الوجه الآخر لإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، السعي لاتفاق إطار بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، خلال الأشهر المقبلة، هو تأكيد إضافي على تعذر إمكانية التوصل الى اتفاق نهائي يشمل كافة القضايا الجوهرية المعلقة، بفعل تصلب حكومة بنيامين نتنياهو، وشروطه التعجيزية.
لكن قد يدور الحديث أيضاً عن خدعة تعرضت لها السلطة، لاستدراجها الى مفاوضات حول اتفاق مرحلي جديد بعد 20 سنة من اتفاق أوسلو الذي كان من المفترض أن يكون سقفه الزمني 5 سنوات، خصوصاً أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس التزم أكثر من مرة برفض أي اتفاق يتضمن إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، مشدداً على ضرورة بحث كافة ــ ما يسمونه ــ كافة القضايا النهائية.
لكن وصول المفاوضات الى مرحلة مفصلية وضعتها بين خيار إعلان الفشل أو ممارسة ضغوط جدية، اختارت الإدارة الأميركية، كما في كل محطة، أن يكون الثمن فلسطينياً. وبالرغم من عدم الكشف عن كافة ملامح اتفاق الإطار الذي أعلنه أوباما، لكنه يبدو أنه يهدف ــ في ما يهدف ــ الى تقديم المزيد من التنازلات الفلسطينية عبر إضفاء الشرعية على الاحتلال الاسرائيلي تحت عنوان الترتيبات الأمنية، وفي المقابل الإبقاء على القدس واللاجئين والمستوطنات، والسبب بحسب أوباما طمأنة الجمهور الاسرائيلي.
وهكذا، بدلاً من أن توجه إدارة أوباما ضغوطها نحو الحكومة اليمينية الاسرائيلية، دفع الرفض الفلسطيني، حتى الآن، لصيغة الترتيبات الأمنية، وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى استخدام إحدى أكثر الوسائل حدة كي يضغط على الفلسطينيين لإبداء المرونة: «تأخير عملية تحرير سجناء أوسلو الذين تبقوا في السجون الاسرائيلية»، حسبما ذكرت صحيفة «معاريف».
ونقلت الصحيفة أن «الفريق الفلسطيني المفاوض تلقّى بلاغاً من مكتب كيري عن تأجيل الدفعة الثالثة من المعتقلين الفلسطينيين التي كان من المقرر أن تتم في نهاية الشهر الجاري، لمدة شهر، موضحةً أن الطرف الفلسطيني وجد صعوبة في فهم ما الذي يقف خلف الخطوة، سوى أنها ورقة ضغط من واشنطن بعد رفض أبو مازن قبول صيغة الترتيبات الأمنية».
ولفتت «معاريف» الى أن الفلسطينيين انتظروا بشغف الاقتراح الأميركي الذي يؤدي الى التقدم في المفاوضات، سيما عندما وضع كيري، في زيارته العاشرة للمنطقة، على طاولة أبو مازن اقتراحاً يستند الى معبر مشترك إسرائيلي فلسطيني على الحدود الأردنية والى استمرار الوجود الاسرائيلي في نهر الأردن. غير أن الجهات الفلسطينية أوضحت أن ما دفع أبو مازن الى رفض الاقتراح، هو أن هذا الطرح يمثّل تخليداً للاحتلال الاسرائيلي.
ونقلت «معاريف» أيضاً عن المصادر الفلسطينية قولها إن كيري مصمم على بلورة بيان إسرائيلي فلسطيني مشترك ينص على تحقيق تقدم في المفاوضات، على أن يصدر الشهر المقبل، وضمن هذا الإطار يأتي تأجيل الدفعة الثالثة من المعتقلين الفلسطينيين، بهدف «إقناع» القيادة الفلسطينية بالموافقة على خطة الترتيبات الأمنية التي اقترحها.
وكجزء من «عملية تجميل» قرار تأجيل تحريرهم، ذكرت «معاريف» أن هناك احتمالاً بأن يتم توحيد الدفعتين الثالثة والرابعة، على أن يتم تحريرهم في كانون الثاني.
لكن في المقابل، تجدر الإشارة الى أن معنى هذا التوحيد هو أنه سيكون مطلوباً من السلطة الفلسطينية حسم موقفها من الصيغة الأميركية قبل هذا التاريخ.
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، رداً على ما أوردته صحيفة «معاريف» عن تأجيل كيري لتحرير الدفعة الثالثة من المعتقلين الفلسطينيين، أنه لن يكون هناك أي اتفاق من دون الأسرى والقدس وكافة قضايا الحل النهائي.
بدوره، أكد رئيس نادي الأسير قدورة فارس في حديثه إلى PNN أن «موقف النادي وعائلات الأسرى والحركة الأسيرة هو رفض هذا المقترح الجديد الذي ينطوي على الكثير من التلاعب»، مضيفاً أن «استخدام أسرى ما قبل أوسلو لتغذية كل المحطات التفاوضية أمر مرفوض كلياً ولن نقبل به ولن نسمح به».