واشنطن وموسكو لا تريان سبباً وجيهاً لتأجيل انعقاد «جنيف 2». العاصمة الروسية سترعى مطلع هذا الشهر لقاءات بين ممثلين عن الدولة السورية والمعارضة تحضيراً للمؤتمر، فيما ترى الولايات المتحدة أن لا أفق للصراع العسكري، إذ يجب أنّ يؤدي مؤتمر جنيف المرتقب إلى هيئة انتقالية «باتفاق بين النظام السوري والمعارضة» التي عليها أن تطرح «بديلاً معقولاً» للرئيس بشار الأسد.
وتحدث السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، في جلسة استماع مخصصة للمسألة السورية في الكونغرس الأميركي، أنه كان يتنقّل في الشهر الأخير بين واشنطن والشرق الأوسط لتوفير الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، والدفع نحو تسوية سياسية للأزمة. وقال فورد إنّ المعارضة والنظام غير قادرين في المستقبل المنظور على تحقيق أي نتائج، ولذلك تعمل الولايات المتحدة مع روسيا والأمم المتحدة لتحقيق حلّ سياسي للأزمة. وأضاف أنّ 11 دولة اجتمعت في لندن اتفقت على ضرورة تنفيذ بيان «جنيف 1»، واتفقت هذه الدول مع روسيا والولايات المتحدة على أن مؤتمر جنيف يجب أن يؤدي إلى هيئة انتقالية باتفاق بين النظام السوري والمعارضة، مشيراً إلى أنّ هذا هو الحل السياسي الذي يرغب فيه معظم السوريين وكل من يدعمون المعارضة والنظام. وأشار فورد إلى اتفاق الأميركيين مع كل الدول المذكورة حول حق المعارضة في الاعتراض على التفاصيل، وبما أنه من غير المعقول، حسب رأيه، «أن تقبل أي من الجماعات المقاتلة بالأسد، وبالتالي فعلى المعارضة أن تطرح على الطاولة بديلاً معقولاً». على صعيد آخر، رأى فورد أنّه منذ أن تخلت إدارة الرئيس باراك أوباما عن «خيار اللجوء إلى القوة العسكرية» ضد دمشق، أصيبت المعارضة السورية «بخيبة أمل كبيرة». كذلك أشاد فورد بما اعتبره «نجاحاً هائلاً» في حال «أنجزت عملية تدمير الأسلحة الكيميائية للنظام (السوري) بالكامل».
لقاءات غير رسمية
في موازاة ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أنّ موسكو تعتزم رعاية لقاء غير رسمي وغير ملزم بين السلطات السورية وممثلي المعارضة بحضور ممثلين عن فريق المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي والجانب الأميركي عشية «جنيف 2». وأضاف: «نحن نعول على إنجاز عمل كبير في إطار الإعداد للمؤتمر، وقمنا بتبادل الافكار حول مواضيع مختلفة دورياً، وتحديداً ما يتعلق بمكان عقد المؤتمر والهدف منه، إذ لا توجد لدينا خلافات في هذا الشأن، ويعمل الامين العام وممثلو الامم المتحدة بنشاط لإعداد الوثائق المطلوبة للمؤتمر». واعتبر المسؤول الروسي أي مماطلة في عقد مؤتمر «جنيف 2» عملاً عبثياً. وحول إقالة نائب رئيس الوزراء السوري السابق، قدري جميل، أوضح بوغدانوف أنّ جميل يمثل تياراً سياسياً واجتماعياً يجب أن يعتد به. من ناحية أخرى، رأى رئيس الحكومة الفرنسية، جان مارك ايرولت، في مقابلة مع صحيفة «كومرسانت» الروسية، أنّ «الهدف هو إنجاح» مؤتمر «جنيف 2»، وأن يؤدي إلى «تشكيل حكومة انتقالية بكامل الصلاحيات». وقال ايرولت، الذي بدأ أمس زيارة لمدة يومين لروسيا، «مع استعمال نظام دمشق أسلحة كيميائية ضد شعبه (...) فإن فرنسا تفتخر بأنها اعتبرت على غرار عدد كبير من شركائها أنه لم يعد من الممكن البقاء بدون ردّ فعل».
في سياق آخر، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس، أنّ مفتشيها الموجودين وضعوا أختاماً بالشمع الأحمر على كل المواد والأسلحة الكيميائية التي تمتلكها دمشق.
وجاء في بيان صادر عن البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة أنّ الحكومة السورية «أكملت مهام التدمير العملي للمعدات الحيوية الموجودة في كافة مرافق إنتاج الأسلحة الكيميائية ومعدات الخلط والتعبئة، التي كانت قد صرّحت عنها، ما جعلها غير صالحة للاستعمال».
الكيميائي السوري
من جهته، أعلن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن نسيركي، أنّ منسقة البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، سيغريد كاغ، تنوي تنسيق الجهود لإتلاف السلاح الكيميائي السوري مع روسيا. ورأى نسيركي أنّ زيارة كاغ لموسكو اليوم مهمة، «وستجري المنسقة الخاصة في وقت لاحق مباحثات مع البلدان المعنية الأخرى».
إلى ذلك، واصل الموفد العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لقاءاته في دمشق، حيث التقى شخصيات من معارضة الداخل.
في السياق، أبدت واشنطن ثقتها بأن الترسانة الكيميائية السورية سيتم تدميرها ضمن المهل التي حددها المجتمع الدولي، أي بحلول شهر حزيران عام 2014، وفق ما أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي، المكلف ملف حظر انتشار الأسلحة، توماس كانتريمان، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)