عبد الرحمن بن عوف في حماة، وانتشار أمني في الشوارع المحيطة».
ودعا «المجلس الوطني السوري» إلى المشاركة في فاعليات «يوم الغضب العالمي لنصرة الشعب السوري» المقررة أن تنطلق اليوم في عدة مدن عربية وعالمية.
وفي اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أكد رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» هيثم مناع أنه يرفض أن يكون إرسال قوات عربية لسوريا مقدمة أو محاولة توطئة للتدخل العسكري الغربي. وتابع من القاهرة يقول: «نطالب بقوات عربية خفيفة لا تتعدى عشرة آلاف جندي لتسهيل مهمة عمل المراقبين العرب على الأرض ليتمكنوا من الانتشار في كل موقع في سوريا وليسمح للجميع بلقائهم والتحدث معهم بحرية. وستقوم تلك القوات بحماية المدنيين وفك الارتباط بين الأطراف المتنازعة، وخاصة في المناطق الساخنة». ووصف مقترحات بعض أطياف المعارضة السورية باستقدام الأطلسي أو أي تدخل عسكري بالاقتراحات اليائسة والمسعورة، وقال: «هؤلاء يريدون الوصول إلى السلطة، ولو على دبابة أميركية أو تركية». وتساءل: «هل سنقبل باحتلال وإقامة قواعد عسكرية أم كسر هيبة للأبد أم نبيع الجولان؟». وأوضح: «اليوم هناك أكثر من 16 نقطة ساخنة في عموم سوريا لا يستطيع أحد ادعاء السيطرة عليها ويفتقد فيها المواطن البسيط أدنى درجات الأمان، ورغم أن هذا المواطن في الغالب غير مؤيد للنظام ولا لغيره ممن يسمون الجيش السوري الحر فإنه لا ينجو من هجمات أي منهما ولا من الخطف من الشبيحة في مقابل فدية أو طلب إطلاق سجناء». وشكك في أعداد عناصر الجيش السوري الحر وانتقد كذلك نوعية عملياته.
وفي تصريح من الأردن، قال المعارض السوري كمال اللبواني إنه «ينبغي للأقليات الدينية والعرقية في سوريا أن تعمل مع الليبراليين السنّة لمواجهة نفوذ الإسلاميين في الانتفاضة».
وفي القاهرة، أكد رئيس غرفة عمليات بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا السفير عدنان الخضير أن رئيس بعثة المراقبين العرب، مصطفى الدابي، سيعود اليوم السبت إلى القاهرة من دمشق لتسليم الأمين العام نبيل العربي تقريره الثاني عما رصده المراقبون العرب ميدانياً على مدى شهر فى مختلف المناطق السورية التى تشهد اضطرابات واحتجاجات. واوضح أن الدابي أرجأ عودته إلى القاهرة 48 ساعة بعد تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية من غد السبت إلى بعد غد الأحد.
من جهته، أكد مصدر دبلوماسي عربي مسؤول أن «كل المؤشرات الواردة من دمشق ومن عدد من العواصم العربية بعد التشاور في ما بينها هو أن يجري التمديد لبعثة المراقبين العرب في سوريا ومضاعفة عددهم إلى نحو 300 مراقب». وأوضح أن هذا مرده إلى «إعلان الحكومة السورية الموافقة على التمديد ووجود رفض من عدد من العواصم العربية لفكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا وعدم إغلاق نافذة الحل العربي للأزمة السورية».
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الأحد لتحديد ما إذا كان ينبغي تمديد البعثة أو إنهاؤها. ومن المقرر أن يصل أيضاً برهان غليون رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض على رأس وفد إلى القاهرة حيث يعتزم مقابلة العربي. وقال بيان صادر عن «المجلس الوطني» إنّ من المقرر أن يطلب هذا الوفد من الأمين العام للجامعة والوزراء العرب الذين سيلتقيهم «العمل على نقل الملف إلى مجلس الأمن للحصول على قرار يتيح إنشاء منطقة آمنة وفرض حظر جوي ويعطي قوة دفع دولية».
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك إن على الجامعة أن تنشر تقرير المراقبين بالكامل وأن تحث مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات مستهدفة تشمل حظراً للسلاح لوقف القتل في سوريا.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن «القمع الوحشي» للمعارضة على يد السلطات، يدفع سوريا إلى الفوضى ولن يستفيد منه سوى المتطرفين. وحث الجامعة العربية على تكثيف جهود المراقبة ودعا مجلس الأمن الدولي الذي تعوقه حتى الآن الانقسامات بشأن سوريا إلى التحرك.
بدوره، استبعد وزير الخارجية الفرنسى آلان جوبيه إرسال قوات عربية إلى سوريا، مشيراً إلى مواصلة بلاده الحوار مع المعارضة السورية لهيكلة نفسها. وقال جوبيه، في حديث لصحيفة «أويست دو فرانس» الفرنسية، رداً على سؤال عما إذا كان إرسال قوات، كما اقترحت قطر، خياراً ممكناً، إنه «في السياق الإقليمي الحالي، نحن لا نعمل على مثل هذا السيناريو». وأضاف: «في المقابل، نحن نتحاور مع المعارضة السورية لهيكلة نفسها والانفتاح على جميع النقاط الحساسة».
إلى ذلك، دعت مشيخة الأزهر في مصر، الحُكام العرب إلى اتخاذ إجراءات جادة وفورية لحماية الشعب السوري، والحيلولة دون «استباحة الآخرين لأرضنا العربية». وناشد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في بيان، الحُكام العرب «العمل بجدية لفوقف العنف في سوريا، والحيلولة دون استباحة الآخرين لأرضنا العربية».

(الأخبار، سانا، د ب أ، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)