فيما استقبلت السلطات الليبية الجديدة في طرابلس الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي أكد أن سقوط نظام معمّر القذافي «أفضل هدية قدمت للسودان»، أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، أن بلاده ستعيد النظر في كل استثماراتها في الخارج.
وقال عبد الجليل، خلال مؤتمر صحافي، أول من أمس، «هناك نظرة عامة لإعادة النظر في جميع العقود. هناك دول ستزاد فيها الاستثمارات، ودول أخرى ستوقف فيها المشاريع». وأضاف «هناك استثمارات يمكن تطويرها، وأخرى يستحسن وقفها لأن ذلك يصبّ في مصلحة الشعب الليبي».
واستثمرت ليبيا، عبر هيئة الاستثمار الليبية، الصندوق السيادي الذي أطلقه في 2006 الزعيم الراحل معمر القذافي، وبلغ مجموع أمواله 70 مليار دولار، أموالاً ضخمة في العديد من دول أفريقيا والعالم العربي، إضافة الى مساهمات بمليارات الدولارات في شركات عالمية عديدة.
ورداً على سؤال عن التعاون بين الخرطوم وطرابلس على صعيد العدالة الدولية، قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، إن طرابلس لن تتحرك «خارج» إطار الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وأعلن عبد الجليل أيضاً أن ليبيا تنوي الاستثمار في السودان في مجالي الزراعة والعقارات.
بدوره، قال الرئيس السوداني، في مؤتمر صحافي في طرابلس: «جئنا نشكر الثوار الليبيين لما قدموه إلينا: أفضل هدية قدمت الى السودان في تاريخه المعاصر»، في إشارة الى سقوط العقيد القذافي. وأضاف إن «الظلم والاعتداءات والعنف أدت الى انقسام السودان، وهذا الأمر بدعم مباشر من القذافي».
وأثارت زيارة البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية في دارفور، انتقادات واسعة، حيث اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الاستقبال الذي خصّته ليبيا على مدى يومين لـ«هذا الشخص الفارّ من وجه العدالة الدولية» يشكك في تعهدات السلطات الليبية الجديدة من الناحية القانونية.
وفي السودان، طالبت «جبهة» من المتمردين السودانيين ليبيا باعتقال البشير تنفيذاً لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه من جانب المحكمة الجنائية الدولية. والجدير بالذكر أن السلطات الجديدة في ليبيا لم توقّع ولم تصادق حتى الآن على معاهدة روما، لذا هي غير ملزمة بتسليم البشير للقضاء الدولي.
في غضون ذلك، عاد تلاميذ ليبيا إلى مدارسهم التي أغلقت لأشهر بسبب الحرب ليجدوا صور معمر القذافي وقد نُزعت عن جدران الغرف الدراسية وأزيلت كلماته من المناهج التعليمية بعدما كانت موضع تبجيل واحترام. وقال وزير التعليم الليبي، سليمان الساحلي، إن مسؤولي الوزارة يعكفون حالياً على بحث كيفية ملء الفراغات التي خلّفها محو كل ما يتصل بالقذافي، بينما عاد أكثر من 1.2 مليون طالب إلى المدارس. وأضاف إن مواد التوعية السياسية والدراسات الاجتماعية ألغيت، مشيراً الى اقتراحات لوضع بدائل لهذه المواد «ما زالت قيد الدراسة».
وطغى «الكتاب الأخضر» المكون من ثلاثة أجزاء والذي كتبه القذافي في السياسة والاقتصاد والحياة اليومية للشعب الليبي، وهو من الكتب الإلزامية في المدارس. واستخدمت عبارات من هذا الكتاب في تزيين جدران الفصول، لكنها الآن أزيلت جميعاً. ووضع الكتاب «النظرية العالمية الثالثة» التي تبحث عن نظام بين الإسلام والاشتراكية.
الى ذلك، قتل عسكري فرنسي سابق بالرصاص، أول من أمس، في شقته في وسط طرابلس لأسباب لا تزال مجهولة، حسبما أفادت مصادر في الأجهزة الأمنية والسفارة الفرنسية في العاصمة الليبية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)