تونس | لم يكن الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي ولا أحد من مستشاريه الستة والعشرين يعتقدون حجم ردود الفعل التي سترافق الكتاب الأسود الذي أصدرته رئاسة الجمهورية قبل أسبوع، ليس على مستوى النخب فقط، بل خاصة في مستوى الجمهور الرياضي الذي يعد بالملايين. فرغم أن هذا الكتاب مخصص لكشف منظومة الفساد الإعلامي في عهد الرئيس الأسبق بن علي، إلا أنه جرى حشر اسم «الترجي الرياضي». وأهمية هذا الحشر أن «الترجي» هو أعرق فريق رياضي تونسي يعود تأسيسه إلى سنة ١٩١٩ ويعد أنصاره بالآلاف، وقد عرف بتتويجاته المتتالية، ليس على المستوى التونسي فقط، بل على المستوى والعربي والأفريقي والدولي.
إلا أن رئاسة الجمهورية عدّت «الترجي» من بين الجمعيات المتورطة في «الفساد»؛ لأنها دعمت ترشح بن علي في انتخابات ٢٠٠٤، وهي الانتخابات التي دعمته فيها كل الفرق الرياضية مهما كان حجمها، كبيرة كانت أو صغيرة.
لكن المفارقة في «الكتاب الأسود» أنه لم يُذكَر فيه سوى فريق الترجي، وهو ما أجج غضب أنصاره على الرئيس المؤقت الذي توعدوه بتنظيم استعراض للتنديد به في المقابلة التي كان يفترض أن تجرى أمس مع فريق النادي الصفاقسي (صفاقس العاصمة الاقتصادية للبلاد). إذ أعد لـ«الدخلة»، وهي طريقة استعراضية اعتادت الجماهير الرياضية التونسية أن تبدأ بها المقابلات الرياضية، لكن وزارة الداخلية اضطرت إلى تأجيل المقابلة إلى حين مرور بعض الأيام على صدور «الكتاب الأسود» حتى ينخفض مستوى الغضب بين آلاف الأنصار من الذين اعتبروا أن هذا الكتاب إهانة لهم و«حشروا فريقهم في تجاذبات سياسية». وكانت جمعية أحباء الترجي قد طالبت رسمياً من الرئيس المؤقت الاعتذار للفريق، وهو ما لم يقم به إلى حد مساء أمس، بينما أكد مقربون من نقابات الأمن لـ«الأخبار» أمس أن المرزوقي يقف وراء تأجيل المقابلة خوفاً من اندلاع الغضب بعد أن تسربت معلومات تؤكد إعداد أنصار الترجي لشعارات وأهازيج تندد بالرئيس وتمجد الفريق الرياضي.
إلى ذلك، رأى محللون أن المرزوقي ارتكب خطأً سياسياً فادحاً حين استعدى فريقاً في شعبية الترجي وعراقته؛ إذ يبدو أن حقد الرئيس على صهر الرئيس الأسبق الذي كان رئيساً لأعرق الفرق الرياضية التونسية سليم شيبوب، اللاجئ في دولة الإمارات منذ سقوط نظام بن علي، هو الذي دفعه إلى ارتكاب هذا الخطأ الذي قد يشعل البلاد.