لم تكن إطلالة الرئيس السوري بشار الأسد تقليدية أمس. فعدا عن الهجوم الشرس الذي شنّه على من عادوه خلال السنوات الماضية، في تركيا والسعودية وقطر وحركة حماس، تحدّث الأسد بثقة تعكس رؤيته لسير الصراع الميداني والسياسي في بلاده، لافتاً للمرة الاولى إلى «عدم وجود مانع» يحول دون ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ففي مقابلة مع قناة «الميادين» بثتها أمس، قال الأسد، إن ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة يستند الى نقطتين «الأولى هي الرغبة الشخصية، والثانية الرغبة الشعبية. بالنسبة إلى النقطة الأولى والمتعلقة بي شخصياً، لا أرى أي مانع من الترشح للانتخابات المقبلة».
وأكد أنه «لا يوجد دليل لدينا على أن الأميركيين قدموا دعماً مباشراً لجماعة القاعدة، ولكن بالممارسة عندما تدعم الفوضى، فأنت تدعم هذه المجموعات».
وعن مؤتمر جنيف ــ 2 المتوقع انعقاده في الشهر المقبل، رأى الأسد أن لا عوامل تساعد على إنجاحه في الوقت الحالي، وشروط نجاحه «غير متوافرة». وقال: «لا يوجد موعد ولا يوجد عوامل تساعد على انعقاده الآن إذا أردنا أن ينجح». وأضاف: «من هي القوى المشاركة فيه؟ ما هي علاقة هذه القوى بالشعب السوري؟ هل هي قوى ممثِّلة للشعب السوري أم قوى ممثِلة للدول التي صنعتها؟». وتابع: «كيف يمكن هذه القوى أن تكون ممثّلة للشعب وهي تعيش في الخارج؟ لا تجرؤ على المجيء إلى سوريا،.. وهي تدّعي أنها تسيطر على 70 في المئة من الأراضي السورية؟ أسئلة كثيرة مطروحة حول المؤتمر... ما هي هيكلية المؤتمر؟». كذلك طلب من الموفد الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الإبراهيمي «عدم الخروج عن إطار المهام» الموكلة إليه، داعياً إياه الى التزام الحياد.
من جهة ثانية، شنّ الأسد هجوماً على «الإخوان المسلمين»، معتبراً أنهم «مجموعة إرهابية»، ورافضاً التحاور معهم ما لم يلقوا السلاح. ورأى أنهم «يسيرون من إرهاب الى إرهاب أشدّ»، واصفاً الجماعة بـ«الانتهازية وتعتمد على النفاق وتستخدم الدين من أجل مكاسب سياسية».
وأكد أن السعودية «تنفذ سياسات الولايات المتحدة». وقال: «هل هناك من يجرؤ على وصفها بأنها دولة مستقلة بشكل موضوعي؟ السعودية هي دولة تنفذ سياسات الولايات المتحدة بكل أمانة».
وعن تدهور العلاقة مع حركة «حماس» أوضح أنه في بداية الأزمة في سوريا شبّه (الشيخ يوسف) القرضاوي «تدخّل الجيش لحماية المدنيين في درعا بحصار غزة»، ولام الكثير من السوريين حماس «لأنها صمتت لمجرّد أن القرضاوي هو شيخ الإخوان المسلمين. اعتبرنا أن هذا فيه تخلٍ عن واجب معنوي ووفاء تجاه سوريا». ولفت إلى «فقدان الثقة بيننا وبين حماس وفقدان صدقية حماس بالنسبة إلى المواطنين السوريين».
وعن المواقف المستجدة لقادة الحركة من الأزمة السورية سأل الأسد عن «السرّ في توقيت هذه المواقف؟ لماذا لم تُعلَن قبل أشهر؟»، معتبراً أن ربطها بسقوط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أمر سيّئ، «هذا يدلّ على انتهازية... لا يدلّ على صدقية».
وإذ رأى أن الأمر المنطقي لأي مقاومة أن تكون مقيمة على أراضيها الوطنية، تساءل «هل سيقبل الشعب السوري باحتضان حماس كما احتضنها في السابق؟». لكنه أوضح أنه إذا «قرّرت حماس أن تكون مقاومة حقيقية وصادقة فنحن معها، وإذا قررت أن تكون «إخوان مسلمين» فلا داعي لهذه العلاقة».
وعزا تدهور العلاقة مع قطر إلى نقاط عدة «ولكن الأهم أن ما حصل في تونس وفي مصر جعل قطر تعتقد بأنها قادرة على إعادة صياغة الدول العربية بالشكل الذي يناسبها، وإذا تمّ هذا الشيء فهذا يعني أن قطر ستصبح الوكيل الحصري للسياسات الأميركية في المنطقة». وقال: «هذا الشعور بالعظمة وبالقدرات الكبيرة اللامحدودة جعلهم يفكرون في أن حسم الموضوع في سوريا سيكون هو الجائزة الأكبر التي تُقدَّم للولايات المتحدة والغرب لكي يرضى عن قطر ويعتمدها كوكيل». كذلك أشار الأسد إلى المنافسة بين قطر والسعودية في لبنان عندما رضيت الأخيرة بأن يكون الرئيس نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة بدلاً من سعد الحريري عام 2011.
