القاهرة ــ الأخبار ليس فقط سوء الأحوال الجوّية هو الذي أحاط بالساعات الأولى لجلسة محاكمة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، أمس، بل أيضاً أجواء الإحباط التي انتابت أسر شهداء الثورة خارج قاعة المحاكمة، في مقرّ أكاديمية الشرطة. مشاعر غضب مما عدّوه مسرحية ستنتهي ببراءة مبارك ورجاله، ولهذا هتفوا: «مسرحية مسرحية، العصابة هي هي. يا سيادة النائب العام، حسني دافع رشوة كام».
ربما حاولت النيابة التخفيف قليلاً من إحباط أسر الشهداء والمصابين، عندما قدّمت جانباً من مرافعة قانونية أكثر دقة وأفضل كثيراً من مرافعة سابقة إنشائية. مرافعة استغرقت ثلاث ساعات، وتستكمل اليوم بعد قرار رئيس محكمة جنايات القاهرة تأجيل الجلسة. وركزت على التكيف القانوني للوقائع، الأدلة والبراهين التي استندت إليهما النيابة، لتقديم المتهمين للمحاكمة، وشرح شهادات شهود الإثبات والتكييف القانوني للمتهمين وهم: مبارك ونجلاه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، إضافة إلى رجل الأعمال الهارب، حسين سالم.
كان سير المرافعة فنياً بالمعنى القانوني، لولا مفاجأة المستشار مصطفى سليمان، المحامي العام الأول في نيابات استئناف القاهرة، الذي قال إن «النيابة لم تتوصل إلى دليل مباشر للفاعلين في القضية؛ لأن الفاعل هو من يأتي فعلاً من الأفعال المكونة للجريمة، ويكون له دور على مسرح الجريمة، وهؤلاء المتهمون لم يكن لهم دور في مسرح الجريمة، ولكن التحقيقات خلصت إلى أن الفاعلين بصفتهم لا بأشخاصهم، ومن العسير، إن لم يكن من المستحيل، الوصول إليه».
واستطرد سليمان مخاطباً هيئة المحكمة، قائلاً إن «النيابة العامة طلبت من جهاز الداخلية، والأمن القومي، معلومات عما حدث، في أيام قتل الثوار، إلا أنهما تقاعسا».
بدأ بعدها المحامي العام بنيابة الاستئناف، المستشار مصطفى خاطر، في عرض الدلائل على تورط المتهمين في جرائم قتل المتظاهرين، مشدداً على أن «النيابة استمعت إلى ألفي شاهد، من جميع الفئات». وأكد أن «جميع المجني عليهم، قُتلوا وأُصيبوا غدراً في الميادين، أثناء التظاهرات السلمية». وأوضح أن من بين الشهود الذين يثبتون تورط المتهمين في قتل المتظاهرين، شهادة الشاهد الأول اللواء حسين سعيد موسى، مدير إدارة الاتصالات في قطاع الأمن المركزي، الذي «أدلى لنا بأنه أثناء وجوده في محل عمله سرق سمعه أوامر محددة وصريحة من اللواء أحمد رمزي، مساعد وزير الداخلية للأمن المركزي، لمدير إدارة الأمن المركزي في منطقة التحرير، بتزويد القوات بأسلحة آلية وذخيرة وخرطوش. كذلك صدرت أوامر لكافة القوات باستخدام كافة الأسلحة والتعامل وفقاً للموقف، وهذا يعني التفويض إليهم الوصول إلى الغرض الأساسي، وهو منع المتظاهرين من الوصول إلى الميادين».
من جهة ثانية، عرض المحامي العام المستشار وائل حسين ما يثبت تورط العادلي من واقع شهادة اللواء حسين عبد الحميد، مساعد وزير الداخلية لقوات الأمن، الذي قال لجهاز النيابة إن «العادلي اتخذ قراراً بقطع الاتصالات لمنع تواصل المتظاهرين في ما بينهم، وشهد باستخدام الشرطة للقوة ضد المتظاهرين».
في غضون ذلك، أفرجت النيابة العامة عن أحد نشطاء حركة «6 أبريل»، وأبقت ثلاثة آخرين على ذمة قضية اتهمتهم فيها بتوزيع منشورات تدعو إلى تعكير الأمن العام، ولصق ملصقات في الشوارع، تحرض المواطنين على الخروج في تظاهرات يوم 25 يناير. ونظم نشطاء الحركة وقفة احتجاجية أمس أمام مقرّ النيابة بالسيدة زينب، بمشاركة نشطاء، من حركة شباب من أجل العدالة والحرية.
على المستوى الانتخابي، رصدت «الأخبار» ضعف إقبال الناخبين في اليوم الثاني من الجولة الأولى في المرحلة الأخيرة للانتخابات البرلمانية، مع ارتفاع معدل الانتهاكات عن اليوم الذي سبقه، إضافة إلى مخالفة عدد من مرشحي الأحزاب السياسية، وخصوصاً حزب «الحرية والعدالة» لفترة الصمت الانتخابي، بالدعاية داخل اللجان الانتخابية، في معظم دوائر المحافظات التسع التي تجري فيها الانتخابات.