دمشق ــ الأخبار يعيش أهالي مساكن عدرا العمّالية (شمال شرق دمشق) أحرج اللحظات داخل بلدتهم التي اجتاحها مسلحو المعارضة السورية الأسبوع الماضي. آخر الأخبار الواردة من المنطقة أكّدت إخلاء سكان الحي الشمالي والغربي، جرّاء الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري والمسلحين على أطراف المدينة. وتتحدث مصادر أهلية عن سيطرة الجيش على محاور عدة، في المدينة. ويتمركز قادة «جبهة النصرة» داخل مخفر البلدة، ويحتفظون بسكان مدنيين من النساء والأطفال في طبقات المخفر العليا، منعاً لاستخدام الجيش السوري مدفعيته الثقيلة، بهدف قصف «مقرّهم» المكشوف. ومع كل تقدّم جديد للجيش على أطراف البلدة، تُكتشف جثث جديدة للمدنيين الذين جرى ذبحهم على أيدي مسلّحي «جبهة النصرة» و«جيش الإسلام».

محاولات الاتصال التي نجح القليل منها بالتواصل مع سكان وسط البلدة القابعين في الأقبية، أظهرت سوء أوضاعهم. عدم تأدية الصلاة في موعدها، قد يؤدي إلى تهديد السكان المحتكّين مع مقاتلي «جيش الإسلام» بالقتل. ويقول بعض السكان إنهم يفضلون التعامل مع مسلّحي «النصرة» على التعاطي مع «جنود زهران علّوش» (قائد «جيش الإسلام») بسبب غِلظتهم. ويقول المدنيون الموجودون في وسط البلدة إنّ «المسلحين يعيثون فساداً بين الأهالي الذين يضطرون إلى سماع محاضرات دينية رديئة الصياغة».
وفيما أكّدت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» أنّ الجيش السوري سيطر على جسر بغداد عند طريق دمشق ـــ حمص الملاصق لـ«عدرا العمالية»، أعلن مصدر سوري رسمي لوكالة «فرانس برس» أمس، أنّ «الجيش السوري يحقق تقدماً في عدرا ويضيّق الخناق على الإرهابيين»، مضيفاً إنّ «العملية التي أطلقتها القوات النظامية الخميس مستمرة... الجيش أعلن تطويق المنطقة وبدأ اقتحام المناطق والأوكار التي يتحصن فيها الإرهابيون». وأضاف المصدر إنّ العملية «نوعية وتنفذ بدقة وتأنّ لأن المنطقة مأهولة بالسكان، وبطبيعة الحال يحاول الإرهابيون اتخاذ دروع بشرية منهم، والجيش يتعامل مع هذا الوضع». وفي السياق، أفاد مصدر عسكري لوكالة «سانا» الرسمية السورية بأنّ وحدات الجيش استهدفت أول من أمس، مجموعات مسلحة في مزارع المسيلحة في الرحيبة وفي محيط مدينة عدرا العمالية السكنية، وجنوب مؤسسة مياه عدرا وغرب بلدية عدرا وشمال شرق الضمير، وقضت على عدد كبير من المسلّحين. من جهتها، نقلت قناة «روسيا اليوم» عن مراسلها في دمشق عن مصادر عسكرية، رافقت الجيش السوري خلال عمليته في بلدة عدرا، أنّ مجموعات مسلحة من «لواء الإسلام» وكتائب أخرى تابعة لـ«جبهة النصرة» أعدمت نحو 80 مدنياً في هذه المنطقة خلال 3 أيام. ولا تزال المعارك مستمرة حتى الساعة، بحسب ما ذكر مصدر عسكري في «جيش الإسلام» لـ«الأخبار» من دون إضافة أي معلومات أخرى.
في موازاة ذلك، قصف سلاح الجو السوري بلدة الضمير المجاورة لعدرا، بحسب ما نقل مصدر معارض لـ«الأخبار». وتحدّث ناشطون معارضون عن مقتل عدد من المدنيين، بينهم أطفال، في غارة على الضمير.