وأوضح أن «قطر أرادت أن تحلّ محلّ السعودية في رعاية الشأن اللبناني من خلال الضغط على سوريا لكي تضغط سوريا على أصدقائها في لبنان للقبول بعودة سعد الحريري»، لافتاً إلى أن سوريا رفضت الدخول في هذا الموضوع. وأكد أن هذا الأمر «حصل خلال القمة الثلاثية التي جمعتني أنا وأمير قطر السابق و(رئيس الحكومة التركية رجب طيب) أردوغان في دمشق وحاولوا لخمس ساعات إقناع سوريا بالتدخل وبقي أمير قطر في اليوم التالي». وأشار إلى أن هذا الأمر أغضبهم، «ولكن الموضوع الأكبر كان رفض سوريا العدوان على ليبيا».
وأكد أن قطر قدمت التمويل للمسلحين في سوريا، مشيراً إلى معلومات عن شرائهم أسلحة من دول أوروبا الشرقية السابقة ونقلها إلى سوريا، وإحدى هذه السفن التي تم إلقاء القبض عليها في لبنان الباخرة لطف الله منذ عام تقريباً.
وأكد أن موقف أردوغان من النظام السوري سببه عقائدي مرتبط بانتماء أردوغان إلى الإخوان المسلمين. وأعلن أن العلاقة مع مصر «كانت موجودة حتى عندما كان الرئيس مرسي، مع المؤسسات المصرية (...) وبشكل أساسي الأمن والأجهزة المدنية الأخرى»، موضحاً أنه لا توجد علاقة مباشرة مع الجيش المصري.
وأكد أن التقارب الأميركي الإيراني إيجابي، موضحاً أنه «إذا كان هناك نتائج فعلية، فلا بد أنه يخدم مصلحتنا».
ولفت إلى «أننا نمر في مرحلة تحوّلات (...) سُمّيت بالربيع العربي زوراً وبهتاناً».
وفي الشأن اللبناني، سأل الأسد: «هل طالب الشعب اللبناني السعودية بأن تقوم بالدفاع عنه لكي تتنطح هذه الدولة وتضع نفسها محل الشعب اللبناني؟». وأكّد أن «لبنان لم ينأَ بنفسه... الواقع أن لبنان ساهم بشكل مباشر من خلال السماح للإرهابيين بالمرور عبر أراضيه، السماح بمرور السلاح، السماح بالتحريض، سمح لكل ذلك عبر الحدود السورية اللبنانية للمساهمة في إشعال النار في سوريا. فعملياً لم يكن هناك نأي بالنفس».
وعن تدخل «حزب الله» في سوريا قال الأسد إن «المقاومة ليست فقط باتجاه العدو... المقاومة هي أن تحمي المقاومة بكل الاتجاهات عندما تتعرض المقاومة لأي عدوان... والعدوان على سوريا كان عدواناً على نهج المقاومة».
وعندما سئل عن أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان لا يزال منذ أكثر من عام ينتظر اتصالاً منه لتوضيح ملابسات قضية الوزير السابق ميشال سماحة، أجاب الأسد: وأنا ما زلت أنتظر دليلاً ضد سوريا في هذه القضية.




كيري: لا موعد محدّداً لجنيف ــ 2


أشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى أنّ «الرئيس السوري بشار الأسد صمد حتى الآن بسبب دعم حزب الله وإيران»، معتبراً أنّ «إعادة انتخاب الأسد ستطيل أمد الحرب في سوريا».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري خالد العطية في باريس، لفت كيري الى أن «من الصعب تحديد موعد عقد مؤتمر جنيف 2»، مشيراً إلى أنّه «تم الاتفاق خلال مؤتمر جنيف 1 على تشكيل حكومة انتقالية»، موضحاً أنّ «الهدف من جنيف 2 هو تطبيق اتفاق جنيف». كذلك أكّد كيري أنه «لم يحصل أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه سوريا»، لافتاً، في الوقت ذاته، إلى أنّه «لا يوجد حلّ عسكري، كما نركز على مساعدة المعارضة المعتدلة».
من جهة ثانية، رأى الموفد الأممي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، أنّ مؤتمر جنيف المرتقب يجب أن يضم «كل من له مصلحة ونفوذ في الشأن السوري»، معتبراً في الوقت ذاته أنّ المجتمع الدولي «تأخّر» في دعم الشعب السوري. وقال الإبراهيمي، خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري في بغداد، إنّ «من مصلحة الشعب السوري أن يلتقي الجميع، وأن يجمع الجميع على كلمة واحدة وهي مساعدة الشعب السوري، ليس على الاقتتال بل على حل الأزمة وبناء دولتهم الجديدة».