فيما انعقدت أول جلسة عامّة للمجلس الوطني التأسيسي في تونس (البرلمان) بعد عودة نواب المعارضة الذين انسحبوا منه إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي أواخر تموز الماضي، أعلن نقيب المحامين محمد فاضل محفوظ، توافق الأحزاب، التي تجري حواراً لإنهاء الأزمة في البلاد، على خمسة أسماء مرشحة لرئاسة الوزراء.
وقال إن الأسماء التي تمّ الإبقاء عليها المرشحة لرئاسة الوزراء هي منصور معلّى وأحمد المستيري وجلول عيّاد ومحمد الناصر ومصطفى كمال النابلي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن محفوظ قوله كذلك: «إننا نحترم الشخصيات التي خرجت من السباق ونقدّرها»، موضحاً أن المعايير المعتمدة من قبل مؤتمر الحوار هي التي أفضت إلى هذه القائمة.
وكان قادة نحو عشرين حزباً سياسياً قد بدأوا الاثنين الماضي مباحثات لتحديد هويّة رئيس حكومة مستقلة ستحلّ محل الحالية، التي يقودها حزب حركة النهضة، وذلك لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادّة اندلعت أواخر تموز الماضي. ويتعيّن اختيار رئيس الحكومة الجديد خلال أسبوع، وفق الاتحاد العام التونسي للشغل (أقوى النقابات التونسية) الذي يرعى منذ الجمعة الماضي أول مفاوضات مباشرة بين المعارضة وحركة النهضة على أساس «خريطة طريق» طرحها مع ثلاث منظمات أهلية أخرى لإخراج البلاد من أزمتها.
في غضون ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم «النهضة» زياد العذاري، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب إ): «ليس لدينا أي مقترح لمرشح إلى رئاسة الحكومة الجديدة لكننا نتفاعل مع باقي الأطراف السياسية للتوصّل إلى توافق حول شخصية وطنية مستقلة». كذلك لم يتقدم حزب نداء تونس بمرشح لرئاسة الحكومة.
وفي أعقاب هجوم انتحاري استهدف المنطقة السياحية في سوسة، وإحباط هجوم على قبر الحبيب بورقيبة في بلدة المنستير الساحلية. قال المتحدّث باسم وزارة الداخلية التونسية، محمد علي العروي، إن الانتحاريين تونسيان دخلا تونس عبر بلد شقيق.
وذكر مصدر أمني أن المهاجم الأول كان يريد في البداية دخول فندق رياض بالم وفي يده حقيبة، لكن لم يُسمح له بالدخول فجرى ناحية الشاطئ وفجّر نفسه. ولم يصب أحد بأذى.
إلى ذلك عثرت دورية مشتركة للحرس الوطني والجمارك التونسية أول من أمس في منطقة (الجدلاوين) في الجهة الحدودية المتقدّمة من معبر (رأس جدير) الحدودي على كمية من الأسلحة في إحدى السيارات.
وذكرت إذاعة «تطاوين» المحلية، أن سائق السيارة المشتبه بها لم يمتثل لأوامر الأمن الحدودي، مما دفع الوحدات الأمنية إلى مطاردته، مشيرة إلى انقلاب السيارة ووفاة سائقها خلال عملية المطاردة. وأوضحت الإذاعة أنه عثر بداخل السيارة لدى تفتيشها على قذائف «آر بي جي» وأسلحة كلاشنكوف.
ويوم أمس تضاعفت عمليات المراقبة الأمنية كثيراً في ولاية سوسة (140 كيلومتراً جنوب تونس العاصمة)، حيث فجر انتحاري حزامه الناسف أول من أمس على الشاطئ من دون ان يخلف «خسائر مادية ولا بشرية».
ولوحظ وجود دوريات أمنية تعج في المنطقة السياحية، حيث أُقيمت حواجز في مقاطع الطرق وانتشر الشرطيون أمام المتاجر.
واعرب بعض السياح في منتجع القنطاوي على مسافة عشرة كيلومترات من مكان الاعتداء الفاشل، عن قلقهم من هجومي الأربعاء.
وفي العاصمة التونسية، عززت الشرطة انتشارها في جادة الحبيب بورقيبة الرئيسية وقطعت حركة السير أمام وزارة الداخلية باسلاك شائكة.
وفي جرجيس (جنوب شرق)، المنطقة السياحية القريبة من جزيرة جربة عند الحدود التونسية الليبية، التي تُعتَبر معبراً لمهربي الأسلحة، تكثّف الانتشار الأمني.
في هذه الأثناء، كتبت صحيفة «لوتان» في افتتاحيتها ان المقاتلين الاسلاميين «باتوا يستهدفون الآن القلب النابض في الاقتصاد التونسي ومن يدري اذا ليسوا يدبّرون لتنفيذ عملياتهم في المدن حيث تكثير الحشود».
من جهتها، عنونت صحيفة «لوكوتيديان»: منعطف خطير، داعية في الوقت نفسه الى «عدم الاستسلام للهلع».
الا ان الصحيفة قالت ان الاعتداءين لا يشكلان مفاجأة مع تزايد المواجهات بين الشرطة و«الجهاديين» في الأشهر الأخيرة. وكتبت ان «ما حدث أمس مع انه حزين وخطير، ليس مفاجئاً اذ ان المراقبين المطلعين.. حذّروا السلطات الأمنية والسكان من هجمات محتملة في الاماكن العامة».
وفي السياق، دعت فرنسا أمس القوى السياسية التونسية الى ايجاد تسوية للخروج من الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد منذ أشهر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، رومان نادال «على اثر الاعتداء الذي اجهض في سوسة والاعتداء الذي احبط في المنستير صباح أمس (الأربعاء)، تذكر باريس بادانتها الارهاب بكل اشكاله. نتابع عن كثب الوضع الامني في تونس».
واضاف المتحدث «في الوضع الراهن، من الضروري جداً ان تتحلى كل القوى السياسية التونسية بروح المسؤولية للتوصل الى تسوية للخروج من الأزمة»، مشيراً الى تضامن فرنسا مع السلطات والشعب التونسيين.
(الأخبار، أ ف ب)