طرابلس - بعد مرور عامين على مقتل العقيد معمر القذافي في مدينة سرت في 20 تشرين أول 2011 مختتماً ثمانية شهور من صراع دامٍ، لم يعد يلوح في سماء ليبيا حلّ لمعضلاتها التي يرى مراقبون دوليون أن لا أساس واقعياً لها، ولا أسباب لتفاقمها سوى بعض الصراعات الداخلية بين القبائل والمدن.
إلا أن عبث الساسة في ليبيا، أو ما وصفه رئيس الوزراء علي زيدان، بـ «المماحكات»، لم يعد ينذر بالخير.
المماحكات التي تحدث عنها رئيس الوزراء المؤقت، في أعقاب اطلاق سراحه بعد اختطافه على ايدي مجموعة مسلّحة مطلع الأسبوع الماضي، زادت دائرتها، فيما ذكر في مؤتمر صحافي عُقد أول من أمس في العاصمة الليبية طرابلس، أن خاطفيه سرقوا ملابسه الداخلية إضافةً إلى حاسوبه المحمول.
زيدان أوضح أيضاً أنه خلال فترة اختطافه حضر إليه عدد من الأشخاص وتحدثوا إليه؛ من بينهم مدير إدارة مكافحة الجريمة، عبد المنعم الصيد، الذي أعلن افتخاره باختطاف رئيس الوزراء بعد اتهامه بالتورط في الفساد.
وأكد زيدان أن مختطفيه كانوا يحاولون إجباره على أقوال يريدون استخلاصها منه، مشيراً مراراً وتكراراً إلى أن عملية خطفه تمس كل الليبيين، وإلى أن العمل لا يُعد شخصياً.
لقد وجه رئيس الوزراء اتهاماته إلى أشخاص بعينهم في الضلوع في محاولة اختطافه، خلال بيان صحافي نشر منذ يومين؛ شمل الاتّهام النائبين في البرلمان الليبي محمد الكيلاني ومصطفى التريكي، المحسوبين على التيار الإسلامي.
أمّا مدير إدارة مكافحة الجريمة، فلم يقف مكتوف اليدين، بل دخل دائرة التراشق الإعلامي، حيث سارع الى عقد مؤتمر صحافي عقب انتهاء زيدان من مؤتمره.
وفيما لم يحظ مؤتمر الصيد بتغطية إعلامية كاملة، أوضح الرجل حيثيات «عملية القبض» على زيدان، مؤكداً أنه هو من قام شخصياً بإلقاء القبض عليه.
وأوضح الصيد أن غرفة زيدان تقع بين غرفتين لأجانب مشكوك في طبيعة عملهم، وربما يتبعون لأجهزة استخبارات أجنبية، مضيفاً إن عملية القبض جرت من جراء بلاغ يفيد بوجود كمية من المخدرات (حشيش) في سيارة «ميتسوبيشي» تحمل اسم علي زيدان.
ونقل الصيد، عن زيدان قوله إن (الحشيش) لا يخصّه، بل هو لأفارقة يعملون عنده. وفي ختام المؤتمر الصحافي أكد الصيد أنه ليس هناك ما يفيد في الإعلان الدستوري، ولا في لائحة عمل المؤتمر الوطني العام (البرلمان وهو اعلى سلطة في البلاد) بحصانة رئيس الحكومة، وأن عملية القبض جرت بعد التعامل القانوني مع البلاغات الموجهة ضد زيدان.
بالرغم من حالة الاحتقان السياسي في ليبيا، التي تتزامن مع الذكرى الثانية لإعلان التحرير، إلا أن الليبيين اليوم متفقون في عمومهم على أن ليبيا عانت من نظام حكم شمولي فترة 4 عقود من الزمن، وبالتالي كان من أولويات البناء إزاحة إحدى أهم العقبات في طريق ليبيا، التي كانت تتمثل في نظام معمر القذافي.
وإن كان بالفعل، كما يرى كثيرون، أن الثورة لم تقدّم شيئاً حتى اللحظة على شتىّ المستويات، وربما لن تقدّم على المدى القريب، تتصاعد الأصوات القائلة إن الليبيين ازدادوا بؤساً.