ريف دمشق | حلب | حتى المتفائلون من مؤيدي الجيش السوري ما كانوا يتوقعون سرعة تحريره قرى وبلدات ومدن في ريفي دمشق وحلب. في غضون شهر، استعاد الجيش السيطرة على شبعا وحتيتة التركمان في الغوطة الشرقية، وعلى البويضية والذيابية والحسينية والسبينة الكبرى والسبينة الصغرى وغزال. أما في حلب، فحرر الجيش خناصر وعدداً من البلدات المحيطة بها، على طريق حلب ــ حماه، قبل أن يطرد المسلحين من مدينة السفيرة، ثم بلدة تلعرن، ويتجه نحو بلدة تل حاصل، آخر معاقل المسلحين المعارضين في ريف حلب الجنوبي الشرقي. يوم أمس، حط الجيش رحاله في بلدة حجّيرة، في ريف دمشق الجنوبي، حيث كان الجيش والمسلحون يتوقعون معركة حامية. مئات المسلحين (جزء لا بأس به منهم ينتمي إلى «جبهة النصرة») كانوا يتحصنون في حجّيرة وحجّيرة البلد وحي غربة، الملاصقة من الغرب والجنوب الغربي لبلدة السيدة زينب. بعد يومين من الحصار من ثلاث جهات، بدأ الجيش السوري هجومه على حجّيرة ابتداءً من صباح أول من أمس. وخلال أقل من 30 ساعة، انتهى الهجوم بعشرات القتلى من المسلحين (نحو 75 بحسب مصادر ميدانية معارضة)، وبفرار البقية إلى الحجر الأسود (ومنه إلى مخيمي اليرموك) وبيت سحم. وبعد سيطرته على المحور الممتدّ من بلدة السيدة زينب إلى سبينة (من الجنوب الشرقي إلى نظيره الغربي)، يستكمل الجيش تقدمه نحو الشمال باتجاه الحجر الأسود والقدم مخيم اليرموك. ويؤكّد مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن «الجيش واصل الاشتباكات دون توقف مع مقاتلي النصرة في يلدا، بُعيد استعادة حجّيرة، وأنه وصل إلى مفترق طرق فعلياً: الحجر الأسود من أمامه، وبيت سحم ويلدا وأجزاء من التضامن، الواقعة تحت سيطرة المسلّحين، على يمينه (لجهة الشرق)». وأرجأ المصدر مسألة تحديد مسرح المعركة القادمة إلى الأيام المقبلة، «هذه المسألة مرتبطة بمسار المفاوضات حول إجلاء المدنيين، وتسوية أوضاع المسلّحين في المنطقتين».
في المقابل، لجأ المسلحون من جديد إلى قصف المناطق المدنية في دمشق، فسقطت ثلاث قذائف هاون على منطقة سوق الهال في الزبلطاني، أوقعت نحو 13 جريحاً، وعدّة قذائف على حي باب توما والقصاع، ما أدّى إلى استشهاد 4 مدنيين وجرح 7 آخرين.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن المتطرفين يحاولون من خلال تكثيف قصف دمشق إجهاض الإعداد لعقد مؤتمر «جنيف 2».
وأفادت صفحات المعارضة على موقع «فايسبوك» بأن انفجاراً وقع في حي التضامن (جنوب دمشق)، أوقع العديد من القتلى في صفوف مقاتلي «الدفاع الوطني»، تلا ذلك تجدّد الاشتباكات في جنوب الحي.
على صعيد آخر، وفيما تعثّرت محاولة لإجلاء المدنيين عبر ممر آمن إلى خارج مخيّم اليرموك أول من أمس، لا تزال المحاولات مستمرة لإنجاح تسوية في المخيم، تتضمن إنهاء الصراع المسلّح فيه ونقل إدارته إلى الفصائل الفلسطينية التي لم تشارك في الصراع المسلّح على أراضيه. في الوقت عينه، تجري عمليّة إعادة انتشار لمسلّحي المعارضة في المخيّم، ويتوجه مقاتلو «جبهة النصرة» بالتدريج إلى مناطق يلدا وببيلا، بحسب مصادر معارضة.

