القاهرة - اجتماع عاصف عقدته لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري أمس، في أولى الجلسات المغلقة لمناقشة مواد مسودة الدستور، حيث انسحب أعضاء لجنة «العشرة» اعتراضاً على عدم السماح لأعضاء لجنة الخبراء القانونيين بحضور جلسات التصويت السرية، بالإضافة إلى اعتراض نقيب الصحافيين على حذف نص مادة خاصة بالصحافيين من المسودة وتهديد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عبد الفتاح إبراهيم، بالانسحاب من اللجنة في حال إمرار فكرة إلغاء نسبة الـ50% عمالاً وفلاحين من الدستور الجديد.
وشهدت الجلسة العامة للجنة، خلال اجتماعها المغلق أمس وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، وفي ظل منع وسائل الإعلام والصحافيين لأول مرة من تغطية الجلسات العامة، مشادة ساخنة بين أعضاء لجنة الخبراء القانونيين، ورئيس اللجنة عمرو موسى، انسحب على خلفيتها أعضاء «العشرة» من الاجتماع، بسبب المطالبة بمنع أعضاء لجنة الخبراء من حضور جلسات التصويت السرية على مواد الدستور.
وحاول موسى تجاوز الأزمة بخروجه وراء نائب رئيس المحكمة الدستورية، المستشار حسن بسيوني وإقناعه بالعودة، لكن بسيوني أصرّ على الانصراف من اللجنة، قائلاً: «دي قلة أدب»، تعقيباً على طريقة معاملتهم من جانب بعض أعضاء لجنة الخمسين، وتبعه النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، المستشار عصام الدين عبد العزيز وباقي أعضاء اللجنة القانونية.
وبحسب مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، بدأ الخلاف بين أعضاء لجنة الخبراء «العشرة» ورئيس اللجنة، على خلفية حديث بعض الأعضاء عن حق «العشرة» من عدمه، في وضع الصياغة النهائية لمواد الدستور، وهو الأمر الذي أبدى عدد من أعضاء الخمسين اعتراضهم عليه.
ونشب أيضاً خلاف بين نقيب الصحافيين ضياء رشوان، وعضو لجنة الصياغة جابر نصار، على خلفية حذف نص المادة الخاصة بعدم حبس الصحافيين في قضايا النشر من المسودة الأولية للجنة الصياغة. وبرر ممثلو الصياغة حذفها بأنها ما زالت قيد الدراسة، وخاصة أنهم طلبوا استيضاحاً بشأنها من نقابة الصحافيين.
كذلك، هدد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عبد الفتاح إبراهيم في وقت سابق أمس بالانسحاب من لجنة الخمسين إن أصر البعض على إمرار فكرة إلغاء نسبة الـ50% عمالاً وفلاحين من الدستور الجديد.
وناشد إبراهيم العمال المصريين واللجان النقابية، والنقابات العامة، الاستعداد لتنظيم تظاهرات حاشده للوقوف ضد إلغاء هذه النسبة، وقرر إعلان حالة الطوارئ داخل الاتحاد ابتداءً من يوم أمس، واصفاً قرار إلغاء هذه النسبة «بالكارثة» التي ليس لها مثيل، وخاصة أن العمال والفلاحين يمثلون أكثر من 70% من المجتمع المصري على حد وصفه.
وعقب انتهاء الجلسة أمس، أوضح المتحدث الرسمي للجنة، محمد سلماوي أنه تقرر عقد الجلسة الثانية، يوم الأحد القادم، للتصويت على باب الحقوق والحريات.
وأضاف سلماوي، في مؤتمر صحافي، أن اللجنة اتفقت في جلستها أمس على استمرار لجنة الصياغة في عملها بالاشتراك مع اللجان النوعية بعد أن وجدت أن بعض اللجان لم تنته بالكامل مع لجنة الصياغة بشأن عدد قليل من المواد، مشيراً إلى أن المواد التي اتُّفق عليها في الباب الثاني من الدستور، وهو باب الحقوق والحريات، عرضت أمس على اللجنة.
وكانت قد نشبت خلافات قبيل الجلسة بين الأعضاء الاحتياطيين في اللجنة ورئيس اللجنة عمرو موسى على خلفية قرار منع حضور الأعضاء الاحتياطيين لجلسات اللجنة العامة لحين انتهاء أعمالها في أوائل كانون الأول المقبل، استناداً إلى عدم أحقيتهم في التصويت على المواد طبقاً للائحة اللجنة الداخلية.
وكانت الإجراءات المتبعة في جلسة الأمس قد أثارت حفيظة الأعضاء الاحتياطيين واستياءهم، الذين عاملهم الأمن بسوء، خوفاً من حضور أيٍّ منهم الجلسة، وخاصة أن القرار يأتي مخالفاً للائحة التي تعمل طبقاً لها اللجنة والتي وضعت في أول أسبوع عمل لها بحضور الاحتياطيين والأصليين، حسبما أكد الأعضاء في مذكرتهم التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها. وأكدت المذكرة التي تقدم بها المتضررون منهم إلى رئيس اللجنة عمرو موسى وحملت تواقيع عدد من الأعضاء الأساسيين، بينهم ممثل حزب «النور» السلفي محمد منصور، كمساندة منهم للاحتياطيين، أن هذا القرار يُعَدّ إقصاءً صريحاً للأعضاء الاحتياطيين، لمخالفته القرار الجمهوري رقم 570 لسنة 2013.
وأوضحت المذكرة أن قرار منعهم يُعَدّ مخالفة صريحة للمادة الأولى من اللائحة الداخلية للجنة، التي تنص على أن «تتكون اللجنة التأسيسية من الأعضاء الأساسيين والاحتياطيين وفقاً لما ورد في القرار الجمهوري ويشارك الأعضاء الاحتياطيون في مناقشات اللجنة ولجانها النوعية دون أن يكون لهم حق التوصيت».
ولفت العضو الاحتياطي عن حزب «النور» السفلي، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أن هذا القرار «يُعدّ إقصاءً ومخالفة للقرار الجمهوري واللائحة التي تعطينا حق الحضور والمناقشة، شرط عدم مشاركة الأعضاء الأساسيين في التصويت على المواد». وكان الأعضاء الاحتياطيون قد التقوا عشية الجلسة رئيس اللجنة عمرو موسى لمحاولة ثنيه عن القرار، إلا أنهم فشلوا، واكتفى موسى بأن قال لهم: «لقد حصلتم على حقكم كاملاً خلال الفترة الماضية، سواء بحضور الجلسات العامة أو اللجان النوعية والمناقشة فيها»، مضيفاً: «إن اللائحة تمنح الأعضاء الأساسسين فقط حق التصويت»، حسبما أكدت مصادر حضرت اللقاء لـ«الأخبار».
وأضافت المصادر أن رد موسى لم يكن كافياً لردع غضب الأعضاء الاحتياطيين، وأصروا على اتخاذ موقف حاسم.
وأوضحت المصادر أن الأعضاء الاحتياطيين هاجموا موسى بسبب اتخاذه قرارات منوطة باللجنة كلها دون الرجوع للأعضاء الأساسيين أو الاحتياطيين، ولا سيما لقاؤه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لمناقشة مواد القوات المسلحة، على الرغم من وجود أعضاء ينوبون عن الجيش داخل لجنة نظام الحكم.