سادت حالة من الغضب أمس احتجاجاً على السياسة التي مارستها قوات الأمن في جامعة القاهرة أول من أمس وسببت مقتل طالب في كلية الهندسة. ويبدو أن إصدار السلطات المصرية لقانون التظاهر، الذي أرادت من خلاله محاصرة جماعة «الإخوان المسلمين» وإخماد تظاهراتها، سيعود بنتيجة عكسية، حيث إنه يسبب اندلاع احتجاجات جديدة، من فئات كانت داعمة لعزل الرئيس محمد مرسي. وتواجه حكومة حازم الببلاوي التي عُينت إثر إطاحة مرسي انتقادات واسعة تتهمها بتقويض الديموقراطية. ويمكن أن تؤدي الانتقادات الآخذة بالتزايد إلى تفكك الحلف الذي تشكل عقب عزل مرسي بين الجيش وأجهزة الأمن من ناحية والليبراليين الديموقراطيين من ناحية أخرى قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المنتظر أن تجري العام المقبل. وتطبيقاً لقانون التظاهر المثير للجدل، أطلقت الشرطة المصرية الغاز المسيل للدموع في القاهرة وعدد من المدن المصرية أمس لتفريق تظاهرات نظمها «الإخوان» في تحدٍّ للقانون الجديد الذي يحظر التظاهرات غير المرخص لها.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد أنصار مرسي في حيّ المهندسين في القاهرة وعلى طريق رئيسي مؤدٍّ إلى الأهرامات وفي محيط قصر القبة الرئاسي شمال شرق العاصمة. وردّ المتظاهرون برشق الشرطة بالحجارة وإحراق الإطارات، فيما أُلغيت التظاهرة الرئيسية في حيّ مدينة نصر من دون إعلان الأسباب.
وخلال التظاهرات، أحرق أنصار «الإخوان» نقطة شرطة عثمان محرم في شارع الطالبية في الهرم بعد انسحاب قوات الأمن منه. وقالت مصادر مسؤولة في مديرية أمن الجيزة، إن قوات الحماية المدنية، نجحت في إخماد النيران، مشيرة إلى أن قوات الأمن ألقت القبض على أحد مثيرى الشغب المشتبه به في مشاركته في حرق نقطة شرطة عثمان محرم، عقب السيطرة على الحريق، حيث وجد مختبئاً بجوار النقطة المحترقة.
وفرقت الشرطة أيضاً تظاهرات لأنصار مرسي في مدن السويس والمحلة وقنا والفيوم.
وقال مسؤول أمني: «قُبض على عدد من مثيري الشغب يناهز 60 حتى الآن»، وذلك بعد «التعدي على قوات الأمن بالحجارة وقنابل المولوتوف وأسلحة الخرطوش».
ولم تعلن وزارة الصحة المصرية أي حصيلة لقتلى أو جرحى سقطوا في مواجهات الجمعة.
من جهة ثانية، تجمع عشرات النشطاء في ميدان طلعت حرب، أمس، لرفض «قانون التظاهر»، فيما خلا الميدان من وجود قوات الأمن، وانتظمت حركة مرور السيارات. وفي سياق متصل، طالب رئيس اتحاد طلاب مصر، محمد بدران، النائب العام المستشار هشام بركات، بفتح تحقيق عاجل وفوري بمقتل طالب الهندسة في جامعة القاهرة، محمد رضا، أثناء تظاهرة طلابية، مؤكداً أن التحقيق لا بد أن يكون على أوسع نطاق مع جميع الجهات المسؤولة، وخاصة وزارة الداخلية.
إلى ذلك، أكد مجلس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، انسحاب رئيس الاتحاد هشام أشرف، من لجنة الخمسين لتعديل الدستور، احتجاجاً على السياسة التي مارستها قوات الأمن، التي بدورها انتهكت حقوق الطلاب المحتجين على قانون التظاهر، وسببت مقتل طالب بخرطوش في ظهره.
