«لم يكن أمام الحكومة خيار سوى اتخاذ هذا القرار الذي كان أحد أصعب القرارات». بهذه الجملة حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، امتصاص غضب الإسرائيليين الذين اعترضوا على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تحرير 26 معتقلاً فلسطينياً من معتقلات الاحتلال.
رئيس الحكومة الذي عبر عن تعاطفه مع «العائلات الثكلى» اللواتي اعترضن على القرار، لفت إلى أن هذا القرار هو «ضرورة يفرضها الواقع الذي نعيش فيه»، مضيفاً «اننا مضطرون للسير في ساحة دولية معقدة وكثيرة التحديات التي تفرض القيام بمناورات من اجل دولة اسرائيل». ورداً على المواقف المعترضة، رأى نتنياهو أنه «من اللحظة التي تم فيها اتخاذ القرار ينبغي التصرف باتزان».
في السياق نفسه، رأت رئيسة طاقم المفاوضات الاسرائيلية، تسيبي ليفني، أن الخيار المطروح امام اسرائيل «إما تحرير السجناء أو تجميد البناء»، ودعت البيت اليهودي، الذي يرفض المفاوضات، بأن يطرح البديل مشيرة الى ان الخيار ايا كان سيكون صعباً.
الى ذلك، كشفت القناة الثانية، في التلفزيون الاسرائيلي، عما سمته مطالب فلسطينية لاتمام المفاوضات ضمن «اتفاق اطار» جديد، حصلت عليها من قبل معارضين للرئيس محمود عباس، ومسؤول ملف المفاوضات صائب عريقات. وبحسب وثيقة مسرّبة، أكدت مضمونها أيضاً صحيفة «هآرتس»، «يطالب الفلسطينيون بحق الاختيار لكل لاجئ بالانتقال الى اسرائيل او السلطة او اي مكان آخر، وسيطرة فلسطينية على المياه في منطقة بحر الميت والمعابر الحدودية، وأن يكون تبادل الأراضي بنسبة لا تتجاوز الـ 1.9 في المئة، وتوقيع اتفاقات مع دول أخرى من دون إشراك إسرائيل، والإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين، والاعتراف بدولة فلسطينية تقع تحت الاحتلال، وإعادة الممر الآمن بين الضفة وغزة، والتوقيع على معاهدة الانسحاب التدريجي خلال ثلاث سنوات ونصف سنة، ومن ثم التوقيع على معاهدة سلام بعد ستة أشهر».
واضافت القناة ان «اسرائيل وافقت على قيام دولة فلسطينية، ذات تواصل جغرافي، مع وجود الجيش الإسرائيلي على نهر الأردن لفترة زمنية متفق عليها، وشروط جديدة، وتقديم تعويضات مالية مقابل حفظ الكتل الاستيطانية بالإضافة لتبادل الأراضي».
ونقلت «هآرتس»، في مقابلة مع مسؤول فلسطيني رفيع في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قوله إنه لن يكون ممكناً مواصلة المحادثات العامة في اطار المفاوضات وهناك حاجة عاجلة الى البحث في التفاصيل، وهو ما رأت فيه تل ابيب، تصلّباً في الموقف الفلسطيني.
واكد المسؤول أيضاً أن الفلسطينيين لم يغيّروا موقفهم من المستوطنات، وانهم لن يوافقوا على تبادل للاراضي يزيد على 1,9في المئة من اراضي الضفة.
واشارت «هآرتس» الى انه لدى الفلسطينيين أقمار اصطناعية حصلوا عليها من جهات أوروبية يبدو فيها أن حجم البناء في المستوطنات يصل الى 1,2 في المئة من اراضي الضفة اضافة الى الاراضي التي خصصت للشوارع والبنى التحتية. ونقلت عن مسؤول اسرائيلي رفيع ان «ضم هذه المساحة الى اسرائيل يعني ضم نحو 65 في المئة من المستوطنين الذين سيبقون في أراضي اسرائيل».
واعتبر المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هرئيل، أن اسرائيل قلقة من امكانيتين؛ تصعيد امني نوعي في الضفة الغربية وأيضاً من انهيار المفاوضات السياسية مع السلطة. واشار الى انه في حال توقفت المحادثات قبل الاطار الزمني الذي حدده الأميركيون، تسعة أشهر، ستجدد السلطة الفلسطينية هجومها السياسي ضد اسرائيل وستحاول الانضمام الى عشرات المنظمات الدولية.
ونقل هرئيل أيضاً عن مسؤول فلسطيني سابق في السلطة الفلسطينية، قوله في لقاء غير رسمي مع ضباط الجيش في الضفة، أن السلطة غير معنية بانتفاضة أخرى، تنطوي على الكثير من العنف والإصابات، ولكن الورقة الأساسية بيدها هي الصراع الدبلوماسي في العالم واستخدامه في اللحظة التي ستتوقف فيها المفاوضات. ولفت ايضا الى انه ما دام رئيس السلطة محمود عباس يتلقى دفعة أسرى محررين كل شهرين، فإن فرص انهيار المفاوضات ضعيفة، كما ان نتنياهو يربح من هذا الوقت عبر استغلالها في بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية.
ومن اجل ضمان عدم انهيار المفاوضات، نظم وزير الخارجية الاميركي جون كيري، رزمة مساعدات اضافية الى الفلسطينيين، بأن ينال عباس 600 مليون دولار اضافية من الدول المساهمة برعاية اميركي.