■ قررتم، بعد سنوات مما تقولون إنه كان عمل مقاومة مسلحة، الدخول في العملية السياسية. هل يمكن أن تقدموا فكرة عن طبيعة هذه المقاومة والإنجازات التي حققتموها، من وجهة نظركم؟ يمكننا القول بوضوح إن فصيل عصائب اهل الحق هو فصيل مقاومة اسلامية وطني شارك مع فصائل المقاومة الاخرى في مقاومة الاحتلال واجباره على وضع جدول زمني لخروج قواته فيما كانت الادارة الاميركية تقول ان مجرد وضع جدول زمني هو اعتراف بالخسارة. وليس ذلك فقط، بل اجبرت المقاومة العراقية الاحتلال على سحب قواته والالتزام بهذا الجدول الزمني من اجل المحافظة على ماء وجهه من عار الهزيمة التي لحقت به.

اما نسبة مشاركة عصائب اهل الحق، فنحن نتكلم بلغة الارقام التي نمتلك الادلة عليها. لقد شاركنا بـ6035 عملية على مدى سني الاحتلال وكذلك عشرات العمليات النوعية التي اعترف بها العدو وألحقت به الهزيمة والانكسار المعنوي والنفسي مضافاً الى مئات القتلى، وكانت اشهر هذه العمليات اسقاط الطائرة المروحية البريطانية في محافظة البصرة في أيار 2006، وكذلك تفجير قاعدة فالكون 10/10/2006 في بغداد وتدميرها كلياً وعملية اقتحام المقر الامني المحصن في محافظة كربلاء وأسر خمسة من الضباط والجنود الأميركيين، وكذلك تفجير طائرة هيركلوس في محافظة ميسان وتدميرها ومقتل من فيها. وتمكّن ابطال المقاومة أيضاً من اسر الخبير المالي البريطاني مع اربعة من حراسه الامنيين ومقايضتهم بـ285 اسيراً من مختلف فصائل المقاومة. وانتشرت عمليات عصائب اهل الحق على امتداد خمس عشرة محافظة عراقية وهو التشكيل الوحيد الذي لديه مثل هذا الامتداد. ولعل خير الفضل ما اعترف به الاعداء عندما صرح الجنرال اوديرنو في جلسة استماع رسمية بأن 73 في المئة من خسائر قواته سببها ما سماها هو (الميليشيات الشيعية المتشددة).






■ خلافكم مع السيد مقتدى الصدر طبع التغطية الإعلامية لنشاط العصائب على مدى السنوات الماضية. كيف نشأ هذا الخلاف، وما هي أسبابه؟ وكيف تصفون علاقتكم الحالية بالسيد مقتدى، وكيف تتوقعون تطورها؟
احد اسباب الخلاف الرئيسية هو طريقة قيادة السيد مقتدى الصدر للتيار الصدري، ومرجعيته الشرعية. نحن من طرفنا ليس لدينا مشكلة مع سماحة السيد مقتدى الصدر ونعتقد أن الساحة العراقية تسعنا كلينا بل تسع ما هو اكثر من ذلك بكثير. ونعتقد أن الاخوة في قيادة التيار الصدري يحتاجون الى مزيد من الوقت لكي يتقبلوا هذا الامر، ونحن حاضرون لأن نعطيهم هذا الوقت، ولن نسمح من جهتنا للخلاف بأن يتوسع أبداً.

■ إلى جانب الانسحاب الأميركي من العراق، ما هي الأسباب الأخرى التي دفعت بكم إلى المشاركة في العملية السياسية في أوج الأزمة التي تعصف بها؟ وكيف تنوون ترجمة انضمامكم هذا؟
نعتقد ان العملية السياسية في العراق تعاني من خلل واضح وكبير هو عدم وجود معارضة سياسية صحيحة تراقب الحكومة وتنتقدها عندما تخطئ وتتكلم بضمير الشعب العراقي وتطالب بمطالبه المشروعة لا المطالب الحزبية الخاصة. لذلك نحن سمينا العملية السياسية في العراق بالعرجاء، ونقصد بذلك ان كل الاطراف السياسية الرئيسية في العراق هي اطراف مشاركة في الحكومة. لذا، ومن اجل المصلحة الوطنية وتقديرنا لهذه المصلحة، ارتأينا ان نتصدى لعمل المعارضة السياسية من دون ان نكون جزءاً من الحكومة، ونضحّي بكل العروض التي تعرض علينا من اجل اصلاح ما يمكن اصلاحه من هذا الوضع السيئ. وعليه، سيكون لنا موقف سياسي واضح من كل ما يحصل في البلد من احداث سياسية، وسنراقب عمل الحكومة بدقة وسنعمل على ان نكون معارضة سياسية صحية وبنّاءة.