قصف على المدنيين في حلب

وفي حلب، قتل 8 أشخاص وجرح العشرات معظمهم من المدنيين في حصيلة أولية لضحايا القصف العشوائي الذي استهدف أحياء مدينة حلب، منذ صباح أمس. وأمطر المسلحون المعارضون أهالي مدينة حلب بعشرات الصواريخ المحلية الصنع و«الغراد» وأسطوانات الغاز المفخخة وقذائف الهاون، رداً على تقدم وحدات الجيش في أكثر من محور في حلب وريفها. واستهدفت الصواريخ حي العزيزية ودوار البولمان وبستان الزهرة وحي المحافظة القريب من مشفى حلب الجامعي، ساحة سعد الله في قلب المدينة ومحيط القصر البلدي المكتظ بمراجعي الدوائر الرسمية، شارع الشلال في العزيزية وخلف كنيسة الكلدان في السليمانية وأماكن أخرى.
وقال مصدر في قيادة شرطة حلب لـ«الأخبار»، إن ثمانية مواطنين استشهدوا وأُصيب آخرون بجروح، وحصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع بعد توالي سقوط القذائف في جميع أحياء المدينة، وبسبب حالات الجرحى الخطرة.
في موازاة ذلك، شنّ الجيش منذ ساعات الصباح الأولى هجوماً على المسلحين في حلب القديمة، وانتزع منهم أجزاء من محيط الجامع الأموي وحي البندرة التاريخي، فيما استهدف الطيران الحربي تجمعات المسلحين في الصاخور وبستان الباشا وبستان القصر والكلاسة. وقال مصدر ميداني لـ«الأخبار» إن «الاشتباكات العنيفة في المدينة القديمة دارت من بيت إلى بيت، وإن أعداداً كبيرة من المسلحين قتلوا، فيما استشهد عنصر واحد من كتائب «البعث» التي تشارك في تحرير المدينة».
وشهد معبر بستان القصر الذي أغلقه المسحلون نهائياً اعتباراً من أمس، اشتباكات عنيفة، فيما يترقب آلاف الأهالي العالقين على جانبيه فتحه للعودة إلى ذويهم. وفي الريف، تابع الجيش تقدمه في قرية بلدة تل حاصل (بين السفيرة وحلب) التي أفاد مصدر ميداني بأنها «سيتم تطهيرها في الساعات القادمة». وفي الريان القريبة من السفيرة، تصدى عناصر اللجان الشعبية من أهالي المنطقة لهجوم مسلح على أطراف السفيرة الشرقية. وبعد التقدم المفاجئ للجيش في الريف الجنوبي خلال الأسابيع الماضية، أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ما سمته «النفير العام» في حلب، لمواجهة هجوم الجيش. وكانت تنظيمات معارضة أخرى قد أعلنت «النفير» أيضاً، بينها «لواء التوحيد» و«حركة أحرار الشام»، فيما فرض «التوحيد» حظر التجوال ليلاً في الأحياء التي يسيطر عليها في حلب.
إلى ذلك، طرأ تحسن ملحوظ على ساعات وصل التيار الكهربائي في حلب وريفها، إضافة إلى توفير المياه، غير أن أسعار المواد الغذائية والسلع لم تنخفض كما كان يتوقع الأهالي.
وفي ريف الحسكة (أقصى شمال شرق سوريا)، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية إطلاق حملة «الوفاء لشهداء قامشلو وكوباني» (القامشلي وعين عرب)، انطلاقاً من بلدة القحطانية الواقعة شرقي القامشلي، على الطريق المؤدي إلى معبر اليعربية مع العراق. وتستهدف هذه العملية تحرير القرى الواقعة جنوبي القحطانية (تربه سبيه) التي تحتلها قوات «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وتزامن هجوم «الوحدات» مع قصف عنيف نفذه الجيش السوري نحو مواقع «الدولة الإسلامية» والقوى المتحالفة معها.