رغم حال الرضا التي يمكن تقديرها في الوسط الإسرائيلي إزاء العقوبات التي فُرضت وستفرض على طهران، والرهان على مآل حالة التوتر التي تشهدها منطقة الخليج ومضيق هرمز، لا يخفي ذلك خيبة أمل تل أبيب من الأداء الأميركي طوال المراحل السابقة، وخصوصاً بعدما تمكنت إيران من بلوغ عتبة دولة «حافة نووية»، وهو أمر طالما حذَّرت منه الدولة العبرية وعملت على الحؤول دون الوصول إليه. في موازاة انكفاء إسرائيل عن المبادرة إلى توجيه ضربة وقائية للمنشآت النووية الإيرانية، طوال السنوات الماضية، اعتمد القادة الإسرائيليون أسلوب التهويل والظهور بمظهر المتوثّب للهجوم، من أجل الضغط على عواصم القرار الدولي في واشنطن وأوروبا من أجل دفعها إلى رفع مستوى الضغوط والعقوبات على طهران، كخيار بديل من الضربة العسكرية المتعذرة لأكثر من سبب، بهدف إجبار القيادة الإيرانية على التخلي عن المضي في مشروعها النووي. وبغض النظر عن تقييم نتائج السياسة الإسرائيلية التهويلية، فإن القدر المتيقن هو أنها تمكنت من إقلاق الإدارة الأميركية من توريطها في حرب كبرى على مستوى المنطقة، الأمر الذي دفعها إلى تحذير المسؤولين في تل أبيب من تداعيات أي هجوم إسرائيلي أحادي على إيران. وتقديم الوعود للقيام بما يجب في مواجهتها، وتكثيف اللقاءات على المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، من ضمنها وصول رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الاميركي، مارتن ديمبسي، يوم الخميس المقبل إلى تل ابيب، حيث من المفترض أن يبحث الموضوع الإيراني مع نظيره الإسرائيلي بني غانتس وكبار قادة الأجهزة الأمنية، فضلاً عن نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك.
في هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية عن أن المسؤولين في تل أبيب تعمّدوا «الغموض» في الرد على الطلب الأميركي بعدم المبادرة إلى شنّ هجوم عسكري على إيران، بعيداً عن التنسيق مع الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع الرئيس باراك أوباما إلى تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الآثار الخطيرة لأي هجوم من هذا النوع. وبعيداً عمّا إذا كان الهدف الأساسي من التظهير الإعلامي للتباين بين واشنطن وتل أبيب هو رفع مستوى الضغوط على طهران، وبالرغم من ارتفاع حالة التوتر في الخليج، أعرب نائب رئيس الحكومة موشيه يعلون عن «خيبة أمله إزاء تردد الإدارة الأميركية» في الإقدام على خطوات أكثر تشدداً ضد إيران، مع التأكيد أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران هي «الخيار الأخير»، وعلينا أن «نكون جاهزين للدفاع عن أنفسنا». لكن نتنياهو كان قد رأى قبل أيام، في مقابلة مع الصحيفة الأوسترالية «The Weekend Australian»، أن العقوبات المفروضة على إيران حقيقية، مشيراً إلى أنه يمكن إيران أن «تنكفئ» إذا ما جرى دمج العقوبات الثقيلة مع التهديد بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
إلى ذلك، لفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن النقاش الإسرائيلي الأميركي يتمحور حول الجداول الزمنية والخطوط الحمراء التي ينبغي معها الانتقال إلى العمل العسكري، في حال تجاوزتها طهران، فيما رأت تل أبيب، على لسان وزير الدفاع إيهود باراك، قبل شهرين، أن الخط الأحمر الجديد يتمثل في بدء التخصيب في موقع محصن.