لم تحن الساعة الصفر لاقتحام جبال القلمون. التحرّك العسكري عنوانه «عزل القلمون». إحكام الطوق حول بلداتها لقطع الصلة بمحيطها، ومحاصرتها ثم اقتحامها. والخطة تقضي بالقضم البطيء للمناطق الخاضعة لسيطرة مسلّحي المعارضة وتقطيع أوصالها. وجديد المعركة ميدانياً، نجاح الجيش السوري في السيطرة على بلدة الحميرة التي تُشكّل ممراً بين الأراضي اللبنانية والسورية، ومعبراً يوصل إلى قارا، القرية القلمونية الأبرز التي يحشد الجيش السوري قواته حولها تمهيداً لاقتحامها. وأفادت معلومات أن قارا باتت قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وأن الانهيارات في صفوف المسلحين فاجأت الجيش، وقد ترافقت مع موجة فرار ونزوح كثيفة.
وعلمت «الأخبار» أنّ «الكتائب المقاتلة في القلمون وجّهت نداءً عاماً إلى مسلّحيها للالتحاق بجبهة قارا لصدّ هجوم كتائب الأسد». وفي اتصال مع أحد قادة الكتائب المعارضة، قلّل من أهمية سيطرة الجيش السوري على الحميرة قائلاً «إنها ليست أكثر من طريق»، وتحدث عن «معركة شرسة تنتظر قوات الأسد»، إذ إن البلدة تُعدّ مفتاح الدخول إلى القلمون ومعبراً أساسياً من قراه في اتجاه محافظتي حمص وحلب. أمّا بالنسبة إلى أقوى المجموعات المتحصّنة في قارا، فتكشف المعلومات أنّ إمرة القيادة في البلدة القلمونية تخضع لكل من «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» و«حركة أحرار الشام».
في موازاة ذلك، أحكم الجيش السوري الحصار على مهين، البلدة الجبلية التي سقطت في أيدي مسلّحي المعارضة منذ أيام. وعلمت «الأخبار» أن مفاوضات جرت بين الجيش السوري ومسلّحي المعارضة للانسحاب منها وتسليم مستودعات الذخيرة التي يُسيطرون عليها، علماً بأنّ المعلومات تُشير إلى أنهم استولوا على ثلاثة مستودعات ونقلوا بعض الذخيرة منها، فيما لا يزال المستودعان الرئيسان عند مدخل بلدة صدد خاضعين لسيطرة الجيش السوري. وذكر أحد المصادر لـ«الأخبار» أن بعض المجموعات المسلّحة حاولت الدخول إلى مهين لنقل السلاح خلال اليومين الماضيين، إلّا أنّها لم تتمكّن من بلوغها. وعزا المصدر أهمية المعركة في قارا إلى كونها «البوّابة الأساسية، إذا أغلقوها، أُغلِق خط الإمداد العسكري والمالي». وتقول مصادر أخرى أن الجيش السوري استقدم دبابات تمركزت في الجبال المحيطة بقارا، علماً بأن القوات السورية تمكنت من إغلاق «فتحة» من إحدى بلدات خطوط التماس كان يمرّ عبرها المقاتلون إلى حمص، إضافة إلى قصف عنيف شهدته بلدة ريما التي تضم مقرّين لكل من «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية».
تجدر الإشارة إلى أنه بدءاً من مساء أمس بدأ المئات من أهالي بلدة قارا السورية النزوح بسياراتهم إلى بلدة عرسال عبر المعابر غير الشرعية بحسب ما ذكر أحد أبناء عرسال لـ«الأخبار»، عازياً سبب النزوح إلى بدء الجيش السوري معركة القلمون. وبدأت عرسال تشهد حركة نازحين قوية إليها بدءاً من ساعات الفجر الاولى استمرت طوال يوم أمس، بحسب مسؤول أمني أشار إلى أن أعداد النازحين قد تزداد بسبب ارتفاع وتيرة الاحداث في منطقة القلمون التي تمتد على طول السلسلة الشرقية بكاملها وتمتد من ريف دمشق حتى ريف حمص. وناشد أحد مخاتير البلدة «الدولة اللبنانية والهيئات الدولية التدخل السريع لاحتواء أعداد النازحين الذين فاقوا عدد أهالي بلدة عرسال، حيث لم يعد بالإمكان تحمل أعدادهم الكبيرة».
وقد عزز الجيش اللبناني انتشاره على الحدود الشرقية، خصوصاً قرب المعابر غير الشرعية في بلدة عرسال، لمنع دخول المسلحين والسيارات المشبوهة من جهة قارا ويبرود، من دون التعرض للنازحين المدنيين.
على صعيد آخر، تابع الجيش السوري تقدمه في ريف حلب الشرقي، وأعلن أمس سيطرته الكاملة على بلدة تل حاصل (شرقي المطار)، فيما استطاع شمالاً استعادة نقارين. وذكر مسؤول عسكري لوكالة «سانا» الإخبارية أن الجيش حرّر تل حاصل بعد أن قضى على تجمعات المسلّحين.
وأسفرت المعارك العنيفة بين الجيش والجماعات المسلحة عن مقتل قياديين بارزين، أبرزهم القيادي في «لواء التوحيد» يوسف العباس المعروف باسم أبو الطيب، في غارة استهدفت قاعدة عسكرية عند مدخل حلب الشمالي. وقتل القيادي عبد القادر صالح، وهو في «لواء التوحيد» أيضاً.
في موازاة ذلك، لم تتوقف عمليات الجيش العسكرية في دمشق وريفها، حيث قصفت الطائرات الحربية الحجر الأسود، المنطقة التي هرب اليها المسلّحون من المناطق المحررة في الريف. وسلّم عشرات المسلّحين في بيت سحم أنفسهم الى الجيش بهدف تسوية أوضاعهم وخروج العديد من العائلات التي كانت محاصرة، فيما طال القصف منطقتي المرج والمليحة في الغوطة الشرقية ومزارع رنكوس في ريف دمشق.

يمكنكم متابعة رضوان مرتضى عبر تويتر | @radwanmortada