رام الله | بات من المؤكد أن اللقاء الفلسطيني والإسرائيلي الذي عقد في عمّان أول من أمس لن يكون يتيماً، رغم إدانة مختلف الفصائل الفلسطينية له، وفي مقدمتها «حماس»؛ إذ أعلن أمس أن لقاءً ثانياً سيجري الأسبوع المقبل، وستعقبه لقاءات أخرى حتى نهاية الشهر الحالي، بحسب ما قاله المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة.
وأوضح أبو ردينة أن «اللقاءات الاستكشافية ستستمر بمشاركة الأشقاء في الأردن، حتى نهاية الشهر الجاري». وشدد على أن الجانب الفلسطيني على استعداد لبذل كل جهد ممكن لاستئناف المفاوضات، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان وقف الاستيطان، بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، وقبول مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967 لإعطاء المساعي الأردنية الفرصة التي تستحقها لاستئناف المفاوضات.
بدورها، أكّدت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن ممثلي الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، سيعودان الى اللقاء مجدّداً في الأردن الأسبوع المقبل، حيث اتُّفق على ذلك في الاجتماع الأول بين مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق مولخو والمفاوض الفلسطيني صائب عريقات.
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إنه خلال الاجتماع الأول عرض عريقات التصوّر الفلسطيني بخصوص قضيتي الحدود والترتيبات الأمنية، فيما عرض مولخو الموقف الإسرائيلي بخصوص إطار المفاوضات، ووعد بأن تعرض إسرائيل مواقفها من قضيتي الحدود والترتيبات الأمنية في غضون الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.
وفي السياق، قال مسؤول فلسطيني مطلع على المفاوضات «إن هذا الاجتماع (الأول) لم يحمل أي جديد؛ لأن الوفد الإسرائيلي لم يقدم أي جديد خلال الاجتماع». لكنه أكد أنه «اتُّفق على أن يعقد اجتماع آخر في عمّان بحضور الرباعية وبرعاية أردنية».
هذه الرعاية الأردنية جاءت، وفقاً لصحيفة «هآرتس»، بسبب الخوف على أمن الأردن، بحيث قالت إن «إسرائيل شاركت في الاجتماع تلبية لدعوة لها وجهها الملك الأردني عبد الله الثاني». ونقلت عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله «إن عبد الله الذي عمل على عقد الاجتماع يخشى من احتمال اندلاع أعمال عنف بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن أن تهدد الاستقرار في الأردن».
ومع أن المعلومات تشير إلى عدم تحقيق أي اختراق في الاجتماع الأول، لكن صحيفة «إسرائيل اليوم» قالت إن مولخو قدّم لعريقات في اجتماع عمّان «وثيقة مبادئ» تضمنت 21 بنداً. وفيما رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الإفصاح عن مضمون هذه المبادئ، أشارت الصحيفة إلى أنها تتضمن على سبيل المثال الإصرار على الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في أي اتفاق شامل، وبضمن ذلك وجود إسرائيلي في غور الأردن. وأضافت أن إسرائيل تطلب عدم تحديد مدة المفاوضات، مشيرة إلى أن ذلك هو وصفة لفشلها بادعاء أن لدى الفلسطينيين ميلاً إلى المماطلة في المفاوضات حتى تاريخ معين وعدم التقدم بها.
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن الجانب الإسرائيلي طلب عقد لقاء بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن الجانب الفلسطيني يرفض ذلك في هذه الأثناء.
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فكشفت أن الجانب الفلسطيني خرج متشائماً بشأن آفاق المفاوضات بعد الاجتماع الأول. وأكدت أن «أعضاء الفريق الإسرائيلي في المقابل عبّروا بعده عن تفاؤلهم»، وأن هذا الأمر أحرج الفلسطينيين.
يأتي ذلك في وقت انتقدت فيه حركة حماس اللقاء الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، ووصفته بأنه «عبثي وعديم الجدوى»، مشيرة إلى أن المستفيد الوحيد منه هو حكومة بنيامين نتنياهو. وقال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، في بيان، إن «هذا اللقاء يعطي الغطاء للاحتلال وحملاته لتهويد القدس والمقدسات ونهبه للأرض وتصاعد غول الاستيطان، وهو مكافأة للعدو على مواصلة احتلاله وعدوانه، ومحاولاته المحمومة لفرض حقائق على الأرض».
كذلك رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نتائج لقاء عمان، وعدّتها استدراجاً للطرف الفلسطيني من جديد لدوامة المفاوضات العبثية نزولاً عند قرار حكومة الاحتلال برفضها أن تقدم رأيها بخصوص «الأمن والحدود» للرباعية الدولية، كما فعل الطرف الفلسطيني، وحصره بإطار المفاوضات الثنائية المباشرة من دون شروط مسبقة.
لكن على المستوى الدولي، لقيت لقاءات عمان ترحيباً واسعاً، وقال المتحدث باسم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إن الأخير «سيفعل كل ما في وسعه لإعادة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات المباشرة، سواء من خلال الجهود العلنية أو باتباع الطرق الدبلوماسية».
ومن بروكسل، وصفت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون، نتائج الاجتماع بالواعدة، وأكّدت «التزام الاتحاد الأوروبي المساهمة في دفع الجهود الرامية إلى تسوية النزاع في المنطقة».
ووسط الدعوات إلى التسريع في المصالحة الداخلية الفلسطينية بدل تضييع الوقت في المفاوضات، عُقد اجتماع جمع القيادي في حركة «فتح» نبيل شعث، والقيادي في حركة «حماس»، محمود الزهار، ليعلن الأول حدوث تقدّم فعلي في قضيتي المعتقلين السياسيين وجوازات السفر على اعتبار أن القضيتين شارفتا على الانتهاء.
كذلك عقدت اللجنة العليا للمصالحة الفلسطينية أول اجتماع لها في مدينة غزة. وبحسب المصادر، انعقدت اللجنة العليا للمصالحة المنبثقة من حوار القاهرة من 18 عضواً، ثلاثة من حركة «فتح» وثلاثة من «حماس» وثلاثة مستقلين وممثل عن كل فصيل فلسطيني.