ما يميّز سياسة التهويد التي تمارسها الدولة العبرية في المناطق المحتلة عام 1948، بما فيها النقب، عن تلك التي تنفذها في الاراضي المحتلة عام 67، أنها تضفي على الأولى عنوان تطبيق القانون، وبالتالي يجري تصوير المعترضين كما لو أنهم «مشاغبون» و«خارقون للقانون».
فقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن حكومته «ستعاقب» المتظاهرين، خصوصاً في الأراضي المحتلة عام 1948، وأنها ستواصل إجراءات تشريع قانون «مخطط برافر» الاقتلاعي.
ووصف نتنياهو المتظاهرين الغاضبين بأنهم مخالفون للقانون، وأن حكومته لن تتساهل مع «أعمال الشغب». وقال: «لن نسمح لأقلية عنيفة بمنع الأكثرية من مستقبل أفضل، مدّعياً أن مخطط برافر العنصري هو لمصلحة جميع سكان النقب، اليهود والعرب.
في المقابل، اعترفت قيادة الشرطة الاسرائيلية بأنها لم تتوقع هذا الحجم من المشاركة والغضب الفلسطيني، على لسان قائد لواء الجنوب، الذي أكد أن «ما نشهده اليوم هنا يفوق كل ما اعتدناه». كذلك هدد وزير الامن الداخلي، يتسحاق اهارونوفيتش، بأن الشرطة لن تسكت على ما حدث، متهماً المتظاهرين بأنهم لم يأتوا للاحتجاج، وأن الشرطة الإسرائيلية ستعاقب المتظاهرين وستتعقبهم فرداً فرداً.
من جهته، رأى وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، على صفحة «فايسبوك»، أن ما يحدث اليوم هو في الواقع حرب على أراضي «الشعب اليهودي» التي يسعى البدو، السكان الاصليون للمنطقة، الى «سرقتها والاستيلاء عليها بالقوة».
وفي محاولة لتبرير اقتلاع السكان البدو من أراضيهم، اخترع ليبرمان لهم حلاً بالبناء من عدة طبقات، معتبراً أنه لا يوجد أدنى سبب يمنع أهالي أم الفحم من ذلك. ودعا ليبرمان الدولة العبرية الى أخذ زمام المبادرة وأن تبني للسكان العرب مدناً عصرية مع بنى تحتية، وألا تبقى تراخيص البناء مقصورة على اليهود.
وخلص ليبرمان إلى القول إنه على ضوء ما يحدث يجب إعادة النظر في المخطط كله ودراسة وضع خطة جديدة تلغي الامتيازات التي كان يُفترض أن يحصل عليها البدو، فإذا لم تكن هناك موافقة كاملة على المخطط فلن تكون أي امتيازات.
الى ذلك، واصلت رئيسة لجنة الداخلية ميريت ريغيف، في الكنيست، التحريض على الفلسطينيين في أراضي 1948 وعلى قياداتهم، متهمة إياهم بتحريض البدو في النقب. ورأت أن «الحديث يدور عن حفنة خطيرة وهوجاء من الجمهور العربي والبدوي»، وأن الفلسطينيين البدو في النقب يتعرضون لحملة غسل دماغ وتحريض ضد شرعية القانون.
من جهته، رأى رئيس حزب كديما، عضو لجنة الخارجية والأمن، شاؤول موفاز، أن «قضية إسكان البدو تنطوي على أهمية وطنية، ويجب تسوية الامر بصورة متفق عليها». ودعا الى ضرورة تسوية هذه القضية من منطلق الحساسية وبطريقة تنال تقدير المواطنين البدو لما تقوم به دولة إسرائيل من أجلهم.
أيضاً، أعرب عضو الكنيست عن حزب الليكود، رؤوبين ريفلين، عن أسفه لوجود عناصر لدى الجانبين تحاول دق إسفين بين المواطنين البدو والدولة.
أما رئيس اللوبي من أجل البدو عضو الكنيست عومير بار ليف، من حزب العمل، فقال إن التظاهرات تعود الى فقدان المواطنين البدو الثقة بالدولة بسبب طريقة معاملتهم على مرّ السنين، وبسبب إقرار القانون الذي يفرض حلولاً عليهم.
ودعا الى القيام بخطوات وبوادر حسن نية جديدة تجاه الوسط البدوي من أجل تعزيز ثقته بالدولة والعمل على تسوية قضية الاراضي من خلال الحوار وليس بفرض الحلول.
وكان نحو ألفي شخص في أراضي الـ48 والقدس الشرقية المحتلة وقطاع غزة قد تظاهروا ضد مشروع القانون الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهجير عشرات آلاف البدو وإزالة قراهم في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.
وتحولت هذه التظاهرات إلى مواجهات بالحجارة مع عناصر الشرطة الإسرائيلية أدت إلى اعتقال نحو خمسين متظاهراً وأسفرت عن إصابات طفيفة في صفوف رجال الشرطة.
وأفادت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية، لوبا السمري، أنه «بلغ مجموع المعتقلين 49، وأصيب 16 شرطياً بجروح خفيفة»، حسب وكالة «فرانس برس».
من جهته، رأى عضو الكنيست محمد بركة، رئيس «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، خلال مشاركته في تظاهرة حورة، أن «العدوان البوليسي العسكري كان مخططاً له. فمن المفترض أن هذه تظاهرة غاضبة وسلمية، ولكن الشرطة وحرس الحدود أحضروا إلى المكان قوات ضخمة جداً مدجّجة بكل أشكال الأسلحة والقمع، إضافة إلى فرقة الخيالة، وفوقها مروحيات تحوم فوق المتظاهرين».
إلى ذلك، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مدينة رام الله أمس، رئيس حزب العمل، زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحق هيرتسوغ.
وقال المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، «إن الرئيس عباس أطلع الضيف على آخر مستجدات العملية السياسية، والمفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية».