في تطور أمني خطير، أدى قصف مدفعي بقذائف الهاون على موالين سوريين للرئيس السوري بشار الأسد في حي عكرمة الجديد بحمص، إلى مقتل الصحافي جيل جاكييه الذي يعمل لحساب شبكة فرانس 2. وقتل جاكييه إثر سقوط قذيفة على مجموعة من الصحافيين. وأصيب أيضاً في القصف المصور الهولندي ستيفن فاسينار من جريدة (la vie) الفرنسية، وأكثر من 16 مواطناً سورياً، حالة 4 منهم حرجة. وجاكييه هو أحد كبار مراسلي الشبكة الفرنسية العامة منذ 1999، وهو أول صحافي غربي يقتل في سوريا منذ بدء حركة الاحتجاج في 15 آذار2010. فيما سجل مطلع عام 2012 مقتل مراسل صحيفة «الثورة» السورية شكري أبو البرغل في عملية قنص بالرصاص طاوله في منزله. وحاز جاكييه جائزة ألبرت لوندر في 2003، وكان قد غطى الحرب في العراق وأفغانستان وكوسوفو والضفة الغربية المحتلة. وأنجز العديد من التحقيقات لبرنامج مبعوث خاص على قناة فرانس 2. وقال مصدر ضمن الوفد الصحفي الزائر لحمص «إن جاكييه قتل، وجرح فاسينار بعدما هرع لتصوير ضحايا قصف طاول موالين سوريين للرئيس الأسد في حي الصالحية بحمص، ظناً منه أن القصف قد توقف، حيث سقطت قذيفة أخرى أودت به». وأضاف المصدر أن فاسينار أصيب بشظية في عينه، وحالته لا تدعو إلى القلق.
وفي أول تعليق رسمي على الحادث، صرّح مصدر مسؤول في وزارة الإعلام السورية بأنّ «فريقاً من الإعلاميين الأجانب، أثناء قيامه بجولة ميدانية في حي عكرمة الجديد بمدينة حمص وتصويره الأضرار وإجرائه مقابلات مع عدد من المواطنين المتضررين من المجموعات الإرهابية المسلحة، تعرض لإطلاق قذائف الهاون من عناصر إرهابيين مسلحين، ما أدى إلى استشهاد ثمانية مواطنين والصحافي الفرنسي جيل جاكييه، وإصابة نحو 25 آخرين، بعضهم في حالة خطرة». وأضاف بيان وزارة الإعلام: «تأتي جولة الفريق الإعلامي الأجنبي الميدانية في مدينة حمص في إطار سماح سوريا لوسائل الإعلام بالتنقل بحرية في مختلف المناطق ونقل حقيقة الأحداث، حيث يضم الفريق 12 إعلامياً».
وأعربت وزارة الإعلام «عن أسفها الشديد وحزنها العميق لسقوط شهداء من سوريا ومن ضيوفها (...) وتؤكد أنه يمثّل امتداداً لسلسلة الإرهاب الذي تتعرض له سوريا، ويأتي في سياق محاولة الإرهابيين تغييب الصورة الحقيقية لما يجري من أحداث».
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن فرنسا طلبت «توضيحاً كاملاً لملابسات» مقتل الصحافي الفرنسي. وأكد «أن سفيرنا في دمشق (إريك شوفالييه) على اتصال بالحكومة السورية لتقديم كل مساعدة ضرورية للأشخاص الذين يرافقون مواطننا». كذلك طالبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بتحقيق سريع لكشف ملابسات مقتل الصحفي الفرنسي.
من جهتها، أعربت الولايات المتحدة عن «أسفها» لمقتل جاكييه. ونددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في واشنطن، فيكتوريا نولاند، بعجز النظام السوري عن توفير «ظروف ملائمة» لعمل الصحافيين. وفي بيان منفصل، قالت الولايات المتحدة إنها أجرت خفضاً إضافياً لعدد أفراد طاقم سفارتها في دمشق بسبب بواعث القلق الأمني.
