لعل من حسن حظ المؤسسة العسكرية والاستخبارية الاسرائيلية، أن عام 2011 شهد تطورات إقليمية ودولية، يمكنها أن تعينه في سياسة التهويل التي يعتمدها لإقرار موازنته الأمنية، محذراً من عدم توفير الأموال اللازمة التي تُمكِّن الجيش من رفع مستوى جهوزيته الدفاعية والهجومية. وعبَّرت مصادر عسكرية عن اعتقادها بأن الجيش يحتاج في عام 2012 إلى 7,7 مليارات شيكل إضافية عن موازنة السنة الماضية، انطلاقاً من طبيعة التهديدات المتفاقمة التي تواجهها الدولة العبرية، إن لجهة تطور المنظومات الصاروخية في لبنان وسوريا وإيران وقطاع غزة، أو لمواجهة مرحلة ما بعد سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، أو لجهة الاستعداد لأسوأ السيناريوات المتعلقة بمصير الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وبعيداً عن الحقيقة التي يسلم بها الإسرائيليون أنفسهم، لجهة فشلهم في التقديرات الاستراتيجية طوال المرحلة الماضية، سواء في ما يتعلق بحزب الله في لبنان، أو استقرار نظام مبارك، أو البرنامج النووي الإيراني، أو الرهان على ديمومة الاحتلال الأميركي في العراق، يتبنى الجيش الإسرائيلي نظرية أن عام 2012 سيكون عام «الحسم» في سوريا، مستنداً إلى مجموعة من المعطيات، تحدثت الاستخبارات العسكرية عن بعضها قبل أشهر خلت، تتمثل بحالات الفرار من الجيش السوري، وبتزايد أعداد رجال «الجهاد العالمي» في سوريا، في إشارة إلى تنظيم القاعدة والتيارات السلفية التي تتبنى نهجه.
وفي ظل هذا التقدير، الذي يتبنى أسوأ الاحتمالات، يحدد الجيش الإسرائيلي أن «التخوف الأساسي» الذي يقلق دولة الاحتلال في هذه المرحلة هو انتقال «المنظومة الاستراتيجية»، وتحديداً ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، إلى حزب الله أو أي جهات أخرى في سوريا تخشى المؤسسة الإسرائيلية من أن تستخدمها ضدها. وبحسب ضابط رفيع في الجيش، الذي عادة ما يُقصد به الإشارة إلى عضو في هيئة الأركان، فإن التقدير الأرجح الذي تتبناه المؤسسة العسكرية، هو أن المخزون العسكري السوري، سيبقى في أيدي الرئيس الأسد أو سيُنقَل إلى حزب الله.
أما في ما يتعلق بإيران، فرأى الضابط نفسه أن التساؤل الأساسي بالنسبة إلى إسرائيل الآن، لم يعد يتمحور حول أصل امتلاك الجمهورية الإسلامية القدرة على المضي في الطريق المؤدية إلى إنتاج أسلحة نووية، بل حول ما إذا كانت القيادة الإيرانية ستتخذ مثل هذا القرار، وخاصةً بعدما باتت كافة المقومات التي تمكن من تنفيذه جاهزة. أما لجهة التهديد المحدق بسلاح الدبابات الإسرائيلي، لفت الضابط الرفيع إلى أن ارتفاع مستوى تسلح الجيش السوري وحزب الله والمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة، بمنظومات صاروخية مضادة للدبابات، يمثّل «تهديداً لوتيرة الحرب المقبلة ومداها». في سياق متصل، حذَّر ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من أن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين باتت تمتلك أعداداً أكبر من الصواريخ التي تملكها حركة «حماس»، فضلاً عن كونها ذات أمداء أطول، ويصل بعضها إلى 74 كيلومتراً، أي إلى تل أبيب وما بعدها. ولفت الضابط أيضاً، إلى أن مستوى خبرة وإتقان رجال الجهاد ارتقت في الفترة الاخيرة. وحذر الجيش الإسرائيلي من إنه «إذا فقدت حماس السيطرة على الجهاد بنحو كامل، فقد يدفع ذلك الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ عملية عسكرية» كتلك التي شنها في نهاية عام 2008.