أصدر الرئيس السوري بشار الأسد عفواً عاماً عن الجرائم التي ارتكبت خلال الاحتجاجات المستمرة منذ عشرة أشهر، فيما قال معارضون إن العفو لا معنى له، لأن معظم المعتقلين محتجزون في مقار الشرطة السرية أو في منشآت عسكرية دون إجراءات أو وثائق قانونية. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث التي وقعت من تاريخ 15-3-2011 حتى 15-1-2012». ويشمل العفو المعتقلين المخالفين «لقانون التظاهر السلمي» و«جرائم حمل وحيازة الأسلحة والذخائر من قبل المواطنين السوريين من دون ترخيص»، و«مرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي حسب قانون العقوبات العسكرية»، في اشارة الى الفارين من الجيش. وجاء إعلان قرار العفو قبل ايام من التقرير المتوقع أن يرفعه المراقبون العرب، الذين بدأوا عملهم في 26 كانون الأول للجامعة العربية بشأن ما اذا كانت سوريا ملتزمة بخطة السلام التي طرحتها الجامعة، في وقت فيه قالت قناة «الدنيا» السورية إن المراقبين ناقشوا قرار العفو مع شرطة دمشق. وسارعت جماعة «الإخوان المسلمين» الى التشكيك في هذا العفو، مشيرة إلى أن «تنفيذ مراسيم العفو يقتضي أن يعود الليلة الى أسرهم ما يقرب من مئة ألف مواطن (...) حتى تكتسب مراسيم العفو المذكورة جديتها وصدقيتها». وقال المعارض السوري المقيم في الأردن، كمال اللبواني، إن «المشكلة ليست في الأشخاص الذين وصلوا إلى المحاكمة او صدرت ضدهم أحكام بالسجن، لكن المشكلة تكمن في الأشخاص الذين سجنوا ولا يُعرف مكانهم أو أي شيء عنهم».
كذلك شكك وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في صدقية قرار العفو. وقال لمحطة سكاي نيوز التلفزيونية «اعتادت الحكومة السورية إعلان قرارات عفو، وبعد ذلك تجعل من المستحيل التحقق مما اذا كانت تلك القرارات تنفذ أم لا».
وفي بيروت، دعا الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، المرشح للانتخابات الرئاسية المصرية، عمرو موسى، الجامعة العربية الى التشاور بشأن ارسال قوات عربية الى سوريا. وقال موسى للصحافيين في بيروت إن اقتراح ارسال قوات عربية الى سوريا «مهم جداً، أعتقد انه على الجامعة العربية أن تدرسه، وأن تجري مشاورات بشأنه». ويأتي كلام موسى تعليقاً على اعلان امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السبت تأييده ارسال قوات عربية الى سوريا، لوقف اعمال العنف في هذا البلد.
وفي القاهرة، علَّقت جامعة الدول العربية إرسال مراقبين جدّد إلى سوريا في إطار بعثة المراقبين العرب. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أمس، عن مصدر مسؤول في الجامعة العربية لم تذكر اسمه، قوله إن «الجامعة قرَّرت عدم إرسال أي مراقبين جدد الى سوريا قبل عقد اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري يوم 22 كانون الثاني الجاري، لبحث الوضع في سوريا في ضوء التقرير المقرَّر أن يقدمه رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي».
وأضاف المصدر إن «اللجنة العربية المعنية بالأزمة السورية ستعقد اجتماعاً يوم 21 الشهر الجاري لمناقشة التقرير الشامل، الذي طلبته في اجتماعها السابق من الفريق الدابي عن مجمل ما رصدته فرق المراقبة العربية في المدن والمناطق السورية، التي كانت فيها لما يقرب من شهر من مشاهدات ووقائع وأحداث»، مشيراً إلى أن اللجنة سترفع توصياتها إلى المجلس الوزاري للجامعة.
دولياً، صدرت عدة ردود فعل على الأحداث في سوريا، اضافة الى موقف الأمين العام للأمم المتحدة. فقد اعرب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في مقابلة نشرت امس، رفضه أي تدخل اجنبي في سوريا، مشيراً إلى أنه يمثل «عملية انتحارية»، وينذر بـ «انفجار» المنطقة. وقال المرزوقي في مقابلة مع صحيفة «الخبر» الجزائرية «نحن التونسيين ضد أي تدخل أجنبي مهما كانت صفته».
