صنعاء | سجّل اليوم الأول لوقف إطلاق النار أكثر من 30 خرقاً، بينها هجمات كبيرة على منطقة نهم شرقي صنعاء وعلى مناطق في مأرب وتعز، بالإضافة إلى غارات جوّية متفرقة.وبالرغم من التفاهمات التي سبقت إعلان التهدئة الشاملة والتي أوحت بجدّية التحالف السعودي بخلاف التجارب السابقة لوقف إطلاق النار، تعكس الانتهاكات، ولا سيما البرّية، مشكلة تعدد الولاءات والتوجهات لدى الفصائل المسلحة الموالية لـ«التحالف». وتخشى بعض المجموعات المسلحة، وفي مقدمها تلك التابعة لحزب «الإصلاح» من التزام التهدئة على حساب مصالحها ونفوذها في مناطق سيطرتها.
وأدانت حركة «أنصار الله» استمرار القصف الجوي والهجمات العسكرية التي حصلت في بعض الجبهات منذ الصباح، بالرغم من الاتفاقات والتفاهمات السابقة ومن إعلان وقف الحرب. وأكد المتحدث باسم الحركة، محمد عبد السلام، ضرورة التزام ما اتُّفق عليه وخطورة الاستمرار في الأعمال العسكرية، لكون ذلك يقوّض عملية السلام ويقلص من فرص انعقاد الحوار المقبل ومن فرص نجاحه.
وفيما باشرت اللجان المكوّنة من ضباط والمكلفة مراقبة وقف إطلاق النار عملها وتوزعت على غرف عمليات في أكثر من منطقة، أوضح عبد السلام أنه شُكِّلَت لجان محلية في ست محافظات، هي: الجوف، مأرب، تعز، البيضاء، شبوة والضالع، يقابلها من الطرف الآخر العدد نفسه، مشيراً إلى اتفاق اللجان على فتح الطرقات والتنسيق مع الأمم المتحدة في ما يخص المساعدات الإنسانية والبدء بتشكيل لجنة مركزية لمعالجة ملف الأسرى.
وفي المقلب الآخر، قال رئيس أركان الجيش الموالي للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي اللواء محمد علي المقدشي، إن وقف النار صامد رغم «اعتداءات الحوثيين».
من جهته، علق المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، على الخروقات بالقول إن وقف إطلاق النار «إنجاز» وإن حدوث خروقات يهدد فرص الحل. وأضاف في حديثٍ تلفزيوني مساء أمس، أن هناك التزاماً كاملاً من جميع الأطراف للتوصل إلى حل سلمي، مذكّراً بالنقاط الخمس التي سلّمها لطرفي الصراع والتي ينتظر الموافقة عليها قبل مفاوضات الكويت بعد أسبوع.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، جميع الأطراف إلى احترام «اتفاق وقف الأعمال القتالية». ورأى المتحدث باسم بان، استيفان دوجاريك، أن اتفاق وقف الأعمال القتالية، «يبدو متماسكاً إلى حد كبير».
ورأى مصدر سياسي مطلع في صنعاء في حديثٍ إلى «الأخبار»، أن خروقات اليوم الأول، بالرغم من تأثيرها السلبي في المساعي الرامية إلى انعقاد المفاوضات، لا يمكن القول حتى الآن إنها ستجهض المحادثات المقبلة، معللاً ذلك بأن المهلة لتثبيت وقف النار الشامل لا تزال في بدايتها.
استمرت أعمال العنف في أكثر من محافظة جنوبية

ولم يهدأ الميدان يوم أمس، وبلغت الانتهاكات ذروتها مع تصدي الجيش و«اللجان الشعبية» لهجوم كبير على فرضة نهم ليلاً، أدى إلى مقتل عدد من المسلحين وتدمير أربع آليات تابعة لهم. وكانت المجموعات المسلحة قد استهدفت مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في فرضة نهم وفي قرية الرمادة وبران وجبل السلطان وجبل الحول، لأكثر من مرة يوم أمس.
وحلّقت طائرات التحالف السعودي فوق تعز وإب في خلال الساعات الأولى من سريان وقف النار، قبل أن تبدأ بشنّ غارات على مناطق في تعز بالتزامن مع عمليات عسكرية برّية وصلت إلى حد محاولات الهجوم. وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن تلك الهجمات تُعَدّ مؤشراً على خلافات بين دول «التحالف»، ولا سيما بين السعودية والإمارات. وفيما استبعد المصدر أن يكون أحد الأطراف المشاركة في «التحالف» قادراً على خرق وقف النار جوّاً من دون إذن السعودية، قال إن الخروقات الميدانية مؤشر على التفكك داخل جبهات المسلحين الموالين لـ«التحالف».
وأكد مصدر ميداني أن طيران العدوان، شن غارات عدة على منطقة صالة ومنطقة كلابة في مدينة تعز، فيما حاول المسلحون التسلل باتجاه جبل جرة في أطراف مدينة تعز. واستهدف المسلحون بالرشاشات والمدفعية مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في كل من ثعبات والجحملية، فيما شهدت منطقة الضباب إطلاق نار، وجبل الشبكة في الوازعية عمليات قنص. وفي لحج أيضاً، شنّ المسلحون قصفاً متقطعاً على مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في منطقة كرش بالأسلحة المختلفة.
وفي جبهة مأرب، قال المصدر إن هجوماً كبيراً بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة نفذته المجموعات المسلحة الموالية لـ«التحالف» على جبل هيلان من جهة جبل الأهلول خلال ساعات الصباح، وجاءت محاولة الهجوم بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران العدوان فوق المحافظة.
ولم يختلف الحال في محافظة الجوف أيضاً، حيث حلق الطيران الحربي وطيران الاستطلاع التابع للعدوان لساعات فوق الغيل وخب والشعف. وأفاد المصدر العسكري بأن مواقع الجيش و«اللجان» في خب والشعف والغيل تعرضت لقصف من الجهة الجنوبية لوادي أيبر.
أما في محافظة شبوة الجنوبية، فقد استهدفت القوات الموالية للعدوان مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في كل من بيحان وعسيلان والمعطوف بواسطة المدفعية والرشاشات. وهو ما لم تسلم منه مواقع الجيش و«اللجان» في محافظة البيضاء. ويؤكد المصدر أنها تعرضت لضرب متكرر بالأسلحة المتوسطة والخفيفة في منطقة ذي ناعم من جهة سد جرجرة تحديداً.
على صعيد منفصل، وفيما لم تشمل وثيقة وقف النار التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» و«داعش»، استمرت أعمال العنف في أكثر من محافظة جنوبية. وبعد يومين من اغتيال الأمين العام للمجلس المحلي في المنصورة في عدن، أحمد الحيدري، قتل أمس قائد المجموعات المسلحة في محافظة الضالع العقيد ناصر الربية مع اثنين من مرافقيه على الطريق الرابط بين محافظتي شبوة ومأرب. وكان الربية حاصل على رتبة عقيد من «الفرقة الأولى مدرع» سابقاً، التي كان يتزعمها اللواء علي محسن الأحمر.