بالرغم من المساعي التي تبذلها واشنطن ودول الاتحاد الاوروبي، مع اقتراب موعد الدفعة الثالثة من تحرير المعتقلين الفلسطينيين ما قبل اتفاق أوسلو، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن التزام حكومته بمواصلة البناء في المستوطنات وتطوير المشروع الاستيطاني باستمرار ودون توقف، مضيفاً «إننا نبني دون توقف، وسنواصل البناء والتطوير في كل مكان بما في ذلك في المستوطنات».
وفي ما يتعلق بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية، كرر نتنياهو أمام مؤتمر الليكود، التزامه بعرض أي اتفاق يتم التوصل إليه مع الفلسطينيين على الكنيست وسيطرحه للاستفتاء العام، مؤكداً بأن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن لا يكمن في المستوطنات، وإنما في معارضة الطرف الفلسطيني الاعتراف بإسرائيل باعتبارها الدولة القومية للشعب اليهودي.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أن إعلان نتنياهو، يأتي في الوقت الذي تمارس فيه الإدارة الأميركية منذ أسابيع ضغوطاً على إسرائيل لمنعها من الإعلان عن موجة جديدة من البناء في المستوطنات، خاصة مع اقتراب موعد تحرير الدفعة الثالثة من معتقلي ما قبل اتفاق أوسلو. ونقلت هآرتس عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن وزير الخارجية الأميركية جون كيري، ومبعوث عملية السلام، مارتين أنديك، إضافة إلى مسؤولين أميركيين آخرين، طلبوا من نتنياهو، وجهات أخرى في إسرائيل، كبح نشر العطاءات عن بناء استيطاني جديد، قدر الامكان، في أعقاب تحرير الدفعة المقبلة من المعتقلين الفلسطينيين، خشية أن يؤدي ذلك إلى تفجير المفاوضات مع الفلسطينيين. ونقلت الصحيفة أيضاً عن مسؤول اسرائيلي قوله إن الأميركيين طلبوا من نتنياهو إيجاد طرق لتليين وكبح موجة البناء، مثل تأجيل نشرها لعدة أسابيع وأن لا يتم ذلك مباشرة بعد تحرير المعتقلين الفلسطينيين.
يأتي ذلك، بعدما صادق نتنياهو، في أعقاب الدفعة السابقة من تحرير المعتقلين الفلسطينيين، على مناقصات لبناء 5000 وحدة سكنية ما وراء الخط الاخضر، الأمر الذي أدى في حينه إلى تجميد الفلسطينيين المفاوضات مع إسرائيل لعدة اسابيع وهددوا بالاستقالة التامة عن المشاركة في محادثات السلام.
وتوضح هآرتس، في هذا السياق، أن الأميركيين يخشون بأن يجد الفلسطينيون المحبطون من المواقف التي قدمتها الإدارة الأميركية في موضوع الترتيبات الامنية، صعوبة في هضم مناقصات جديدة عن آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، وصولاً إلى حد إمكانية تفجيرهم للمحادثات.
من جهة أخرى، كشفت صحيفة هآرتس عن رسالة مفصلة وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، ضمَّنها اعتراضه على الاقتراحات الأخيرة التي حملها كيري إليه بشأن الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية واسرائيلية، أن الرسالة أتت بفعل خيبة الأمل العميقة لديه من المواقف التي عرضها كيري من هذه الترتيبات في الاتفاق الدائم.
وبحسب أحد هذه المصادر، خرج عباس من لقائه مع كيري في السادس من الشهر الجاري غاضباً للغاية وقد اتخذ قراره بتوجيه رسالة مباشرة للرئيس أوباما إلا أنه اكتفى في نهاية الأمر بتوجيه مذكرة غير رسمية، وعدم رفض اقتراحات كيري كلياً، وعدم إغلاق الباب أمام الوساطة الاميركية، وإفساح المجال أمام استمرار المفاوضات.
ولفتت هآرتس أن الرئيس عباس يظن أن بمقدوره عبر المذكرة غير الرسمية، التأثير على موقف الادارة الاميركية، خاصة لجهة «الاطار العام» للاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يعكف كل من انديك وكيري على بلورته على أن يتم عرضه في نهاية كانون الثاني المقبل، حيث من المتوقع أن يتضمن مبادئ لحل كل قضية من القضايا الجوهرية.
وبحسب هآرتس ايضاً، امتدت الرسالة المذكرة، على ثلاث صفحات تضمنت المواقف الفلسطينية بخصوص الترتيبات الامنية في اتفاق السلام الدائم، إضافة إلى الموقف من القضايا الجوهرية، مثل حدود الدولة الفلسطينية، المستوطنات، الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وغيرها من القضايا. وأوضحت هآرتس أن ما أغضب عباس، ليس تحديد كيري بالابقاء على القوات الاسرائيلية، لمدة عشر سنوات في غور الاردن، وإنما رهن سحبها أيضاً بوفاء الفلسطيني بتعهداته، وترك الخيار في نهاية المطاف لتحديد ذلك للجانب الاسرائيلي، الأمر الذي يعني منح إسرائيل حق الفيتو في إخراج قواتها وسحبها من غور الاردن.
إلى ذلك، ذكر موقف صحيفة معاريف أن نتنياهو اضطر إلى إيقاف أعمال بناء مقار جديدة للكليات العسكرية، على جبل المشارف في القدس المحتلة، بعد أن قدمت كل من المانيا والولايات المتحدة إنذاراً للحكومة الإسرائيلية بأن نقل هذه الكليات إلى ما وراء الخط الاخضر، سيدفعها إلى وقف التعاون مع هذه الكليات في حال أقيمت على أراض تم احتلالها عام 1967.
ولفت الموقع أن الجيش كان يعتزم نقل ثلاث كليات عسكرية إلى جبل المشارف، من بينها كلية الامن القومي، التي تستضيف ضباط وجنرالات أجانب يشكلون 15% من مجمل الملتحقين بهذه الكليات، الأمر الذي يرفع من مكانتها ويمنحها سمعة دولية جيدة.