القاهرة – الأخبار قبيل 30 حزيران، غادر الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين، إلى السعودية، ومنها إلى الدوحة في خطوة احترازية لم تكن مفهومة حينها، مع استخفاف الجماعة وحلفائها بالتظاهرات التي دعا إليها مناوئوهم، لكن الشك طاول هذه الخطوة، فمنصب الرجل يضع في يده صلاحيات الإشراف على حركة أموال الجماعة عالمياً ومحلياً، وهو ما يستحق التأمين والحماية بحسب تصريح خاص لـ«الأخبار» من عضو سابق في اللجنة السياسية المركزية في الجماعة. علاوة على أنه ليس من الغريب على حسين الابتعاد عن مصر بالتزامن مع الأزمات العاصفة، حيث كان خارج البلاد أيضاً خلال الثمانية عشر يوماً الأولى من ثورة كانون الثاني 2011.
لم يكن اختفاء رموز الإخوان شهوراً وأسابيع، ثم ظهورهم فجأة على شاشة قناة الجزيرة، بمساحة حصرية للجماعة وقادتها، محض صدفة؛ فالشاشة التي ظهر عليها وزير الاستثمار السابق، يحيى حامد، قادماً من إسطنبول، شهدت أيضاً أول ظهور إعلامي لعاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وصاحب الخطابات التحريضية الشهيرة على منصة اعتصام رابعة وغيرها.
هرب عبد الماجد برفقة رئيس حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، طارق الزمر، جنوباً عبر الصحراء إلى السودان، ثم أقلتهما الخطوط القطرية من الخرطوم إلى الدوحة، حسبما أكد لـ«الأخبار» مقربون منهما.
أما وزير الشؤون البرلمانية السابق، ونائب رئيس حزب الوسط المتحالف مع الإخوان، محمد محسوب، فقد سلك الطريق البري نفسه إلى السودان، ثم غادر إلى إيطاليا دون ختم مغادرة أو تأشيرة دخول. وهو ما عرضه للاحتجاز والتحقيق ثماني ساعات في مطار روما، حيث حظي بمعاملة استثنائية كوزير سابق وعميد لكلية الحقوق بجامعة المنوفية، ثم غادر إلى الدوحة، منضماً إلى قائمة طويلة من المهاجرين إلى قطر.
خارج إطار التحالف المباشر بين الإخوان وبعض الإسلاميين في ما يعرف بـ«التحالف الوطني لدعم الشرعية»، لجأ إلى قطر أيضاً بعض رموز «ائتلاف شباب الثورة»، الذي تأسس في ميدان التحرير في 2011، وأُعلن حله ذاتياً على نحو رسمي في السابع من تموز 2012. بعضهم يحل ضيفاً منتظماً على شاشة «الجزيرة» الداعمة للإخوان، مثل محمد عباس وعبد الرحمن فارس.
التقارب الخليجي يهدد الملاذ القطري
يبدو أن قطر لن تبقى ملاذاً آمناً للفارين من الملاحقات الأمنية في مصر، فقد أوقفت السلطات القطرية منح مكاتب السياحة صلاحية تيسير الحصول على تأشيرة عمل للمصريين، وبدأت في تضييق الخناق على طالبي الإقامة. وعلى الرغم من التسهيلات التي يحصل عليها ضيوف شاشة «الجزيرة» في التأشيرات والإغداق المالي كمكافآت لظهورهم، إلا أن التجديدات في التأشيرة والإقامة المؤقتة مرتهن بدوام الظهور الإعلامي ما جعل بعض الوجوه شبه مقيمة في القناة، لا في الدولة.
من جهته، أشار مدير الأبحاث في المعهد الدولي للدبلوماسية الثقافية في دبي، أحمد أبو زيد، في حديث لـ«الأخبار»، إلى بوادر التغير في الموقف القطري تجاه مصر ودعم الإخوان المسلمين كنتيجة للتقارب الخليجي، بين قطر وسلطنة عمان من ناحية، والإمارات والسعودية من ناحية مقابلة. فبعد شهور من الجفاء والتلاسن الكلامي، وخصوصاً بعد أزمة الكلام المنسوب للأمير بندر بن سلطان، الذي وصف إمارة قطر بأنها «ليست سوى 300 شخص وقناة تلفزيونية، وأن هذا لا يمثل بلدًا»، كانت وجهة أول زيارة يقوم بها الأمير الجديد، تميم بن حمد، هي دولة الإمارات. وهي إشارة أن العلاقات بين الجارتين، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، لن تكون كما كانت خلال السنوات الثلاث السابقة. وهو ما اتضح جلياً في الدعم القوي الذي أولته قطر لمساعي دولة الإمارات وإمارة دبي لاستضافة معرض «إكسبو 2020»، وفق أبو زيد.
ويرى أبو زيد أن الدوحة راعت الحساسيات التي أبدتها كل من أبو ظبي ودبي بخصوص جماعة الإخوان المسلمين ونشاطاتهم المعادية والتخريبية والمحرضة ضد دولة الإمارات، وخصوصاً بعد قضية الخلية الإخوانية التي نظرتها محكمة أبو ظبي أخيراً. انعكس ذلك بصورة نسبية على الدعم المقدم من دولة قطر للإخوان وتيارات الإسلام السياسي في مصر، وبدأت اللهجة المؤيدة للإخوان في الانخفاض.