رأى المحلل العسكري الباحث في معهد «يافا» للشؤون الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب، رؤوبين بدهتسور، أن الأهمية الاستراتيجية لغور الأردن زالت مع زوال الجبهة الشرقية، بينما نقل المعلق الأمني في صحيفة «هآرتس» أمير آورن، عن رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، تقديره بأن الوضع في الشرق الأوسط يوفّر لاسرائيل «فرصة استراتيجية».
وفي سياق الحديث عن التسوية مع الفلسطينيين والتنازلات المطلوبة، أشار بدهتسور الى أن التمسك الاسرائيلي برفض الانسحاب من غور الأردن يستند الى «مشرع آلون» الذي اعتبر، في حينه، ابقاء السيطرة على الغور بأيدي اسرائيل ضرورة لا يمكن التنازل عنها.
وأضاف بدهتسور، في مقالة نشرتها صحيفة «هآرتس»، إن أربعة عقود مرّت منذ ذلك الحين، تفككت خلالها الجبهة الشرقية، وزال معها خطر حرب الجيوش المنظمة، التي كان من الممكن ان تنطلق من أراضي الأردن، الأمر الذي أسقط أهمية غور الأردن كمنطقة عازلة في وجه هجوم عسكري بري ممكن من جهة الشرق.
ورأى بدهتسور، أننا بتنا في زمن تمثل فيه الصواريخ والقذائف الخطر الأساسي الآتي من الشرق، وبالتالي لم يعد هناك أهمية لاستمرار تواجد قوات الجيش في غور الأردن. أما لجهة مقولة عدم امكانية التنبؤ بالتطورات والتحولات في منطقة مثل الشرق الأوسط، الأمر الذي يفرض الاحتياط من وقوع هجوم عسكري بري من جهة الشرق ما يجعل البقاء الدائم في غور الأردن ضرورة أمنية، لفت بدهتسور الى أن القوات الاسرائيلية التي ستبقى في غور الأردن بشكل دائم ستكون محدودة العدد وفي وضع طوبوغرافي متدنٍ بسبب ظروف الطبيعة، ناهيك عن كونها مكشوفة للنيران من الشرق والغرب ومعرّضة لخطر الحصار بشكل دائم.
وفيما يتعلق بحرب العصابات و«الارهاب» فإن الطريقة الأنجع لمواجهتها، كما يقول بدهتسور، هي الدمج بين العمل الاستخباري والجدار الفاصل بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذي سيقوم، بالاستناد الى ترتيبات أمنية مشتركة، بحيث تصبح مصلحة الفلسطينين احباط تشكيل بنية إرهابية في الضفة الغربية، ومنع دخول إرهابيين من الاردن في حين تمنع قوات الأمن الاردنية دخولهم في الضفة الشرقية للنهر.
اما لجهة تهريب وسائل قتالية الى داخل حدود الدولة الفلسطينية، من جهة الشرق، فيرى بدهتسور انه الى جانب عمل الأردن وفلسطين في منع التهريب المذكور، يدعو أيضاً الى تعزيز السياج الحدودي على امتداد نهر الأردن والتواجد الاسرائيلي على المعابر اضافة الى اقامة محطّات إنذار مبكر على المناطق المرتفعة.
وأكد أيضاً على عدم التنازل عن السيطرة الإلكترو ــ مغناطيسية والجوية لإسرائيل، والتي ستساهم في جمع المعلومات الاستخباراتية.
وبناءً على ما تقدم، خلص بدهتسور الى أن مقولة نتنياهو بأنه لن يوقع على تسوية دائمة الاّ في حال شملت بقاء اسرائيل في غور الأردن، هي مقولة سياسية غير مستندة الى تحليل عسكري مهني.
ولفت الى أن الفائدة الأمنية لبقاء هذه القوات في الغور، ستكون هامشية اذا ما قيست بالمكسب الأمني الاستراتيجي الذي سيترتب على توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
من جهة أخرى، نقل المعلق الأمني في صحيفة «هآرتس» أمير آورن، عن رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، تقديره بأن الوضع في الشرق الأوسط يوفّر لاسرائيل «فرصة استراتيجية»، وانه خلافاً لما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات قبل الغزو الأميركي للعراق، وقبل الإطاحة بأنظمة عربية وقبل الأزمات العربية، لا يوجد اليوم أي دولة عربية يمكن ان تهدد اسرائيل.
فمصر غير مستقرة، وكذلك سوريا في حين أن الأردن، لم تشكل تهديداً منذ البداية، وتعيش صراعات. وبحسب ضابط كبير في الجيش، تحدّث أخيراً مع غنتس، فإن «الإسرائيليين أنفسهم بدأوا يفكرون في كيفية استغلال هذه الفرصة الإستراتيجية».
ولفت آورن الى أن غانتس لم يُشرِك الجمهور بخواطره مباشرة، ولم يفعل ذلك المتحدث باسم جيش الاحتلال، مشيراً إلى أن من فعل ذلك ضابط كبير في الجيش يُدعى، موطي ألموز، إضافة إلى رئيس الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، الجنرال مارتين ديمبسي، الذي تحدث قبل شهر، في لقاء مع رجال الأعمال في «وول ستريت جورنال» عن محادثته مع نظيره في الجيش الإسرائيلي. ويتابع آورن أن «الجيش الإسرائيلي ليس جيش الشعب، وإنما جيش الحكومة، فهي التي تقرر والشعب المجند ينفذ». ويضيف أنه من أجل إقناع «الشعب»، الذي ينتخب الكنيست، بصوابية قرارات الحكومة، تمتدح الأخيرة خبرة عناصر الجيش، والتي يُفترض أنها «مهنية نقية وبريئة من الربط السياسي».
لكنه يرى في الوقت نفسه أن ذلك «كذب متفق عليه، فعندما يريدون البقاء على قمة جبل محتل، يجلبون رئيس الأركان ليشرح أنه من دون محطة إنذار هناك سيتم اقتطاع كلية من الدولة. وعندما يكونون على استعداد لاستبدال مخاطر استمرار الصراع بمخاطر الانسحاب لأجل التسوية، يحضرون رئيس الاستخبارات العسكرية الذي يتعهد بإيجاد بديل تكنولوجي ملائم».
من جهة ثانية، اعتبر رئيس حزب «كاديما» شاؤول موفاز، محاولة تفجير الحافلة أول من أمس، في «بات يام» بداية موجة أخرى من «الاعتداءات» التي ارتُكِبت خلال الأشهر الأخيرة، مؤكداً أنها تنطوي على مؤشرات انتفاضة جديدة، ومشدداً على وجوب عدم الاستهتار بالأمر.
وأعرب موفاز، في مقابلة إذاعية، عن معارضته لاطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين، مشيراً الى أنه «ما من دولة ذات سيادة تُفرِج عن قتلة في الوقت الذي يتم فيه تفجير عبوات ناسفة في مدنها».
في المقابل انتقد موفاز الحكومة الاسرائيلية بسبب عدم تقديم مبادرات خلال المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وإفساح المجال أمام جنرال أميركي لتحديد الترتيبات الأمنية.