الجزائر | التهبت عشر ولايات جزائرية باحتجاجات شاركت فيها مختلف الفئات العمرية للمطالبة بالشغل والمساكن وتحسين الخدمة العمومية. ويستمر المحتجون في ولاية الأغواط (400 كلم جنوبي العاصمة الجزائر) في احتلال الشوارع وساحة المدينة المركزية منذ نحو أسبوعين للمطالبة بتوزيع عادل للمساكن الاجتماعية. وتحول الاحتجاج إلى عصيان طالب برحيل الوالي الذي يُعَدّ أرفع مسؤول في المقاطعة بعدما أمر قوى الأمن بالتدخل بعنف لقمع اعتصام قرب مكتبه. واستعملت الشرطة العصي والقنابل المسيلة للدموع على مدى الأيام الماضية، ما أدى إلى إصابة عشرات من الجانبين. كذلك اعتُقل عدد كبير من المحتجين. وانتقلت العدوى إلى ولايات أخرى. وتناوبت بلدات وقرى منطقة القبائل وولايات الجلفة والمسيلة وغرداية والبويرة وبومرداس والشلف وورقلة على البوح بغضبها نتيجة تأخر المشاريع المقررة في الخطة الخمسية (2010 ـــ 2014) الجاري تنفيذها بتعثر شديد، وهي المشاريع التي وعد بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عند التمديد له لفترة رئاسية ثالثة في شهر نيسان 2009
وتعددت أساليب التعبير لدى المحتجين، فشملت إضرام النار في العجلات المطاطية ووضع المتاريس وقطع الطرق. وابتكر المحتجون أخيراً أسلوباً جديداً تمثل في إغلاق المؤسسات الإدارية ومنع المسؤولين من الالتحاق بمناصب عملهم. وكان العام الجاري قد بدأ بسلسلة من الإضرابات في المؤسسات العمومية ومسيرات احتجاجية في أكثر من 15 ولاية.
ويطالب شباب مناطق البترول والغاز في جنوب البلاد بالشغل، حيث ترتفع نسبة البطالة في تلك المناطق إلى أكثر من 40 في المئة، فيما «تستورد» اليد العاملة من ولايات الشمال التي تحظى بقدر أكبر من برامج التنمية. ودخل عدد كبير من المحتجين على فترات متلاحقة في إضرابات عن الطعام دامت أسابيع، فيما أشارت تقارير رسمية صدرت أخيراً إلى أن قوى الأمن تدخلت تسعة آلاف مرة عام 2011 لتفريق متظاهرين ومعتصمين.
معظم هذه الاضطرابات سببها تردي الوضع المعيشي واتساع رقعة الفقر لتشمل قطاعاً واسعاً من الطبقة الوسطى، ما دفع عشرات الآلاف إلى مغادرة البلاد بحثاً عن الرزق والكرامة.
وتستعد نقابات التعليم بمختلف مراحله والصحة والإدارة العمومية وعمال البلديات لإضرابات واسعة الشهر المقبل لحمل الحكومة على الوفاء بالتزاماتها. وتخشى جهات رسمية، ولا سيما البرلمان، تحول تلك الإضرابات إلى كرة الثلج التي تجرف وراءها ملايين الغاضبين في البلاد للمطالبة بالتغيير السياسي، لذلك دعا نواب البرلمان الحكومة إلى دراسة جدية لمطالب الفئات التي تنوي تنظيم إضرابات قوية وشاملة.