القاهرة | أطلق التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يدعم الرئيس المعزول محمد مرسي، في مصر، مبادرة جديدة للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، محددة أسبوعين سقفاً زمنياً لقبولها، وسط احتمالات مرجحة بأن ضغطاً دولياً يقف خلفها، وخاصة أنها أعقبت لقاء قيادات الإخوان بنائب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، ليون برنارد. وحدد التحالف في مؤتمر صحافي أول من أمس، محاور رئيسية لإنهاء الأزمة تتلخص في دعمه لثورة الشعب الرافضة لما تسميه «الانقلاب»، والمطالبة بعودة الشرعية الدستورية بمشاركة كل الأطراف السياسية ودون احتكار طرف للعملية السياسية دون غيره .
كذلك شدد على تمسكه بالمعارضة السلمية سبيلاً وحيداً لإنهاء الانقلاب العسكري، وعودة البلاد إلى المسار الديموقراطي.
ووفق البيان الصادر عن التحالف، فإنه «يرحب بأي جهود جادة ومخلصة تستهدف الوصول إلى حوار سياسي جاد بمشاركة جميع القوى الثورية والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، يخرج مصر من أزمتها ويحقق مصلحة البلاد، شريطة اعتماد عودة الشرعية الدستورية كأساس للحوار وسبل إنهاء الحكم العسكري والحفاظ على وحدة الوطن والشعب، والاتفاق على الترتيبات المستقبلية اللازمة لإقامة دولة ديموقراطية وطنية حديثة».
كذلك شدد التحالف على «توفير مناخ الحريات اللازمة للعملية السياسية بوقف نزف الدم المصري ووقف حملات الكراهية التي تبثها أجهزة الإعلام، ووقف الاعتقالات والتلفيقات الأمنية والإفراج عن المعتقلين بعد ثورة «30 يونيو» وعودة بث القنوات الفضائية المغلقة التابعة للإخوان، ومواجهة البلطجة وتأمين المنشآت الحيوية بما لا يتعارض مع حق التظاهر السلمي».
مصادر في جبهة الإنقاذ كشفت لـ«الأخبار» أن «الآراء داخل الجبهة متباينة بشأن المصالحة، إلا أنه حال إتمامها ستكون مشروطة باعتراف «الإخوان» بخريطة الطريق أولاً، فضلاً عن الاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها، مع رفض عودة مرسي بأي حال رئيساً للبلاد». في المقابل، نقلت وكالة «آسوشيتدبرس» عن متحدث باسم جماعة «الإخوان» أن السبيل الوحيد لاستعادة الشرعية الدستورية هو إعادة الرئيس محمد مرسي لمنصبه مؤقتاً، حتى يتمكن من الدعوة إلى انتخابات جديدة أو تعيين رئيس وزراء جديد.
بدوره، أكد نائب رئيس الحزب الإسلامي، الذراع السياسية لحركة الجهاد الإسلامية السابقة، مجدي سالم، أن التحالف يرغب في الحل على أساس الدستور الإسلامي لعام 2012. المبادرة سرعان ما لاقت اعتراضاً لدى شباب «الإخوان» الذين اعتبروها تخلّياً عن دماء شهدائهم الذين سقطوا منذ 3 تموز. ورأى الباحث الإسلامي صلاح لبيب، في حديث إلى «الأخبار»، أن خطوة الجماعة تأتي في تقديره بعدما رضخت الدول الغربية لرغبة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لكي تجري التسويات بإعلان من السلطات المصرية دون ليّ ذراع من جانب الدول الغربية عبر المساعدات كما سبق وهددت الولايات المتحدة.
ولفت لبيب إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمصر قبل محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي بيوم واحد جاءت لتعطي انطباعاً بأن واشنطن تؤيد النظام الجديد وأنها لم تعد تراهن على حصان خاسر هو مرسي وجماعته.
ويوضح لبيب أن «الأزمة الحقيقية الآن هي في تسويق المصالحة لدى جمهور جماعة «الإخوان» إن كانت راغبة فيها حقاً، وخاصة أن الجماعة كان سقفها عودة مرسي، لكنها تسعى الآن إلى سقف منخفض، ما سيمنح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي القدرة على فرض شروطه؛ وأول هذه الشروط سيكون بالتأكيد التنازل عن حق آلاف الشهداء الذين قضوا منذ عزل مرسي حتى اليوم».
من جهته، شدد أستاذ العلوم السياسية عبد الفتاح ماضي على «ضرورة التجاوب مع مبادرة التحالف التي خلاصتها الحوار من أجل حل الأزمة، وحرصاً على أمن مصر ومستقبلها وعلى المسار الديموقراطي». وأكد ماضي أن الإصرار على سياسة الإقصاء والحل الأمني هو وصفة لحرب أهلية ولن يؤدي في النهاية إلا إلى تدمير الطرفين. بالمقابل، مبادرة التحالف قابلتها الحكومة المصرية بفرض شرط اعتراف جماعة «الإخوان» بخريطة الطريق كمدخل للبدء بالحوار. وشدد نائب رئيس مجلس الوزراء، زياد بهاء الدين، على أن المبادرة «غير كافية أو واضحة»، مشيراً إلى أن «المشكلة الرئيسية تكمن في ضرورة اعتراف (الإخوان) بخريطة الطريق قبل أي شيء أو الحديث عن مبادرات». كذلك لفت وزير التضامن الاجتماعي، أحمد البرعي، إلى ضرورة تقديم ضمانات لموافقة الحكومة على المبادرة؛ منها اعتراف «الإخوان» بخريطة المستقبل والاعتراف بالسلطات الجديدة للبلاد وشرعية «30 يونيو» والاعتذار للشعب عما بدر منهم من استغلالهم الدين من أجل السياسة، فضلاً عن التزامهم بعدم تكرار الأعمال الإرهابية التي ارتكبها أنصارهم طوال الفترة الماضية، مؤكداً أنه «بدون ذلك لن يتم أي حوار أو مفاوضات».
كما أكدت مصادر رئاسية لـ«الأخبار» أن «لا تصالح مع الإخوان». وأوضحت المصادر أن «المشكلة ليست في التصالح من عدمه، فالأزمة تكمن في الخلايا النائمة التي تسعى جاهدة لإسقاط الدولة المصرية من خلال التحالفات مع دول عربية وأجنبية لها مصالح في منطقة الشرق الأوسط، فجماعة الإخوان المسلمين مصممة على الاستقواء بالخارج، سواء كان بمدّها بالأموال اللازمة لإشاعة الفوضى، أو من خلال الترويج الخاطئ لفعاليات الاحتجاجات التي يقومون بافتعالها».
وتشكك المصادر في صدقية طرح التحالف للحوار، وتسأل «أي عقل يصدق أن جماعة الإخوان التي تصعد في الشارع تسعى إلى التهدئة، ومن هي الشخصيات المسؤولة فيها التي يمكن الحوار معها».
ورأت المصادر أن «جماعة الإخوان تسعى إلى كسب الوقت من خلال دعوتها إلى الحوار» .
بدورها، شددت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» على عدم صحة الشائعات التي تحدثت عن تدخل قيادات من القوات المسلحة لاستعادة الهدوء مع جماعة «الإخوان المسلمين»، لافتةً إلى أن «فكرة إقحام المؤسسة العسكرية في مفاوضات ونقاشات حول مصير بعض قيادات جماعة الإخوان لن نسمح بها».