■ ما هو موقفكم مما حصل مع نائب الرئيس طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك؟ وما هو رأيكم بكل من رئيس البرلمان أسامة النجيفي ووزير المال رافع العيساوي؟
ليس لدينا معلومات تفصيلية عن حقيقة الاتهامات الموجهة لنائب رئيس الجمهورية، لكننا على كل نلتزم باحترام القضاء العراقي واستقلاليته وابتعاده عن التسيس، ونعتقد ان حل هذه المشكلة لا بد من ان يكون قضائياً وانه يمكن ان يحل بطريقة او اخرى.
اما السيد اسامة النجيفي والسيد رافع العيساوي فنعتقد انهما شخصيتان سياسيتان يمثّلان جزءاً محترماً من الطائفة السنية الكريمة، ونعتقد أن في امكانهما ان يلعبا دوراً اكبر من دورهما الحالي، ويستطيعان ان يكونا جزءاً من حل المشاكل التي تعصف بالبلد.

■ كيف تصفون طبيعة الأزمة مع الكتلة «العراقية»؟ ما رأيكم بمطالبها؟ وما هي الصيغة التي يمكن أن تطرحوها للحل؟
نعتقد ان حقيقة المشكلة ليست بين ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية، وانما المشكلة الحقيقية تكمن في اساس العملية السياسية الموجودة حالياً في العراق التي ابتنت على ما سمته الولايات المتحدة الاميركية «الديموقراطية» وهي بعيدة كل البعد عن الديموقراطية، إذ إنها محاصصة سياسية طائفية مقيتة لم ولن تجلب للعراق الا الدمار والمشاكل. ونعتقد ان سبب المشاكل الرئيسي الآن هو نفس الدستور بسبب الفقرات الكارثية التي يحتويها، لذلك نعتقد ان الحل الحقيقي والجذري للمشاكل التي يعاني منها العراق هو بالعمل على اعادة كتابة الدستور او على الاقل تصحيح هذا الفقرات. بعد ذلك لن يضر ان يكون الطرفان الرئيسيان هما دولة القانون والعراقية او غيرهما.

■ ما هو موقفكم من مطالبة ثلاث من المحافظات السنّية بالتحول إلى أقاليم؟
نحن مع الفدرالية من حيث المضمون، لكننا لسنا معها من ناحية التوقيت، حيث نعتقد ان العراق قد خرج تواً من سيطرة الاحتلال وبالتي فهو لا يزال هشاً ضعيفاً، وأن مشروع (جوزف) بايدن الذي يهدف الى تقسيم العراق الى ثلاث مناطق شيعية وسنية وكردية الذي تم التصويت عليه بصيغة قرار غير ملزم، هذا المشروع وهذا التفكير لا يزال يخامر بايدن الذي هو الآن نائب الرئيس الاميركي، بمعنى انه الشخص الثاني من ناحية القوة في الولايات المتحدة الاميركية. لذلك، فنحن نتخوف من طرح مشروع الاقاليم في هذا الوقت من ان يكون سبباً لتقسيم العراق، وكذلك نحن نحذر الاخوة السياسيين في هذه المحافظات الثلاث من ان يكونوا اداة لتقسيم العراق من حيث لا يشعرون، وحينها سيتحملون مسؤولية تاريخية وسيسيئون اشد الاساءة الى سمعة محافظاتهم وطائفتهم.

■ ما هو موقفكم من المطالب الكردية الخاصة بكركوك والأراضي المتنازع عليها؟ وما هي الصيغة التي تطرحونها للتعامل مع الثروة النفطية على مستوى توزيع الحصص بين المركز والأقاليم وعلى مستوى الجهة المخولة إجراء تعاقدات؟
نعتقد بضرورة ان تبقى كركوك عراقية بعيدة عن اي اقليم، لأن موضوع كركوك موضوع حساس للغاية، وهي كما هو معروف تحوي كل قوميات الشعب العراقي العرب والكرد والتركمان، وكلّ يدعي انه هو الاكثرية. لذلك، نحن مع ان يكون لكركوك وضع خاص بها يعكس تنوعها القومي، لا أن تكون لحساب قومية دون اخرى. اما موضوع الثروة النفطية، فنحن مع ما موجود في الدستور بهذا الشأن من أن الثروة النفطية هي ملك لكل الشعب، ولذلك فلتكن قضية النفط مركزية وليس ان تنفرد حكومة الاقليم بإجراء عقود من دون علم الحكومة المركزية.

