تونس | بينما أعلن في تونس أمس اكتشاف أنفاق أشيع أن لناشطين فلسطينيين دوراً في حفرها، استأنف الأعضاء المنسحبون من المجلس الوطني التأسيسي نشاطهم أول من أمس، بعد ثلاثة اشهر من المقاطعة، في الوقت الذي عبر فيه رئيس المجلس مصطفى بن جعفر، عن تفاؤله بتجاوز الخلافات والوصول بتونس الى بر الأمان. وأطلق بن جعفر تعبير «بر الأمان» على التوافق على الدستور، وإصدار القانون الانتخابي والتوافق على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتحديد موعد نهائي لهذا الاستحقاق.
وفي موازاة استئناف المجلس التأسيسي نشاطه، تواصلت أمس أعمال لجنة المسار الحكومي التي ستُقرّر المرشحين لرئاسة الحكومة، وسيجري الاتفاق خلال هذا الأسبوع على المرشح النهائي.
والملاحظ ان لجنة المسار الحكومي ضد آخر وزير خارجية في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كمال مرجان، وهو ما عُدّ علامة إيجابية تؤشر إلى مصالحة وطنية لا يُستثنى منها أي شخص اذا لم يكن متورطاً في جرائم.
وتضم قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة، بعض الذين عملوا وزراء في عهدي الحبيب بورقيبة وبن علي؛ مثل منصور معلى والنوري الجويني ونورالدين حشاد واحمد المستيري، ومحافظ البنك المركزي الحالي، الشاذلي العياري، وسلفه مصطفى كمال النابلي وآخرون.
وتشترط المعارضة أن يكون رئيس الحكومة من الكفاءات التي لها إلمام بتسيير الدولة، وخاصة أن الحكومة الجديدة ستواجه خطر الأمن ومكافحة الإرهاب وترميم الاقتصاد المنهار.
ورغم التفاؤل الذي عبّر عنه بن جعفر وقادة جبهة الإنقاذ الوطني، فإن المسار السياسي لا يزال بعيداً عن الوفاق، طالما أنه مرتبط بالمجلس التأسيسي الذي تملك فيه حركة النهضة وحلفاؤها الأغلبية، وبالتالي بإمكانها ان تسقط اي حكومة بسحب الثقة منها، اذ إن القانون المُنظّم للسلطات العمومية المسمى الدستور الصغير، الذي تُدار به البلاد الآن يشترط حصول الحكومة على ثقة «٥٠ زائداً ١» وهي نفس النسبة المطلوبة لإسقاطها، لذلك تشترك المعارضة تعديل هذا الفصل ليكون إسقاط الحكومة بثلثي العدد، وهو السبيل الوحيد لحماية الحكومة الجديدة من «فيتو» الترويكا.
كما ان رئيس الحكومة يجب ان يزكّيه رئيس الجمهورية منصف المرزوقي، الذي رفض حزبه شرط استقالة الحكومة.
الى ذلك رفضت بعض الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي الحوار الوطني، وهذه الأحزاب هي «وفاء» و«التيار الديموقراطي» المنشقان عن حزب المؤتمر من اجل الجمهورية، وحزب تيار المحبة، وبعض المستقلين المقربين من «النهضة».
وأعلن هؤلاء انهم سيُنشئون كتلة جديدة في المجلس لتكون ثاني كتلة من حيث العدد بعد حركة النهضة (٨٩ مقعداً من جملة ٢١٧). وبالتالي فان كل المسار السياسي المُتّفق عليه في الحوار قد يسقط تحت قبة قصر باردو، وهو ما من شأنه أن يعمّق الأزمة السياسية في البلاد، وخصوصاً ان الرافضين للحوار الوطني يعدّونه انقلاباً مقنّعاً باركته «النهضة».
في سياق متصل بالأزمة التي تعيشها تونس، كشفت التحقيقات القضائية ان عسكرياً برتبة عريف في الأمن سهّل هروب زعيم تيار أنصار الشريعة أبو عياض الى ليبيا. واعترف العريف بمرافقته لسيارة أقلت أبو عياض وبعض مرافقيه، بعدما استدرجوه لمساعدتهم وهددوه بالتصفية الجسدية عندما حاول التخلص منهم، كما كشفت الأبحاث أيضاً تورط مدرّس في مدرسة إطارات الأمن في ضاحية صلامبو في مد تنظيم أنصار الشريعة بكل ما يصدر عن وزارة الداخلية من برقيات حول الأسماء الملاحقة من الأمن، وعن كل خطط المتابعة الأمنية، وهو ما مكّن المجموعات التابعة للتنظيم من التنقل في أمان.
وفي السياق نفسه، نشرت جريدة «الشروق» التونسية استناداً الى مسؤول أمني ان الأبحاث الأمنية اثبتت بعد التحقيقات مع مجموعتي قبلاط وسيدي علي بن عون، ان المجموعات الإرهابية حفرت أنفاقاً في بعض المناطق الحدودية لاستعمالها مخازن سلاح. ورجّح المصدر الأمني ان تكون المجموعات الإرهابية استعانت بفلسطينيين في حفر الأنفاق.
وكان بعض الصحافيين قد كشفوا في بداية الصيف عن استقبال وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدداً من الطلبة الفلسطينية عن طريق حركة حماس لا عن طريق مسالك التعاون التونسي الفلسطيني، الذي مكن مئات الطلبة الفلسطينيين منذ أيام بورقيبة من الدراسة في تونس.