إلا أن الحزب الإسلامي الذي حاول أن يتصدّر المشهد في تعز، فشل في الحفاظ على تماسك «المقاومة»، وأصبح جزءاً من الكل، رغم محاولاته ضم التيارات والفصائل المسلحة في إطار جامع تحت مسمى «مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز»، حتى يسهل الاستفراد في القرار. هذا التوجه قوبل بالرفض من قبل المجموعات الأخرى ومن قبل «التحالف»، لا سيما الإمارات التي اتهمت حزب «الإصلاح» أكثر من مرة بمحاولة الوقوف حجر عثرة أمام «تحرير تعز».
أسلوب التسيّد والاستفراد الذي انتهجه «الإصلاح» أثار حفيظة القوى الأخرى التي قاتلت خلال الأشهر الأولى من الصراع إلى جانبه. تلك القوى شكّلت معارضة داخلية في إطار «المقاومة» التي يدعمها «التحالف».
وفيما بدأت جماعة «حماة العقيدة» التي يقودها عادل فارع، الملقب بـ«أبو العباس»، بالقتال إلى جانب «الإصلاح» مطلع حزيران الماضي، تحولت إلى قوة منافسة على الأرض منتصف آب الماضي. وتنامى دور «حماة العقيدة» إلى أعلى المستويات، وحظيت بدعم كبير من قبل «التحالف»، لا سيما الإمارات التي تُرجع السبب في خسارة «التحالف» لجبهات ذو باب وكرش والوازعية إلى حضور «الإصلاح» فيها.
يعدّ «الإصلاح» جبهة تعز معركته الكبرى
وقالت مصادر متابعة إن الخلافات بين «الإصلاح» و«حماة العقيدة» التي تضم في صفوفها المئات من المتشددين السلفيين، تصاعدت إلى أعلى المستويات بسبب استئثار «الإصلاح» بدعم «التحالف» خلال الأشهر الأولى من الحرب. واتهمت «حماة العقيدة» حزب «الاصلاح» بـ«المتاجرة بقضية تعز»، مطالبةً بالكشف عن كميات السلاح التي أنزلتها طائرات «التحالف» والمبالغ المالية التي قدمت كدعم لـ«المقاومة».
وأشارت المصادر إلى أنّ جماعة «حماة العقيدة» السلفية ردّت على إقصاء «الاصلاح» لها من الدعم المالي بفرض سيطرتها على أجزاء من منطقة صينة غرب المدينة ومنطقة النسيرية المحاذية لها، ووادي المعسل جنوب شرق المدينة، إضافة إلى المناطق المجاورة لقلعة القاهرة، وسوق الصميل القريب من إدارة أمن المحافظة. وتصادمت مع ميليشيات «الإصلاح» الموجودة في مناطق الروضة ومنطقة حوض الأشراف وصولاً إلى القصر الجمهوري. وعمدت في تشرين الأول الماضي إلى إنشاء محكمة خاصة تتولى مهمة الصراعات المحلية، والقضايا الإدارية والمالية بين الناس، وسيطرت على عدد من أقسام الشرطة التي كانت تحت سيطرة ميليشيات «الإصلاح».
وجاء ذلك عقب اتهام «أمير حماة العقيدة»، أبو العباس، حمود المخلافي الموالي لـ«الإصلاح»، في كانون الأول الماضي، باستيعاب 200 فرد من الفارين من السجن المركزي في تعز، في إطار «كتائب الموت» تحت قيادة المدعو يوسف الحياني. واتهم أبو العباس المخلافي باستخدام «أصحاب السوابق» للقضاء على كتائب «حماة العقيدة» والقضاء عليه.
وتصاعدت الخلافات بين الطرفين، كذلك استدعت الإمارات المدعو ماجد العدني، الملقب بـ«أبو يعقوب الأشعري»، الرجل الثاني في جماعة «حماة العقيدة»، والذي وصل إلى أبو ظبي برفقة عدد من القيادات السلفية منتصف الشهر نفسه. وخلال الزيارة، التقى الأشعري وزير الدفاع الإماراتي محمد بن زايد، وجرى بحث الدعم العسكري والمالي. وعمد «الإصلاح» إلى التخلص من «حماة العقيدة» بشتى الطرق، ليعلن عن تشكيلات جديدة معارضة لـ«أبو العباس» و«حماة العقيدة»، مثل «لواء الصعاليك» الذي يقوده الحسن بن علي المقرّب من «الإصلاح». وتعرض «أمير حماة العقيدة»، أبو العباس، أخيراً لمحاولة اغتيال في مدينة تعز.
وفي ظل تصاعد الصراع الداخلي، تمدّد تنظيما «القاعدة» و«داعش» داخل المدينة وفي أحيائها. وأكد «القاعدة» في أكثر من شريط فيديو مشاركته الفاعلة في جبهات القتال داخل المدينة، وخصوصاً في الأحياء السكانية المزدحمة، مثل حي الجحملية وحوض الاشراف وحي الجمهوري. وكشفت مصادر محلية في مدينة تعز، أواخر الأسبوع الماضي، أن تنظيم «داعش» بدأ بفتح مقار له في عدد من أحياء مدينة تعز أيضاً، لا سيما في حي سوق الصميل الذي بات المعقل الرئيسي للتنظيم.