■ تُتهمون بأنكم ميليشيا عسكرية موالية لإيران التي تعمل على تقديم الدعم المالي والتقني والعسكري والسياسي لكم. ما قولكم في هذا؟ وكيف تصفون علاقتكم بإيران؟ وعلاقة إيران بالعراق؟
نحن جهة مقاومة اسلامية وطنية تصدت بوضوح للاحتلال الاميركي الذي جثم على بلدنا. كان هدفنا ومطلبنا من البداية هو اخراج الاحتلال وإرجاع السيادة الى وطننا، وكنا نعمل من منطلق وطني واضح ولم نعمل لخدمة اجندة ضد مصلحتنا الوطنية. ومن الطبيعي ان جهة مقاومة بهذا الحجم وهذه القوة لا بد من أن يكون لها دعم مناسب حتى تستمر بعملها وتحقق هدفها. اما من هي هذه الجهات وهل ايران منها ام لا، فهذا لا يزال من اسرار عمل المقاومة ولا يمكن الافصاح عنه حالياً. ونحن ننظر الى ايران بشكل عام انها جمهورية اسلامية تدعم حركات التحرر في اكثر مناطق العالم بغض النظر عن مذهبها، والدليل على ذلك انها في الوقت نفسه الذي تدعم فيه حزب الله الشيعي في لبنان كذلك تدعم حركة حماس والجهاد الاسلامي السنيتين في فلسطين.
اما على المستوى السياسي وعلاقة ايران بالعراق، فنحن نشدّد على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، ونطمح إلى ان تكون علاقات العراق بدول جواره، بما فيها ايران، اكثر من المستوى الحالي.

■ كيف تنظرون إلى تركيا، وكيف تقرأون الدور الذي تؤديه في العراق والمنطقة؟
في الفترة الاخيرة، من الواضح ان تركيا تريد أن تعزز دورها الاقليمي في المنطقة، وانها تخلت عن رغبتها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي واستعاضت عنه بلعب دور اقوى في الشرق الاوسط وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص. ومن الواضح ايضاً ان تركيا لديها مشروعها الخاص الذي تطمح اليه وتعمل على تحقيقه، بخلاف الدول العربية التي لا تملك مشاريع خاصة بها. ونعتقد ان المشروع التركي يقوم على اعادة امجاد الدولة العثمانية وتأثيرها في المنطقة العربية، لكن هذه المرة من دون احتلال عسكري وإنما من خلال ايجاد حكومات قريبة منها تشترك معها في الايديولوجية، وهي ايديولوجية الاخوان المسلمين، وهذا ما يمكن تحقيقه في اغلب الدول العربية باعتبار اغلبيتها السنية، لكن تطمح الى تحقيقه في العراق ايضا وهنا تكمن المشكلة باعتبار اغلبية العراق الشيعية. لذلك فنحن نقرأ التصريحات التي خرجت من بعض المسؤولين الاتراك حول احتمال حدوث حرب طائفية، نقرأه قراءة سلبية ونرفضها رفضاً قاطعاً.

■ كذلك الأمر بالنسبة إلى السعودية وقطر؟
السعوية وقطر كذلك من ضمن الدول العربية التي قلت انها لا تملك مشروعاً خاصاً بها. نعم هما تريدان ان تلعبا دوراً إقليمياً، وتريدان حماية انظمتهما في ظل موجة (الربيع العربي) وخصوصا السعودية. لكن رغم ذلك، يبقى انهما لا تملكان مشروعاً يمكن ان يطرح على الجماهير. لذلك، نجد أن الدور السعودي منحصر تقريباً في الدول المجاورة لها ولا يوجد لها دور على صعيد كل المنطقة. وهذا سببه كما قلت، أن السعودية الآن كل همها ان تحافظ على نظامها، لذلك يهمها كثيراً ما يحدث في دول جوارها لاحتمال انعكاسه او تاثيره على وضعها الداخلي.
أما قطر، فدورها في حالات كثيرة ثانوي او مكمل للدور التركي لأن قطر دولة صغيرة لا تمتلك اهمية اقليمية ولا تمتلك نظاماً ديموقراطياً. نعم هي تملك المال وقناة الجزيرة، لكن هذا غير كاف لأن تلعب بمفردها دوراً خاصاً. كل الامر انها تستغل حالة الفراغ الذي تشهده المنطقة العربية من غياب دور الدول الرئيسية مثل مصر والعراق، لتركز دوراً وتأثيراً اقليمياً لها في المستقبل.

