أفرجت السلطات الإسرائيلية ليل الثلاثاء الأربعاء عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين مؤلفة من 26 أسيراً مرّ على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً في إطار مفاوضات السلام الجارية مع الفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة. وأطلق سراح مجموعة من 21 أسيراً في الضفة الغربية، استقبلهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعائلاتهم في مقر السلطة في رام الله.
وأكد عباس أمام آلاف الفلسطينيين الذين تجمّعوا لهذه المناسبة أنه «لن يكون هناك اتفاق وهناك أسير واحد وراء القضبان»، مضيفاً «لن تتم الفرحة إلا بإخراج الجميع من السجون».
وينتمي 19 من الفلسطينيين المُفرج عنهم إلى حركة فتح وأربعة إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وثلاثة إلى حركة حماس.
وقال المتحدث باسم حركة فتح، فايز أبو عيطة، في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة أمس، إن قضية الأسرى على سلم أولويات القيادة الفلسطينية وتحظى باحترام وتقدير واهتمام جماهير شعبنا ومحل إجماع وطني.
وكان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قد شدد الاثنين على «مراعاة ثقل الواقع»، في إشارة الى الوعد الذي قطعه لواشنطن بالإفراج عن هؤلاء الاسرى لإتاحة استئناف الحوار مع الفلسطينيين. وتابع «نحن مضطرون إلى العمل على جبهة دولية معقدة تجبرنا على أخذ عناصر معينة في الحسبان من أجل مصلحة إسرائيل»، داعياً أعضاء حكومته، وبينهم من يعارض الإفراج عن «إرهابيين فلسطينيين»، الى «التصرف بطريقة مسؤولة ومعقولة والتحلي ببعد نظر».
وفور الإفراج عن الأسرى أعلنت إذاعة قوات الاحتلال أن إسرائيل ستبني 1500 وحدة سكنية في حي رامات شلومو الاستيطاني في القدس الشرقية. وبحسب إذاعة الاحتلال، تم إقرار الخطة من قبل نتنياهو ووزير الداخلية جدعون ساعار.
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «معاريف» أن نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي أوفير أكونيس، كشف عن لائحة تضم مواقع في الضفة والقدس حيث ستبنى فيها آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة بناءً على أوامر نتنياهو، تزامناً مع قضية الإفراج عن الاسرى. وقال أكونيس إن الخطة تشمل بناء 1500 وحدة استيطانية جديدة في المستوطنات الآتية: القدس، كارني شومرون، ارييل، جفعات زئيف، معاليه ادوميم، الكانا، بيتار عيليت، جيفا بنيامين ــ آدم. وأضاف أنه سيتم التصديق خلال الايام المقبلة على بناء 2000 وحدة استيطانية جديدة وموزعة على المناطق الآتية: جفعات زئيف، كارني شومرون، ياكير، كفار أدوميم، تالمون، عوفرا، شيلو، بيت ايل، حيث أكد أن الحكومة ستواصل بناء المستوطنات في الضفة والقدس. وشدد على أن الحكومة الاسرائيلية ليست مستعدة لتجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات.
وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتنياهو سيرفق عملية إطلاق سراح الدفعة الثانية من المعتقلين الفلسطينيين بالسماح ببناء مئات الوحدات السكنية في المستوطنات لإرضاء المتشددين في الأغلبية التي يتزعمها.
ورأى رئيس الوزراء الاسرائيلي أن قرار بناء مئات الوحدات الاستيطانية في المستوطنات المُقامة على أراضي القدس يأتي «تعويضاً» عن عملية إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
في المقابل، ورداً على القرار الإسرائيلي بتسريع عملية الاستيطان، قال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، إن هذه السياسة الإسرائيلية «مُدمّرة لعملية السلام وهي رسالة للمجتمع الدولي أن إسرائيل دولة لا تلتزم بالقانون الدولي وتواصل وضع العراقيل أمام عملية السلام».
وأضاف «هذا يدفع الجانب الفلسطيني والعربي إلى فقدان الثقة بقدرة هذه الحكومة على صنع السلام».
وأكد أبو ردينة أن «الاستيطان كله غير شرعي ولن تبقى مستوطنة على الأراضي الفلسطينية».
من جهتها، أدانت حركة حماس قرار الاحتلال الإسرائيلي بناء 1500 وحدة استيطانية في مدينة القدس، معتبرة ذلك نتيجة طبيعية لمفاوضات السلطة مع الاحتلال التي باتت توفر له غطاءً طبيعياً لهذه الممارسات والجرائم.
ودعا المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري سلطة رام الله مجدداً إلى وقف هذه المفاوضات الكارثية.
وقال أبو زهري إن تأكيد نتنياهو أن قرار توسيع الاستيطان هو مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين هو دليل على خطورة توظيف الاحتلال ورقة الأسرى لممارسة سياسة الضغوط والابتزاز، مشيراً إلى أن حركته في الوقت الذي ترحّب فيه بخروج أي أسير من السجون الإسرائيلية ترى أنه يجب عدم الخضوع لسياسة الابتزاز ودفع الأثمان السياسية.
من جهة أخرى، ذكرت مؤسسة «التضامن» لحقوق الإنسان، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وضعت أربعة شروط على الأسرى الذين أطلقت سراحهم. وأوضحت المؤسسة، نقلاً عن الأسير المحرر مؤيد سليم حجة من قرية برقة قضاء نابلس، أن الاحتلال أبلغ الأسرى المحررين الذين يقيمون في الضفة الغربية، وعددهم 21 أسيراً، بحرمانهم من السفر خارج الأراضي الفلسطينية مدة 10 سنوات، إضافة إلى منعهم من التنقل خارج حدود محافظة الأسير المحرر مدة عام كامل.
كذلك ذكر الأسير المحرر أحمد سعيد عبد العزيز، من جنين، أن الاحتلال أبلغهم أيضاً ضرورة القدوم مطلع كل شهر، ولمدة عام، إلى أقرب مركز ارتباط على منطقة سكن المحرر، والتوقيع على الحضور أمام ضابط الاستخبارات الإسرائيلي المسؤول عن منطقة سكن المحرر.
من جهة أخرى، قررت المحكمة العليا الاسرائيلية إجراء مداولة إضافية بتركيبة موسعة من سبعة قضاة، بخصوص قرارها في التماس دراسة الأسرى الفلسطينيين المصنفين «أمنيين»، وهو ما يُعتبر أمراً استثنائياً وغير شائع.
يأتي ذلك بعدما كانت المحكمة العليا أكّدت قرار المحكمة المركزية بحرمان الأسرى السياسيين الفلسطينيين من الدراسة في «الجامعة المفتوحة».