من جهته، دان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه «صمت» مجلس الأمن الدولي حيال سوريا. وقال في مؤتمر صحافي في رانغون إن «المجزرة مستمرة وكذلك صمت مجلس الأمن الدولي»، مؤكداً أن هذا الوضع «أصبح لا يحتمل».
وفي لندن، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الدول الغربية لا تنوي التدخل عسكرياً في سوريا. وقال «لم نبحث في إمكان اقامة منطقة حظر جوي». وقلل من أهمية تصريحات أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بشأن إرسال قوات عربية إلى سوريا، مشيراً الى أن قطر واحدة فقط من 22 دولة أعضاء في جامعة الدول العربية، كما قال إنه يأمل أن يتمكن اعضاء الاتحاد الأوروبي (27 دولة) من الاتفاق على مزيد من العقوبات ضد سوريا خلال الأيام العشرة المقبلة.
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن ألمانيا ستواصل سعيها بقوة من أجل استصدار قرار في مجلس الأمن بشأن سوريا. وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية إن فيسترفيله أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون، مشدداً على دعم ألمانيا لجهود المعارضة السورية لبناء ساحة حوار.
ميدانياً، قالت وكالة «سانا» إن انفجاراً نفذه متمردون في إدلب، أول من امس، أدّى إلى خروج قطار شحن يحمل وقوداً لمحطة للكهرباء عن قضبانه، مما أدى الى اشتعال النيران في عدد من عربات الوقود، وإصابة ثلاثة أشخاص. ونقل التلفزيون السوري عن وزير الكهرباء السوري عماد خميس قوله إن الهدف الرئيسي لهذا الهجوم وغيره من الهجمات على خطوط السكك الحديدية هو تدمير خطوط إمداد محطات الكهرباء بالوقود في حلب.
كذلك أعلنت سانا مقتل ستة عمال واصابة 16 آخرين بجروح امس في انفجار عبوة ناسفة زرعتها «مجموعة ارهابية مسلحة» على طريق في إدلب. وفي المنطقة نفسها «فككت عناصر الهندسة عبوتين ناسفتين زنة كل منهما 25 كيلوغراماً على جانب طريق بليون كنصفرة في جبل الزاوية بإدلب»، كما أضافت الوكالة السورية.
وفي حمص، انفجرت سيارة مفخخة في حي باب هود، فيما استهدفت قذائف هاون مركزاً للاتصالات في حي البياضة بالمدينة أول من امس. وقالت مصادر محلية في مدينة حمص «إن سيارات الإسعاف والإطفاء تتعرض لإطلاق رصاص من قبل المسلحين». واكد المحافظ أن «مقسم هاتف حي البياضة الذي يتسع لـ 40 ألف خط تعرض لهجوم بثلاث قذائف هاون بعد ظهر اليوم»، مشيراً الى أنها «»يست المرة الأولى التي تستهدف المجموعات المسلحة هذا المركز». بدورها أفادت «لجان التنسيق المحلية» عن إطلاق نار من رشاشات ثقيلة على حي بابا عمرو.
في المقابل، قالت «لجان التنسيق» إن 18 شخصاً قتلوا امس. وأعلنت أن هناك العديد من الجرحى في منطقة الزبداني في ريف دمشق، التي قالت إن الجيش السوري قصفها مباشرة بعد مغادرة بعثة المراقبين العرب، وإن الهلال الأحمر السوري رفض البقاء في المدينة. وقالت اللجان إن قوات الأمن قتلت شابين في المعضمية في ريف دمشق. بدوره قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن «حاجزاً تابعاً لجهاز المخابرات الجوية بريف دمشق اعتقل السبت القيادي المعارض محمد جبر المسالمة»، عضو هيئة التنسيق الوطنية، والأمين العام لفرع حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي المعارض في محافظة درعا.
(الأخبار، سانا، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)