■ كيف تنظرون إلى سوريا ونظام الرئيس بشار الأسد؟ كيف تقرأون الأزمة التي تعاني منها منذ أشهر؟ وكيف تقوّمون دور سوريا في العراق والمنطقة؟
نحن مع مطالب الشعوب بالحرية وأن تختار النظام المناسب لها، لكن نعتقد ان ما يجري في سوريا هو مضخم اعلامياً باتجاه معيّن ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وأن السبب الاساسي في ذلك هو موقف النظام السوري وعلاقته بايران وحزب الله. ونعتقد أن ما طرحه الرئيس السوري من خطوات للاصلاح في خطابه الاخير جدير بأخذه بنظر الاعتبار، خصوصا انه طرح كتابة دستور جديد وتشكيل حكومة موسعة بدل الحكومة الحالية، وإجراء انتخابات في المدى القريب لاختيار حكومة جديدة، وهذا ما لم يطرحه اي رئيس عربي الى الآن.

■ كيف تصفون علاقتكم بلبنان؟ وما طبيعة العلاقة التي تجمعكم بحزب الله؟
لبنان هو البلد العربي الاجمل في كل شيء، وكل العراقيين بل كل العرب يحبون لبنان، لكن ليس لدينا علاقة به على المستوى الرسمي. اما حزب الله، فنحن ننظر اليه انه حركة المقاومة الابرز على صعيد المنطقة بل العالم، ونحتفظ بعلاقات طيبة مع حركات المقاومة في المنطقة للاشتراك في الهدف نفسه.



تُعرّف عصائب أهل الحق نفسها بأنها «حركة مقاومة للاحتلال الأجنبي للعراق، الذي بدأ في نيسان عام 2003، ومؤسسها هو سماحة الشيخ قيس الخزعلي، مع عدد من رجال وأتباع الحوزة العلمية الناطقة، التي تصدت للمحتل، وقد بدأت هذه الحركة بالعمل كمجاميع سرية عام 2004». وتضيف إن الحركة تستمد منهجها ومبادئها من فكر المرجع محمد صادق الصدر، الذي اغتاله نظام صدام حسين عام 1999، وأعضاؤها هم «النخبة من جيش الإمام المهدي، الذي تأسس كتيار شعبي عقائدي رافض للاحتلال».
نفذت العصائب 6035 عملية بين قصف وقنص وكمين وأسر جنود وضباط وتدمير آليات بالعبوات الخارقة للدروع، واكثر من 300 عملية أُجّلت بسبب وجود مدنيين (شرائط مصورة على موقع “الأخبار” على شبكة الانترنت).




هكذا تحوّلت «المجاميع الخاصة» إلى «عصائب أهل الحق»

