الخرطوم - في الوقت الذي شرعت فيه مجموعة قبائل «دينكا نقوك» السودانية عملية التسجيل توطئة لإجراء الاستفتاء على تبعية بلدة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، تحطّ اليوم طائرة الرئيس السوداني عمر البشير، في مطار جوبا، في زيارة هي الثالثة منذ إعلان انفصال دولة جنوب السودان عن السودان في شباط 2011.
وبينما يزور البشير جوبا للمرة الثانية خلال أقل من شهرين، برفقة وفد وزاري على مستوى عالٍ، تبرز أهمية هذه الزيارة وتعويل الجانب السوداني عليها للخروج من عنق الزجاجة في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي تحديداً.
فمن المنتظر أن تبحث القمة الرئاسية عدداً من القضايا المشتركة بين البشير ونظيره الجنوبي ميارديت سلفاكير، التي يتوقع أن تتصدرها قضية أبيي وما تشهده من حراك على الأرض يهدد بنسف الاستقرار النسبي في طبيعة العلاقة بين البلدين وعودتها إلى مربع الخلافات من جديد، وخصوصاً بعد أن بدأت «دينكا نقوك»، التي يقيم معظم أبنائها في الجنوب، إجراءات التسجيل الفعلية لبدء عملية الاستفتاء حول مصير أبيي.
ووفق مقرر اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين، معز فاروق، فإن لقاء البشير ــ سلفاكير، سيناقش حزمة من الملفات على رأسها طيّ ملف استفتاء أبيي واستعجال تنفيذ الاتفاقيات المشتركة وتحديد تواقيت زمنية لإنزال تلك الاتفاقيات على الارض.
وقال فاروق، لـ«الأخبار»، إن قمة الرئيسين ستحدد تواقيت زمنية لتنفيذ عدد من الملفات المشتركة، أبرزها تنفيذ كافة الترتيبات المؤقتة الخاصة بمنطقة أبيي، وصولاً إلى الوضع النهائي.
وتوقع أن يحدد الرئيسان مواقيت للإسراع في تكوين المجلس التشريعي للمنطقة باعتباره المناط به طرح ومناقشة قانون استفتاء أبيي بالإضافة الى تشكيل إدارية المنطقة وشرطتها.
ورأى فاروق أن القمة الرئاسية ستُحدِث اختراقاً كبيراً في تنفيذ الاتفاقيات المشتركة، وخاصة في ملف فتح المعابر المشتركة، قائلاً إن من المتوقع ان يكون ضمن نتائج لقاء الرئيسين تحديد آجال زمنية قاطعة لفتح المعابر الحدودية المشتركة، وذلك بعد استكمال المتطلبات الادارية واللوجستية.
وأشار الى جاهزية أربعة معابر حدودية برية ونهرية بالاضافة الى سكة حديد.
ويتوقع مراقبون أن تفلح اجتماعات الرئيسين في تعطيل اجراء الاستفتاء المزمع بدايته الأسبوع المقبل، وذلك من خلال الشروع في تكوين إدارة منطقة أبيي المشتركة، وتأكيد قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخير الذي أرجأ إجراء الاستفتاء الأحادي في المنطقة.
ويذهب متابعون الى أن القمة بين الرئيس البشير والرئيس سلفاكير تلتئم في اجواء مسمومة بين البلدين، رغم التحسن المظهري الذي وسم علاقات الخرطوم وجوبا بعد زيارة سيلفاكير الأخيرة للخرطوم.
هذا الاجتماع سيلتئم في ظل استقطاب جنوبي داخلي حاد حول استفتاء أبيي، المُقرّر بصورة أحادية في غضون هذا الشهر، وهو الاستفتاء الذي رفضته الخرطوم بشدة أرغمت الوسطاء الأفارقة على تغيير موقفهم الداعي الى إجراء الاستفتاء، والتزام الدعوة لحل وفاقي على مائدة البشير وسليفاكير.
لكن من المتوقع أن يدفع إصرار أبناء منطقة أبيي، على إجراء الاستفتاء الأحادي خلال هذا الشهر، بخلاف الموقف الاقليمي والدولي من القضية، أن يدفع رئيس جنوب السودان الى التعنت على طاولة المفاوضات مع الرئيس البشير حول المنطقة، فقد أصبحت قضية أبيي ورقة ضغط في الصراع الدائر بين مراكز القوى في الساحة الجنوبية.
ولأن وضع منطقة أبيي على وجه التحديد يتصدّر برنامج عمل اجتماع اليوم، فلا أحد في ظل هذه التطورات، من المراقبين للعلاقة بين البلدين، يتوقع ان يخرج عن هذا الاجتماع اي تفاهمات حول أبيي أو غيرها من القضايا المُعلّقة مثل الحدود والمناطق العزلة. وتأتي زيارة البشير لجوبا في أعقاب موجة احتجاجات شعبية عارمة، خرجت منددة بقرارات الحكومة برفع الدعم عن المحروقات، وتوسعت لتطالب بإسقاط النظام. وتسعى حكومة الخرطوم من خلال الزيارة الى التعجيل بإنفاذ ما اتفق عليه الجانبان في كافة القضايا العالقة بينهما، للحفاظ على استقرار العلاقة بين البلدين، التي بدأت بالاتفاق على انسياب نفط الجنوب عبر السودان، ودخول ملايين الدولارات إلى خزينته، الأمر الذي قد يسهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء والضغوط الاقتصادية على السودان.