تونس | عشية موعد بدء الحوار الوطني بين السلطة والمعارضة في تونس، لم تمر المعلومات التي كشفها أول من أمس عضو الهيئة الوطنية لكشف الحقيقة في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، الطيب العقيلي، حول تورط قيادات من حركة النهضة، في اغتيال بلعيد بصمت. إذ ان ما كشفه عن هذا التورط الذي شمل وزراء في الحكومة، يرتّب مسؤولية أخلاقية وسياسية على الحزب الاسلامي الحاكم، من خلال علاقة هؤلاء بالقيادي الليبي عبد الحكيم بلحاج، المرتبط بتنظيم أنصار الشريعة. في غضون ذلك، بادرت وزارة الداخلية الى إيقاف موظفين على خلفية شبهة تورطهما في تسريب وثائق، حسبما قالت في بيان رسمي. واشارت الى أن المعلومات التي كشفها العقيلي غير دقيقة. واعتبرت أن التواريخ المُثبتة على الوثائق «مدلّسة».
وفي السياق نفسه تواترت ردود فعل قيادات «النهضة» التي التقت في إدانة التصريحات والتهديد بمقاضاة العقيلي واعتبار ما قاله غير مسؤول، إذ أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن هذه التصريحات تعطل الحوار الوطني.
وتوعد كل من رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض، والوزير السابق لطفي زيتون، ووزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو، ونائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي، العقيلي بمقاضاته.
وفيما تنطلق جلسات الحوار الوطني غداً السبت، دعا قياديون من الجبهة الشعبية إلى تعليق المفاوضات مع «القتلة»، إذ اعتبر هؤلاء انه لا يمكن الجلوس على نفس الطاولة مع من تأكد تورطهم في اغتيال بلعيد والبراهمي ولطفي نقض ومحمد بالمفتي. وبالتالي فلا جدوى لهذا الحوار مع حركة اعتبروها راعية للإرهاب ومسؤولة عن الاغتيالات.
وأدانت جبهة الإنقاذ الوطني في بيان أصدرته أمس، بعد اجتماع قيادتها المركزية «الترويكا» الحاكمة، مشددة بعد عرض الاتهامات الجديدة على مطلب استقالة الحكومة الذي «لا يحتمل التأجيل».
ورغم التفاؤل الذي عبّر عنه عدد من القادة السياسيين وزعماء الأحزاب، فان كل المؤشرات تؤكد فشل الحوار مرة أخرى. فمن الواضح أن «النهضة» وحليفها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس محمد المنصف المرزوقي، يراهنان على ربح الوقت لامتصاص الغضب الشعبي، في نفس الوقت انهارت الثقة بين الفرقاء السياسيين.
وبدا هذا واضحا من خلال دعوة بعض القياديين في الجبهة الشعبية، التي تمثل مكونا أساسيا في جبهة الإنقاذ الوطني، إلى تعليق الحوار، وهو ما سينعكس على المناخ العام الذي ستعقد فيه جلسات الحوار. والجدير الاشارة اليه ان الحوار يواجه انتقادات من ائتلاف الدفاع عن المسار الانتقالي القريب من «النهضة» والذي يقوده محمد القوماني. ويضم هذا الائتلاف مجموعة من الأحزاب الصغيرة والجمعيات التي تطالب باشراك كل الأحزاب السياسية والبالغ عددها نحو ١٥٠ حزباً في الحوار الوطني. وهو شيء مستحيل عملياً ورفضته جبهة الإنقاذ والمنظمات الراعية للحوار.
من جهته، أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، انه لن يتم اشراك الأحزاب التي لها تحفظات على الحوار الوطني، معتبراً أن الحوار يجب أن يكون بلا شروط ومن دون تحفظات.
من جهة أخرى جدد الأمين العام لحركة نداء تونس، الطيب البكوش، تمسك جبهة الإنقاذ باستقالة الحكومة في الجلسة الأولى للحوار، التي ستتم بحضور الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر.
ورغم أن مطلب استقالة الحكومة هو شرط انطلاق جلسات الحوار فان كل المؤشرات تنبئ بأن «النهضة» وحليفها «المؤتمر» لا يمكن أن يستجيبا لهذا المطلب رغم موافقتهما على الحوار. هذا ما دفع البكوش لأن يطالب بأن توقع كل الأطراف المشاركة في الحوار الوطني على خارطة الطريق وأول بند فيها هو إعلان استقالة الحكومة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال بمجرد انطلاق الحوار الوطني.