وفي تطور لافت، قال مسؤول في الجامعة العربية إن الجامعة ستؤجل إرسال مزيد من المراقبين إلى سوريا، بعد تعرض فريق من المراقبين للهجوم هذا الأسبوع في اللاذقية وإصابة 11 مراقباً بجروح طفيفة. وقال عدنان الخضير، رئيس غرفة عمليات المراقبة في القاهرة، إن المراقبين الذين أعلن من قبل أنهم سيتوجهون إلى دمشق في نهاية هذا الاسبوع سيتأجل سفرهم حتى يتضح الموقف بعد الهجوم على فريق المراقبين في اللاذقية. وألقت الجامعة بالمسؤولية عن الهجوم على بعض المحتجين، لكنها حمّلت السلطات السورية المسؤولية عن عدم حماية المراقبين. وكان وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو قد صرح الثلاثاء بأن الهجمات على مراقبي الجامعة يثير شكوكاً حول مواصلة مهمتهم. وقال في مؤتمر صحافي عقده في أنقرة مع نظيره التونسي رفيق عبدالسلام إن «هجوم اللاذقية يثير شكوكاً بشأن مواصلة البعثة».
بدوره، قال نائب الأمين العام للجامعة السفير أحمد بن حلي للصحافيين، إن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، سيبدأ جولة خليجية يوم الجمعة المقبل تشمل عُمان والبحرين، وتهدف إلى مناقشة الأوضاع العربية الراهنة، وخاصة في سوريا والآفاق المستقبلية للعملية السلمية في الشرق الأوسط والإعداد للقمة العربية المقبلة في العراق.
إلى ذلك، قرر العضو في بعثة المراقبين العرب إلى سوريا أنور مالك، الانسحاب من المهمة، مشككاً في استقلاليتها ومتهماً نظام الأسد باستغلالها للبقاء في الحكم، حسبما أوردت قناة «الجزيرة» القطرية. وقال أنور مالك في لقاءين مع قناة الجزيرة الإخبارية وموقع الجزيرة نت: «لا أستطيع أن أتخلص من إنسانيتي أو أدعي الاستقلالية والحياد في مثل تلك المواقف». وانتقد مالك موقف رئيس بعثة المراقبين، مشيراً إلى أنه «يريد أن يمسك العصا من الوسط، حتى لا يغضب السلطة (السورية) أو يغضب أي طرف آخر». ولم يرد على الفور تعقيب على تصريحات مالك من الجامعة العربية.
من جهة أخرى، أفادت مصادر متطابقة بأن مئات الناشطين السوريين ومن بلدان أخرى سيحاولون اليوم الدخول إلى سوريا من تركيا والأردن حاملين مساعدات إنسانية للسكان. وفي حال رفض السلطات السورية السماح لهم بدخول سوريا، يعلن الناشطون أنهم سينظمون اعتصاماً قرب الحدود خلال ثلاثة أيام «بمشاركة فنانين سوريين». وعندما سئلت بسمة قضماني، العضو في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري عن العلاقات بين هؤلاء الناشطين والمعارضة السورية، أكدت أن المجلس «يدعم كلياً هذه المبادرة».
ميدانياً، أعلنت وكالة سانا مقتل أربعة عسكريين وإصابة ثمانية بعبوة ناسفة فجرتها مجموعة إرهابية مسلحة صباح أمس في مبيت عسكري بمنطقة يعفور بريف دمشق. وأضافت الوكالة أن مجموعة إرهابية خطفت ضابطاً برتبة عقيد على مفرق قرية الضبعة في ريف حمص. في المقابل، أعلنت «لجان التنسيق المحلية» المعارضة مقتل 24 شخصاً في سوريا امس، بينهم 5 قتلوا في الحجز، وثلاثة عسكريين منشقين.
(الأخبار، سانا، رويترز،
أ ف ب، يو بي آي)