دمشق | «تسقط الهيئة الشرعية»، هتفت تظاهرة شارك فيها بين مئة ومئة وخمسين شخصاً في دوما في ريف دمشق الجنوبي، الإثنين الماضي. اللافت في هذه التظاهرة، كما يروي لـ«الأخبار» ن. ستوت، الذي تمكّن من الهرب من دوما، أنّ «جميع من كان فيها كانوا مسلحين، وهم من أهل دوما الذين ضاقوا ذرعاً بالحصار المزدوج المطبق عليهم من النظام الذي يقطع كل طرق المؤونة، والهيئة الشرعية التي تتمكن بطرقها وعبر الأنفاق من الحصول على إمدادات غذائية تكفيها وتزيد، ولكنها تمنعها عن المدنيين». ويضيف ستوت أنّ «السلاح موجود بكثرة في دوما، وقرار التظاهر ضد الهيئة بالسلاح تم اتخاذه بعد حادثة كفر بطنا (مطلع شهر آب)، التي قام «لواء الرضوان» بضربها براجمة صواريخ موقعاً 16 شهيداً». وينقل لـ«الأخبار» مسؤول عن أحد الحواجز الأمنية في الجيش السوري على تخوم ريف دمشق، رفض الكشف عن اسمه، أنّ «السياسة التي نتبعها أثبتت جدواها خلال الأسبوع الأخير، حيث تمت تسوية أوضاع مناطق عدة شهدت معارك كبرى على مدى العام المنصرم، أهمها بيت سحم ويلدا، فقام المسلحون بتسليم سلاحهم بالتعاون مع وجهاء المناطق ولم نعتقل أياً منهم». وبالسؤال عن المقصود بالسياسة المتبعة، أجاب: «اتبعنا سياسة الحصار الكامل الذي أوصل الأهالي إلى قناعة تامة بضرورة التعاون معنا ضد العصابات الإرهابية، وكسر حاجز الخوف من هذه العصابات، وفي النهاية نحن في حرب ولا يمكننا التصرف إلا بهذه الطريقة».
ولكن يبدو أنّ لهذه السياسة عواقب وخيمة في مناطق أخرى كمخيّم اليرموك على سبيل المثال. ر. السعدوني، الستينية القاطنة في المخيّم، تقول لـ«الأخبار»: «وصلنا إلى حالة كارثية، فنحن نطحن ما تبقى من عدس مع العشب لنخبز ونطعم الأولاد. سياسة الحصار هذه هي عقاب على ذنب لم نرتكبه، ونحن أمام خيارات قليلة جداً، فجزء من أولادنا غير قادرين على الخروج لأنهم مطلوبون رغم أنهم لم يحملوا السلاح، ومنهم من ليست له علاقة أبداً بالسياسة. وحتى الذين يستطيعون الخروج يتخوفون من أن يكونوا مطلوبين. كنت أخرج كل يوم لأشتري ربطة خبز من الفرن الآلي، إذ لا يسمحون بإدخال أكثر من ربطة خبز واحدة وأحياناً لا يسمحون بإدخال شيء، ولكني لم أخرج منذ أكثر من ثمانين يوماً بسبب إغلاق المعبر على بوابة المخيم». وتضيف: «خرجت منذ أيام عند فتح المعبر لمدة ساعة واحدة، وهناك وعود بأن يفتح مرة أخرى هذا الأسبوع».
الاتصالات، أيضاً، مقطوعة في المخيّم. تروي السعدوني أنّها استطاعت مع محاولات متكررة أنّ تتصل هاتفياً بأقاربها، الذين أخبروها «أنهم تركوا مكانهم نتيجة القصف واضطروا للهروب باتجاه نهاية حيّ الحجر الأسود، ولا أعلم إن كنت سأستطيع رؤيتهم مرةً أخرى».
ويبدو أنّ سيطرة الجيش السوري أخيراً على جسر زملكا في الغوطة الشرقية، قد أدخلت كلاً من القابون وجوبر وبرزة في دائرة الحصار ذاتها. الأمر الذي بدأت نتائجه الأولى تنعكس على المدنيين المتبقين في تلك الأحياء.