الإضاءة على عصائب أهل الحق الآن، وإن جاءت متأخرة، تبدو ضرورية في ظل قرارها الدخول إلى العملية السياسية. لم تشفع لها عملياتها ضد قوات الاحتلال الأميركي، والتي تجاوزت الستة آلاف، في احتلال الحيّز الذي يليق بها في المشهد الإعلامي. لعل السبب هو أن ضرباتها كانت تستهدف المحتل حصراً، مع حرص شديد على عدم إيذاء المدنيين، في الوقت الذي كان فيه كثير من التنظيمات التي توصف بأنها مقاومة، تريق دماء العراقيين شلالات في الشوارع، بلا رادع.
أُنشئت العصائب في بدايات عام 2004 على يد الشيخ قيس الخزعلي ومجموعة ممن كانت تُعتبر خيرة المقاتلين في جيش المهدي، بينهم شقيقه ليث والشيخ أكرم الكعبي. انطلقت بأول عملية، وكانت وقتها تُعرف باسم «المجاميع الخاصة»، بتاريخ 3/5/2004 عندما استهدفت موكباً عسكرياً أميركياً على الطريق السريع في بغداد الجديدة. لكن التعتيم الإعلامي على عملياتها دفع بها إلى تغيير تكتيكها إلى العمل النوعي، وكانت أول عملية من هذا الطراز استهداف طائرة مروحية بريطانية في البصرة 6/5/2006.
ورغم عملها المقاوم الذي أدى دوراً أساسياً في الانسحاب الأميركي من العراق، طغى خلاف العصائب مع السيد مقتدى الصدر على صورتها في الإعلام. وعن هذا الموضوع، يقول مسؤول العلاقات الخارجية في العصائب، الشيخ عمّار الدلفي، «كان الشيخ قيس يقود جيش المهدي والمجاميع في الوقت نفسه، ومعه نائبه أكرم الكعبي. وكان جيش المهدي يتبنّى المقاومة المسلحة، فيما كانت المجاميع تتولى العمليات الخاصة ضد الأميركيين، إلى أن أطلق الاحتلال بمعية إياد علاوي عملية عسكرية لتصفية السيد مقتدى وجيش المهدي، بلغت ذروتها في معارك النجف عام 2005. فتح جيش المهدي معارك أينما وجد لتخفيف الضغط على النجف، حيث كانت المجاميع والشيخ قيس إلى جانب السيد. وكانت التسوية التي رعاها السيد علي السيستاني، وتقوم على أن يعلن الصدر أنه يضع نفسه تحت عباءة المرجعية».
ويقول الدلفي «مع انتهاء المعارك، طُلب من الصدر إلقاء السلاح ودخول العملية السياسية، فاستجاب معلناً ما سمّي بالمقاومة السلمية. الشيخ قيس رفض، رافعاً شعار أنه ما بقي الاحتلال فإننا لن نسلم السلاح ولن ندخل العملية السياسية». وأضاف أن الخزعلي طالب بـ«الاحتكام إلى الحاكم الشرعي الذي أوصى به السيد محمد صادق الصدر»، في إشارة إلى المراجع محمد إسحق الفياض وكاظم الحائري ومحمود الهاشمي، معلناً أن أياً من هؤلاء المراجع الكبار يفتي بما أمر به مقتدى الصدر «فإننا سنلتزم فتواه» ونبقى في إطار التيار الصدري. ويقول الدلفي إن «الصدر رفض الاحتكام، وسحب السيد الحائري الوكالة منه».
ويتابع الدلفي أنه كان هناك سبب آخر للانشقاق، ذلك أنه مع اندلاع الخلاف، طالب الشيخ قيس بضرورة الاحتكام إلى تعاليم الإسلام التي تفرض أن يكون «أمركم شورى بينكم، بمعنى وضع حدّ لتفرّد الصدر بالرأي والقرار». يضاف إلى كل ما تقدم أنه «مع انضمام التيار الصدري إلى حكومة إبراهيم الجعفري، حصل على خمس وزارات خدماتية هي الزراعة والصحة والنقل والبيئة والشؤون الاجتماعية. وقتها طالبت قيادة المجاميع بإنشاء مؤسسات ريعية تخدم أبناء التيار وتقيهم شرور الحاجة. لكن السيد مقتدى رفض». كل ذلك أدى، على ما يفيد الدلفي، إلى انشقاق المجاميع الخاصة عن التيار في 2006 وتغيير اسمها إلى عصائب أهل الحق.
ويكشف الدلفي، الذي يقول إن العصائب سقط لها 292 شهيداً في مواجهة الاحتلال، عن أن «علاقتها جيدة جداً مع رئيس الوزراء المالكي وحزب الدعوة، بينما علاقاتها شكلية مع التحالف فالكردستاني، وليس لها علاقات مع الكتلة العراقية».
ويختم الدلفي حديثه بالإشارة إلى أنه ألقي القبض على الخزعلي، وكان برفقة اللبناني علي موسى الدقدوق، على أيدي الأميركيين في البصرة، في آذار 2007، وذلك بعد أسابيع على هجوم على مركز التنسيق المشترك في كربلاء، أدى إلى قتل جندي أميركي وخطف أربعة آخرين ثم قتلهم. وأفرج عن الخزعلي في كانون الثاني 2010 في إطار صفقة ضمته و255 آخرين، ليس من بينهم الدقدوق، في إطار صفقة توّجت مفاوضات لإطلاق خمسة بريطانيين أسرتهم العصائب، قادها عن الحكومة العراقية سامي العسكري، وعن العصائب وزير النقل السابق سلام المالكي.
إيلي ...