القاهرة ـــ الأخبار ما حصل مساء أول من أمس في كنيسة العذراء في منطقة الوراق القاهرية وتداعياته لم يخرج عن المألوف في مثل تلك الاعتداءات التي تطاول الأقباط دورياً. لعل الفارق الوحيد أنه حصل في ظرف بالغ الحساسية: اضطراب أمني فاقمه إسقاط نظام الرئيس محمد مرسي، وفي وقت تستعد فيه لجنة الخمسين لإقرار مسودة الدستور الذي يحوي مواد مثيرة للجدل، بعضها يتعلق بحكم الشريعة والأحزاب الدينية.

لكن الأكثر حساسية في كل ذلك أنه حصل في ظل حكم العسكر الذين طلبوا أصلاً تفويضاً من الشعب بحكم شبه مطلق بحجة ضبط الانفلات الأمني في البلاد. ولعل كل هذا ما يفسر حملة الإدانات الداخلية والدولية لذاك الهجوم الذي أوقع 4 قتلى ونحو 17 جريحاً.
وقالت وزارة الداخلية المصرية، في بيان أمس، إن «شخصين ملثمين على دراجة بخارية أطلق أحدهما النار على عدد من الاشخاص أثناء خروجهم من حفل زفاف بكنيسة العذراء في منطقة الوراق» في شمال القاهرة الكبرى، في أول هجوم على «الأقباط» في العاصمة منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 تموز الفائت. وعلى الفور شنت الشرطة المصرية حملة بحث مكثفة عن المسلحين.
قال مصدر أمني في مديرية أمن الجيزة، «إن منفذى العملية من العناصر التكفيرية، والاعتداء جرى بحرفية عالية، وخاصة أن سيارة ميكروباص ساعدت في تغطية الدراجة البخارية التي كان يستقلها الجناة من الخلف، ومنعت مرور السيارات خلف العناصر الإرهابية، وبعد تنفيذ خطة الهجوم فروا هاربين.
وأضاف لـ«المصري اليوم»: الأهالي لم يتمكنوا من مطاردة الإرهابيين لأن السيارة قامت بتأمين الدراجة البخارية على مسافة تقدر بأكثر من 100 متر، حيث أوهم قائدها المارين بتعطل سيارته، حتى يقوم بإخلاء الطريق، خلف الدراجة التي نفذت العملية، مؤكداً أن إطلاق النار حصل بطريقة عشوائية.
كما أكدت مصادر أمنية مصرية أن الشرطة اعتقلت أربعة أشخاص يُشتبه بضلوعهم في الهجوم. وقالت المصادر الأمنية إن الأشخاص الأربعة أوقفوا بقرب الموقع الذي حدث فيه إطلاق النار. ولم توضح تلك المصادر ما إذا كان المشتبه فيهم قد اعتقلوا عقب الهجوم مباشرة أو في وقت لاحق، لكنها ذكرت أن الأجهزة الأمنية تكثف جهودها للقبض على الجناة. وأدان رئيس الوزراء حازم الببلاوي الهجوم، واصفاً إياه بأنه «عمل اجرامي خسيس». وشدد، في بيان، على أن «الحكومة تقف بالمرصاد لكل المحاولات البائسة واليائسة لبث بذور الفتنة بين أبناء الوطن». بدورهما أدان كل من شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي الديار شوقي علام، الحادث، ووصفاه بأنه تصرف إجرامي ينافي الدين والأخلاق.
أما جماعة الإخوان المسلمين، فقد عبرّت في بيان عن أسفها للهجوم، مشيرةً إلى أن وزارة الداخلية المصرية «تتحمل المسؤولية عن هذا الحادث لعدم تفرغها لتحقيق الأمن للمواطن المصري، وانشغالها بملاحقة المتظاهرين السلميين والطلاب داخل الحرم الجامعي».
وطالب القيادي بحزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين عمرو دراج، بسرعة التحقيق والكشف عن الجناة، واصفاً ما حدث بأنه لعب بأمن الوطن. وأدان الهجوم كذلك حزب النور السلفي وحركة «السادس من أبريل»، في وقت دعت فيه الجبهة الديموقراطية إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب استجابةً لما حدث. دولياً، أكدت فرنسا أنها «تولي أهمية كبرى لوضع مسيحيي الشرق في هذه المرحلة التاريخية الحساسة التي تمر بها المنطقة».
وقال مساعد مدير الإعلام في الخارجية الفرنسية الكسندر جورجيني: «إننا قلقون للغاية حيال أعمال العنف المتعددة التي تستهدف الاقباط منذ شهر آب خصوصاً، والتي أدت الى تدمير عشرات الكنائس والمؤسسات الدينية».
بدورها، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن «قلقها من الاعتداءات على الأقباط في مصر»، داعيةً إلى «وقف العنف في البلاد». وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت، قبل عشرة ايام، قوات الأمن المصرية بالفشل في حماية الاقباط ووضع حد لأعمال العنف. وقالت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من لندن مقراً لها، إن أكثر من 200 ملكية تعود لأقباط تعرضت للهجوم، كذلك ألحقت أضرار جسيمة بـ43 كنيسة، وقتل أربعة أشخاص. وقالت نائبة مدير منظمة العفو الدولية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا، حسيبة حاج صحراوي: «إنه لأمر مقلق جداً أن تتعرض الطائفة المسيحية في مصر لهجمات من قبل أنصار محمد مرسي رداً على تطورات حصلت في القاهرة».
واضافت: «كان يجب إجهاض رد الفعل العنيف ضد الطائفة القبطية. لكن قوات الأمن فشلت في تحاشي وقوع الهجمات ووضع حد لأعمال العنف».
(الأخبار، أ ف ب)