في ضوء المواقف التصعيدية المتبادلة بين طهران، التي هددت بإغلاق مضيق هرمز إذا فرض الغرب عقوبات مشددة عليها، وبين واشنطن التي حذّرت الإيرانيين من القيام بخطوة كهذه، مشددة على حرية تحرك سفنها وبوارجها في مياه الخليج، بدأ الحديث عن خطة بديلة لهذا المنفذ الحيوي، لكن تقف دونها عقبات كثيرة. الخطة البديلة التي يُفكّر فيها الخليجيون، بحسب دراسة خليجية لمركز أمن الطاقة، تقضي بجعل اليمن المنفذ البديل والرئيسي، عبر ثلاثة موانئ، سيُنقَل النفط الخليجي منها، بعد تنفيذ مشروع مد شبكة الأنابيب البرية، للربط بين الخليج واليمن. فاليمن هو المخرج الآمن للخليج من مأزق التهديد الإيراني حول إقفال مضيق هرمز. ولعل أهمية هذه الخطوة تتوقف على أن اليمن مستعد لهذه المهمة، إلا أن الخطة البديلة لن تتم ما دامت الاضطرابات تتسع، والثورة الشعبية لم تُخمد في اليمن، وما دام هناك احتمال التقاء إيراني ـــــ يمني.
وقد لا توفّر الثورة التي تعمل على إزاحة النظام اليمني، الحليف الاستراتيجي للخليج، الأرضية السياسية التي تحتاج إليها الخطة الخليجية، لذا يعمل الخليج على تحويل مسار الثورة واحتوائها، وإعادة إنتاج النظام، ولا سيما أنّ على الضفة الأخرى تعاطفاً وتعاطياً إيجابياً إيرانياً مع الثورة اليمنية.
لذلك هناك عوائق تقف بين هذه الخطة وتحقيقها، بحكم احتمال التقاء إيراني ـــــ يمني، حيث تبحث الجماعات الثورية اليمنية عن تعاطف دولي في ظل وقوف الخليج والولايات المتحدة ضدها، إذ يمكن حدوث «التقاء إيراني ـــــ يمني»، وهذه عبارة وحدها كفيلة بزلزلة أمن الخليج، وتُعدّ سبباً كافياً لتجعل من الخطة البديلة محل تهديد إيراني آخر. لعل التضييق الخليجي على الثورة اليمنية يسرّع من حدوث اللقاء الذي يحذر منه الخليجيون.
ومما لا شك فيه أن الخليجيين ينظرون إلى الثورة الشعبية في اليمن، كحدث سياسي مقلق، قد يسهم في تشجيع قيام ثورات خليجية، نظراً إلى البعدين الديموغرافي والجغرافي بين الجانبين. وهذا الحدث السياسي المقلق للخليج، يجعل من تعز مصدر قلق مُضاعف، لأنها المدينة التي من شأنها إبقاء اليمن خارج السيطرة الخليجية، وحتى خارج سيطرة الحكومة اليمنية الموالية للخليج. فأهمية تعز أنها تطلّ على ميناء المخاء وعلى أهم منفذ بحري يمني وهو مضيق باب المندب، الذي يعد كلمة السر بالنسبة إلى الخطة الخليجية البديلة، وفي الوقت ذاته هي مدينة لم يستطع النظام إخماد ثورتها بأي طريقة.
وإزاء الشكوك السعودية من تدخل إيراني شمالاً، تمثّل الجبال المطلة على النوافذ البحرية، مواقع استراتيجية يتمركز فيها الحوثيون، وحرب صعدة منذ ثماني سنوات، لم تستطع إزاحة السيطرة الحوثية رغم التدخل العسكري السعودي المباشر. هذه الحرب على الحدود السعودية، تستأنف نشاطها حالياً وتمهد لحرب الموانئ، وهي حرب داخلية ستستهدف كل المنافذ البحرية اليمنية.
أما المنافذ البرية، فتمركز الحوثيين في خاصرة الحدود اليمنية ـــــ السعودية لا يعني سوى قطع الطرق البرية إلى منافذ اليمن البحرية. كل هذا لا يسمح لدول الخليج بالتفكير بهدوء، وهم يرون أن اليمن كخطة بديلة عن هرمز هي محل تهديد إيراني.