في الوقت الذي يسود فيه شعور لدى الأوساط الاسرائيلية بأن الولايات المتحدة تسعى للاتفاق مع طهران، بأي ثمن، تتواصل الرسائل الضمنية والصريحة المتبادلة، عبر وسائل الإعلام، بين الطرفين الأميركي والاسرائيلي، إذ تتبع واشنطن مع تل أبيب أسلوب التضليل عبر طمأنتها إزاء مفاعيل نسبة العقوبات التي سيتم تخفيفها على ايران.
وقد حرص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على التعبير عن عدم تأثره بما تضمنه التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حول عدم توسع البرنامج النووي الايراني منذ ثلاثة أشهر، اي منذ تولي حسن روحاني رئاسة الجمهورية، كونه لا يتلاءم مع متطلبات الحملة السياسية التي يشنها في مواجهة ارتفاع إمكانية التوصل الى اتفاق أولي بين ايران ومجموعة «5+1».
ولتبرير موقفه السلبي، اعتبر نتنياهو ان ايران لم توسع برنامجها النووي، لأن لديها البنية التحتية التي تمكنها من انتاج اسلحة نووية. مضيفاً بأن السؤال ليس ان كانوا يوسعون برنامجهم، وانما كيف نوقفه، الأمر الذي يفرض استمرار الضغوط على ايران.
في هذا الوقت، توقّع مسؤول أميركي رفيع المستوى أمس، أن مجموعة الدول الست تقترب من إبرام اتفاق أولي مع إيران للحد من برنامجها النووي خلال اجتماعهما في جنيف في 21 و22 تشرين الثاني الحالي.
وأضاف المسؤول «لا أعرف ما إذا كنا سنتوصل إلى اتفاق. أعتقد أنه من الممكن جداً أن نستطيع، ولكن ما زالت هناك قضايا صعبة»، مشيراً الى لقاء تعقده مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، يوم 20 تشرين الثاني في جنيف أيضاً.
في الوقت نفسه، شدد وزير الاستخبارات الاسرائيلي، يوفال شطاينتس، على وجود خلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة، مشيراً الى وجود فوارق كبيرة بين تقديرات الطرفين حول الاثر الاقتصادي لتخفيف العقوبات على ايران. لكنه اضاف في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية، إن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب جيدة جداً على الرغم من الجدال المركز بينهما.
بدوره، هاجم وزير الاقتصاد رئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، الاتفاق الذي يجري العمل على بلورته بين ايران والدول العظمى الست، مضيفاً في كلمة أمام معهد «بركنغز» في واشنطن، إنه في حال حصول إيران على سلاح نووي فإن اسرائيل ستكون هدفها الأول وليس الأخير، ومحاولا تحريض الاوروبيين والاميركيين بالقول إنه لدى ايران أيضاً صواريخ تصل إلى روما ومدريد ولندن، وإنه «ليس من الصعب وضع حقيبة نووية تنفجر في واشنطن».
وفي ما يتعلق بكون الاتفاق الاولي مرحلة للوصول الى الاتفاق النهائي، اضاف بينيت، إنه «بعد ستة اشهر، ستكون الأوراق ضعيفة مقابل ايران، وان اسرائيل لا تستطيع الانتظار الى حين محوها عن الخريطة.
اما لجهة ردود الفعل الاسرائيلية على التصريحات التي نُسِبت الى وزير الخارجية الاميركية جون كيري، ودعا فيها اعضاء اللجنة المالية التابعة للكونغرس الى عدم تصديق كل ما يقوله الاسرائيليون بشأن الصفقة المتوقعة مع ايران، لأنهم غير مطلعين على تفاصيلها، فقد أعرب الوزير الإسرائيلي، جلعاد أردان، عن حزب الليكود، عن شعوره بالذهول عندما سمع بهذه التصريحات. وتساءل اردان، بحسب موقع «واللاه»، «هل تتوقعون من رئيس الحكومة الإسرائيلية، عندما يدور الحديث عن دولة تدعو لإبادة إسرائيل، ألا يصرخ عندما يرى هذه الدولة تمسك بالسكين، وهل عليه انتظار أن توضع السكين على عنقه». وأضاف أردان الذي تحدث في مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، إن وزير الخارجية الإيراني، ورفاقه يتجولون في جنيف من دون أن يتمكن أحد من محو ابتساماتهم، بل إنهم هم لا يصدقون هذه السهولة التي تمكنوا من خلالها من هدم منظومة العقوبات.
اما عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، بنيامين بن إليعيزر، فقد اكد، في ما يتعلق بالشأن الايراني، أنه «لا يوجد في اسرائيل معارضة وحكومة، فالخطر الإيراني يهدد استقرار الشرق الأوسط والعالم». وأضاف أيضاً أن المصالح الإسرائيلية الأميركية في المسألة الإيرانية مشتركة ومتشابهة، ولا مانع من أن تكون هناك خلافات في مواقف الحلفاء. لكن رئيسة حزب «ميرتس» زهافا غالئون، اعتبرت أن تصريحات كيري تشكل حجباً للثقة عن القيادة الإسرائيلية، التي يُفترض فيها أن تشعل الضوء الأحمر لدى هذه القيادة. واضافت ايضا أن تعميق الخلافات مع الولايات المتحدة يشكل خطرا على إسرائيل، يفوق خطر القنبلة الإيرانية.
في المقابل، ذكر «واللاه»، ان الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز وجّه انتقاداً لاذعاً لرئيس الحكومة بسبب حدة الخلافات التي تشهدها الأيام الأخيرة مع الولايات المتحدة ومع وزير خارجيتها على وجه الخصوص حول الملف النووي الإيراني. واضاف الموقع نقلاً عن بيريز قوله خلال اجتماع مع نتنياهو «علاقتنا مع الولايات المتحدة قوية وأمر أساسي لا يمكن أن يتزعزع، وللعلاقات بيننا تاريخ عميق».
وتابع بيريز حديثه «إن دعم الولايات المتحدة لنا مميز ونحن أصحاب حظ بأن الولايات المتحدة كانت وستبقى صديقة لنا»، مشيراً الى أنه على الرغم من الأجواء التي يبثها نتنياهو مؤخراً، لم يكن هناك طلب إسرائيلي واحد لم تستجب له الإدارة الأميركية برئاسة أوباما.
الى ذلك، كشف استطلاع رأي نشرته صحيفة «اسرائيل اليوم»، ان 65.5 في المئة، من الجمهور الاسرائيلي يرون أن على اسرائيل معارضة الاتفاق المتبلور بين الغرب وايران في محادثات جنيف، في مقابل، 16.2 في المئة فقط يعتقدون بان على اسرائيل أن تؤيد الاتفاق. كما أعرب 52.5 في المئة عن تأييدهم سلوك نتنياهو في الجدال نحو الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالاتفاق. كما أعرب 68.8 في المئة عن ثقتهم بقدرة الجيش الاسرائيلي على مهاجمة ايران وحده، فيما ايد تنفيذ خطوة من هذا النوع، 52.4 في المئة.