يوم دامٍ عاشته «الأحياء الآمنة» من مدينة حلب أمس. 21 شهيداً مدنياً، وعشرات الجرحى، سقطوا نتيجة «هَطل» عشرات قذائف الهاون على مختلف أحياء المدينة. وهرع مئات المواطنين لمعرفة مصير أقاربهم وأبنائهم في مشفى الجامعة الواقع في مدينة حلب، بعدما شهد دوار الباسل في حي الفرقان سقوط صاروخين، فيما شهدت مناطق أخرى كالميريديان والميدان والسليمانية وسيف الدولة سقوط قذائف أخرى أوقعت المزيد من الضحايا. معظم من صدمتهم هجمات المسلحين، وضعوا الأمر في خانة «انتقام المعارضة بعد فشلها في تحقيق تقدم في الريف الجنوبي أو في حي الشيخ سعيد».
كذلك تعرّض مستشفى الكندي شمال المدينة فجر أمس لهجوم انتحاري في عربة مدرعة محملة بأطنان من المواد المتفجرة، نجم عنه انهيار أجزاء من المبنى الذي تحرسه وحدة من الجيش بعد خروجه من الخدمة نتيجة نهبه من قبل المسلحين وسرقة معداته الطبية.
الهجوم الانتحاري أعقبته محاولة عشرات المسلحين اقتحام المبنى لتستمر المعارك التي تدخّل فيها سلاح المدفعية لغاية ساعة متأخرة من الليل دون أن يتمكن المسلحون من التقدم واحتلال المبنى الذي تحرسه قوة صغيرة من الجيش.
وكشف النقاب عن مجزرة راح ضحيتها ما يقارب ثلاثين شخصاً في قرية مزرعة البيفات (جنوبي حلب) خلال «غزوة الفتح» التي كانت تستهدف قطع طريق حلب - خناصر، حيث ارتكب مسلحون معارضون مجزرة مروعة بحق أبناء عشيرة «العساسنة».
وقال مصدر أهلي لـ«الأخبار» إن الفاعلين «هم من أرباب السوابق في تجارة المخدرات من الذين أطلقوا لحاهم في الفترة الأخيرة وأصبحوا من غلاة المتطرفين».
في موازاة ذلك، نعت قيادة «المجلس العسكري الثوري» في حلب وريفها، مساء أمس، القيادي «أبو عبد الله»، واسمهُ الحقيقي «عبد الرزاق مشعل»، وذلك إثر اغتياله من قبل مجهولين بالقرب من خان العسل في الريف. وكان «أبو عبد الله» في زيارة قبل أيام لجبهة الشيخ سعيد، كذلك فإنه كان جزءاً من غرفة عمليات خان العسل، واليد اليمنى للعقيد عبد الجبار العكيدي قبل استقالة الأخير من رئاسة المجلس العسكري في حلب، حسبما نقلت مواقع تابعة للمعارضة. يأتي هذا في وقت اختطف فيه عناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» مواطنين أكراداً في مدينة مَنْبِج، بينهم فتيات من مدرسة ابتدائية.
وفي درعا، قُتل ربيع أبا زيد، أحد قادة «لواء التوحيد» بنيران مسلحي «جبهة النصرة»، حسبما نقلت مواقع تابعة للمعارضة.
الغوطة الشرقية والقلمون
على صعيد آخر، استمرت المعارك في بلدات الغوطة الشرقية والقلمون في ريف دمشق. وقتل أمس، اللبناني أحمد الحجيري، إضافة الى 13 مسلّحاً في كمين نصبه الجيش السوري بين ريما والنبك في القلمون. ومشّط الجيش المزارع المحيطة بالنبك، التي لا يزال ينتشر فيها المسلحون. وطاول بلدة يبرود المجاورة قصف جوي عنيف. وتمكّن الجيش من التوغل في مزارع ريما القريبة من يبرود، التي تعد معقلاً لمسلحي «جبهة النصرة» و«الدولة الأسلامية في العراق والشام». وقالت مصادر عسكرية إن الجيش عثر على مستودعات أسلحة ضخمة، وعلى سيارات مفخخة، في المنطقة.
وفي معلولا، أكّد مصدر في «الجيش السوري الحر» أن «اشتباكات عنيفة لا تزال قائمة مع الجيش». ولا يزال مصير راهبات دير مار تقلا المخطوفات مجهولاً لليوم الثالث على التوالي. ووجه البابا فرنسيس أمس، نداءً من أجل الراهبات المخطوفات في بلدة معلولا ومن اجل «كل الاشخاص الذين خطفوا بسبب النزاع» في هذا البلد، وقال: «نصلي من أجل الأخوات وكل الذين خطفوا بسبب النزاع. لنواصل الصلاة والعمل معاً من أجل السلام».
وفي الغوطة الشرقية، استمرت المعارك في قرى وبلدات عدة، ولا سيما في دير السلمان والقيسا. وفي هذا السياق، يقول مصدر سوري رسمي لـ«الأخبار» إن «العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة كانت تحت قيادة سعودية». ولا تقتصر الأدلة على هذه القيادة على وفاة نجل مسؤول سعودي أو مقاتلين آخرين في المعارك؛ إذ يكشف المصدر أن «الجيش حصل على مراكز تحوي تجهيزات متطوّرة، هي عبارة عن أحدث غرف العمليات الموصولة بالأقمار الصناعية، تحت إشراف مسؤولين عسكريين في السعودية». غير أن هذه المراكز التي كانت على اتصال مباشر مع الجهات الإقليمية، لا تدير عمليات الغوطة الشرقية فقط، بحسب المصدر. ففي بلدة الحجيرة (الغوطة الغربية) ومهين (ريف حمص)، «عثر على مثل هذه الغرف التي كانت تحوي أيضاً خرائط ومخططات لعمليات مرتقبة كان المسلحون يحضّرون لها في مختلف المناطق»، مضيفاً أن «ما كشف شكّل صدمة وإحباطاً كبيرين لدى المسلحين، الذين هربوا باتجاه القلمون والغوطة الشرقية». ويؤكّد قائد ميداني بارز أن «العدد الكبير من المقاتلين في معارك مهين والقلمون كان من العرب غير السوريين»، لافتاً «إلى أن غالبية هؤلاء تلقوا تدريبات عسكرية عالية المستوى، فضلاً عن كون جزء لا بأس به منهم اكتسب خبرة قتالية في العراق وافغانستان».
(الأخبار)