وفي الوقت نفسه، استمر الجيش السوري بعملياته في منطقة يبرود (ريف دمشق)، آخر البلدات الكبرى التي يسيطر عليها المقاتلون في القلمون، والتي يتحصّنون فيها بعدما طردهم الجيش من قارة ودير عطية والنبك.
على صعيد آخر، ارتفعت وتيرة المعارك خلال اليومين الماضيين بين الجيش السوري والمسلحين في حلب، حيث قتل نحو 20 من المسلحين في اشتباكات هي الأعنف من نوعها في الأيام الأخيرة، شهدتها المنطقة الصناعية في الليرمون (شمالي غربي حلب). وتحدّثت مصادر المعارضة عن قصف استهدف مناطق دوار الحيدرية والصاخور وحي باب النيرب أوقع أكثر من 80 قتيلاً، بينهم أطفال.
وقال مصدر معارض لـ«الأخبار» إنّ قصف سيارات محملة بالذخائر بين منطقتي هنانو والحيدرية تسبب بوقوع ضحايا في صفوف المدنيين، والحق أضراراً كبيرة بالمنازل.
إلى ذلك، عاد التوتر إلى محيط سجن حلب المركزي وموقع مشفى الكندي حيث تصدت وحدات الجيش لهجمات المسلحين، موقعة خسائر فادحة في صفوفهم وفق مصدر عسكري. ولم تتوقّف الاشتباكات الداخلية بين الجماعات المسلحة المعارضة، حيث شهدت مدينة عندان، في ريف حلب، معارك عنيفة بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ومجموعات مسلحة محلية خلال اليومين الماضيين.
من جهة ثانية، أطلقت «الدولة الإسلامية» أول من أمس، 12 كردياً في مدينة أعزاز في ريف حلب القريبة من الحدود مع تركيا، إلا أنها لا تزال تعتقل 73 كردياً آخرين، بحسب ما نقلت مواقع تابعة للمعارضة.
وفي حماه، ذكرت مواقع تابعة للمعارضة وصفحات «التنسيقيات» على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «الدولة الإسلامية» اعتقلت أحمد بري، رئيس المجلس العسكري التابع لـ«الجيش الحر» في حماه. وانضم إلى «الدولة الإسلامية» القيادي البارز في هيئة الأركان ونائب رئيس المجلس العسكري في دير الزور صدام الجمل، بحسب شريط فيديو بثّ أول من أمس على موقع «يوتيوب». وعيّنت «الدولة» الجمل أميراً على البوكمال. وظهر صدام الجمل في فيديو مصور، مهاجماً «الجيش الحر» ومتهماً إياه بـ«محاربة الإسلاميين».
وفي دير الزور، ارتفع عدد القتلى في صفوف المسلحين، ولا سيّما في «الدولة الإسلامية»، إثر الاشتباكات مع الجيش في الريف الغربي للمحافظة. وأعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أول من أمس، إطلاق عمليات تحرير مدينة دير الزور تحت عنوان «غزوة الخير». وشرحت «الدولة»، في بيان لها، تفاصيل عملياتها التي استخدمت فيها عدداً من الأسلحة الثقيلة، وشارك فيها مئات المقاتلين، وبدأتها بثلاث عمليات انتحارية في منطقة عياش، شمالي غربي مدينة دير الزور.
وأشار البيان إلى أن كلاً من أبو أسامة التونسي، وأبو صهيب وأبو عوف الليبيين هم من نفذوا العمليات الانتحارية. يذكر أن منطقة عياش تضم مستودعات أسلحة تابعة للجيش السوري يريد مسلحو «الدولة الإسلامية» السيطرة عليها، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك خلال الهجوم الذي تكبدوا فيه خسائر فادحة في الأرواح، بحسب نشطاء معارضين.