يبدو أن قانون التظاهر المثير للجدل، الذي أصدرته السلطات المصرية أخيراً، لم يكن الهدف منه تنظيم التجمعات، بقدر ما هو وسيلة لزيادة الضغوط على جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات المتشددة التي قررت الدخول في مواجهة شاملة مع السلطات الجديدة، تبدأ بتظاهرات سلمية أو عنفية، وقد لا تنتهي بحمام دم، ضمن المسلسل المستمر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 تموز الماضي. وبعد المواجهة الأولى والأخيرة بين السلطات المصرية ونشطاء شباب على خلفية قانون التظاهر، التفّت السلطات، أول من أمس، حول الدعوة التي وجّهتها بعض الحركات الشبابية للتظاهر ضد القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبموعد يقل عن 24 ساعة من الدعوة، عبر الادعاء بأنها تلقّت إخطاراً ووافقت عليه. ثم سمحت، أمس، لنشطاء من أعضاء اتحاد شباب حزب التجمع وحركة كفاية بتنفيذ وقفة احتجاجية أمام مجلس الشورى من دون إخطار، كما سمحت لنشطاء سياسيين بالتظاهر في ميدان طلعت حرب وسط القاهرة للتنديد بقانون التظاهر الجديد رغم وجود قوات الجيش التي لم تحتك مع منظمي التظاهرتين غير المرخصتين. في المقابل، حذّرت السلطات جماعة «الإخوان» من تنظيم تظاهرات دعت إليها أمس من دون الحصول على إخطار مسبق من الجهات الأمنية، مؤكدةً أنها ستتعامل مع جميع المخالفين بـ«حسم وحزم».
ورفع النشطاء المتظاهرون عدة مطالب، منها: إسقاط قانون التظاهر الجديد، وإلغاء مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين بالدستور، والإفراج عن المحتجزين على خلفية أحداث مجلس الشورى الثلاثاء الماضي.
وقال محمود دسوقي، عضو اتحاد شباب حزب التجمع، لوكالة «الأناضول»، إنهم معترضون على إصدار النيابة العامة قراراً بضبط وإحضار مؤسس حركة «6 إبريل»، أحمد ماهر، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، لاتهامهما بخرق قانون التظاهر. ووصف ما يجري بأنه «عار» على السلطة الحالية التي «باتت تعطي مؤشرات قوية على نيتها إعادة الدولة البوليسية القمعية»، مضيفاً «لن نصمت على ما جرى بحق النشطاء، لأنه يمثل ردة على مكتسبات الثورة وسيطال الجميع». وهدد بأن الحكومة «إن لم تتراجع عن هذا القانون، فستدفع الثمن كما دفعته الأنظمة السابقة».
وفي تحدٍ جديد للسلطات، يُنبئ عن إمكان حدوث مواجهات دامية، دعت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها إلى المشاركة اليوم في ما سمّته «مليونية القصاص قادم» لمناسبة مرور 100 يوم على مقتل 36 مسجوناً في قافلة ترحيلات كانت متوجهة إلى سجن أبو زعبل. كذلك دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» في مصر إلى التظاهر غداً تحت عنوان «حرائر مصر أقوى»، تضامناً مع المراهقات المؤيدات لمرسي اللواتي حكم عليهن بالسجن أكثر من 11 عاماً أول من أمس.
لكن وزارة الداخلية سارعت إلى إصدار بيان قالت فيه إنها «رصدت دعوة عناصر جماعة الإخوان لأنصارها للقيام بعدد من المسيرات في القاهرة والجيزة، عقب صلاة الجمعة، والاحتشاد في محيط قصر القبة، وذلك من دون إخطار أقسام ومراكز الشرطة المختصة أو الحصول على الموافقات الأمنية أو اتباع الإجراءات القانونية المنظمة لهذا الشأن». وأضافت أنها «ملتزمة بدورها في إنفاذ القانون، واحترام جميع إجراءاته وضوابطه، وتحذر الجميع من الإقدام على تنظيم أي فعاليات أو تجمعات أو مواكب أو تظاهرات مخالفة للقانون، من دون إخطار مسبق للجهات الأمنية المعنية». وأكدت أنه «سيتم التعامل مع تلك الفعاليات غير القانونية والتصدي لها بالقدر المناسب من الحسم والحزم، ووفقاً لما كفله القانون».
وفي سياق المعركة القائمة بين السلطات والإخوان، أعلن رئيس جامعة الأزهر، أسامة العبد، أنه تمت إحالة 210 من طلابها على مجلس التأديب، وحرمان 70 طالباً من السكن في المدينة الجامعية، والإخلاء الفوري لهم من المدينة، بسبب مشاركتهم في الاشتباكات في الجامعة.
وفي تظاهرات نظمتها حركة «طلاب ضد الانقلاب» المؤيدة لمرسي أمس في جامعة القاهرة، تضاربت الأنباء عن مقتل طالب في السنة الأولى من كلية الهندسة، ليكون، إذا صح الخبر، أول قتيل في تظاهرة غير مرخصة منذ بدء سريان قانون التظاهر الجديد.
وأعلن رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، هشام أشرف، أن «الطالب محمد رضا عبدالجواد قتل نتيجة الإصابة بطلق خرطوش في الرقبة، وأن قوات الشرطة ألقت القبض على زميله الذي كان يقف بجواره». وأكدت الأجهزة الصحية المصرية مقتل الشاب وإصابة 21 طالباً بجروح في اشتباكات محيط جامعة القاهرة.
وفي السياق، أحالت النيابة العامة المصرية المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و4 قياديين إخوانيين و29 آخرين من أنصار جماعة الإخوان على المحاكمة، مؤكدةً أن تحريات الأمن الوطني «كشفت أن عدداً من قيادات الإخوان أصدروا تعليمات مباشرة للجماعة في قليوب لحشد وتجميع مجموعات مسلحة وتحريضهم على قطع طريق مصر إسكندرية الزراعي وتعطيل المواصلات العامة واستخدام القوة لنشر الفوضى وتكدير الأمن العام وترويع المواطنين والإضرار بالمصلحة العامة». إلى ذلك، أعلن الأمن المصري ضبط أحد التنظيمات الإرهابية يطلق على نفسه اسم «كتائب الفرقان الجهادية» المتهم بتنفيذ 13 عملية تخريبية في نطاق محافظة الإسماعيلية شمال شرق البلاد. وقالت مديرية أمن الإسماعيلية في بيان إن أعضاء الخلية اعترفوا بتنفيذ 13عملية «تخريبية وإرهابية»، أبرزها تفجير مبنى المخابرات العسكرية في الإسماعيلية، وقتل 16 من ضباط وقوات الجيش والشرطة، وإصابة عدد آخر، في هجمات متفرقة، وتفجير خط الغاز الطبيعي الموصل بين القاهرة ومدن قناة السويس والعريش خلال الأشهر الثلاثة الماضية.