وينظم الاتحاد وقفة احتجاجية أمام مبنى القبة، يوم الأحد القادم، تنديداً «بالانتهاكات التي تمارسها وزارة الداخلية ضد المتظاهرين تحت بند قانون التظاهر». وعلى جانب آخر، أعلن مجلس اتحاد طلاب جامعة عين شمس، رفضهم دخول قوات الداخلية للحرم الجامعي لأي سبب.
واستنكر الاتحاد في بيان تخاذل إدارة الجامعات عن إنصاف الطلاب، وعدم الوقوف بجانبهم، فضلاً عن تحويل الطلاب لمجالس تأديب على خلفية آرائهم السياسية. مشيراً إلى أنه سيجري التنسيق مع كافة جامعات القاهرة الكبرى، للقيام بوقفات ومسيرات متزامنة وفق جدول زمني أمام إدارات الجامعات للمطالبة بالإفراج عن الطلبة المقبوض عليهم.
ورأى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية اسكندر عمراني ان التطورات الاخيرة تضعف التحالف الذي تشكل ضد «الإخوان» بين الجيش وأجهزة الأمن والليبراليين الديموقراطيين بدلاً من أن تعضده وتؤدي إلى فقدانه تأييد بعض أنصاره. وأوضح أنه «خلال السنوات الثلاث الاخيرة، كان عنف الشرطة سبباً للكثير من الازمات السياسية وما زالت الامور تدور في الدائرة نفسها».
من جهته، اكد الاتحاد الدولي لحقوق الانسان أنه أحصى الثلاثاء الماضي عدداً من حالات التوقيف والاحتجاز وضرب متظاهرين، مشيراً إلى «تحرشات جنسية ضد نساء ورجال شاركوا في التظاهرات».
واتسعت دائرة النقد الدولي للأحكام القاسية التي تصدر بحق مناصرين لـ«الإخوان»، وطالبت منظمة العفو الدولية في بيان السلطات المصرية بالإفراج «الفوري وغير المشروط» عن 21 فتاة من الجماعة حكم على 14 منهن بالسجن 11 عاماً، معتبرة الأحكام دليلاً على «تصميم من السلطات المصرية على معاقبة المعارضين».
وقالت نائبة مدير منظمة العفو الدولية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا، حسيبة حاج صحراوي، إن «تلك السيدات والفتيات ما كان يجب اعتقالهن من الاساس. هن الآن معتقلات رأي ويجب أن يطلق سراحهن على الفور ودون شروط».
من جهتها، أكدت مستشارة الرئيس المصري لشؤون المرأة، سكينة فؤاد، أنها طلبت من الرئيس المؤقت عدلي منصور، العفو عن الفتيات، موضحةً أن العفو لا يمكن أن يحصل إلا بعد صدور الحكم النهائي في القضية.
داخلياً، تدخلت قوات الأمن لوقف مواجهات طائفية عنيفة اندلعت أول من أمس بين مسلمين وأقباط في إحدى قرى محافظة المنيا (جنوب مصر) بسبب قصة حب بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، حسبما افادت وكالة انباء «الشرق الاوسط».
وتجددت أمس الاشتباكات بين المسلمين والاقباط في قرية نزلة البدرمان في مركز ديرمواس بالمنيا، حيث أحرق منزلان لأقباط غداة مقتل شاب مسلم وإصابه ستة آخرين خلال المواجهات العنيفة التي شهدتها القرية.
وفي ما يتعلق بالدستور الجديد، أفاد المتحدث باسم لجنة الخمسين لتعديل الدستور، محمد سلماوي، بأن رئيس اللجنة، عمرو موسى، شدد خلال اجتماع هيئة المكتب، على أنه يجب الانتهاء من عملية التصويت كاملة على مواد الدستور، قبل الثلاثاء المقبل، مشيراً إلى أن التصويت النهائي يبدأ (اليوم) السبت.
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)