دمشق | ليس بالأمر السهل أن تحصل على دولار اليوم في سوريا. فبعد السماح ببيعه للمواطنين ضمن شروط، تنفذ الحكومة السورية حالياً حملة محاسبة واسعة لكثير من شركات الصيرفة، كان نتيجتها إغلاق العديد منها ومعاقبة عدد كبير من أصحابها. حتى إن التلفزيون السوري عرض عدداً من اللقاءات لأصحابها ممن اعتقلوا، بالطريقة ذاتها التي يعرض فيها مقابلات مع قادة المجموعات المسلحة. وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، أن الحملة مستمرة لملاحقة المضاربين بالليرة السورية وضرب المضاربة، مشيراً إلى أن المضاربين لم ينتهوا بعد في الأسواق والعملية مستمرة ولم تنته ملاحقتهم. وفي جولة لـ«الأخبار» على السوق، وجدنا أن غالبية الشركات أغلقت، ومن كان منها يعمل فهو يرفض البيع أو الشراء بعد الهبوط المتلاحق للدولار. ويؤكد أحد أصحات الشركات أن السعر غير مستقر أبداً، وهو اليوم يسجل 155 للشراء وما بين 162 ـــ 163 للبيع، مبيناً أنه سعر غير ثابت ويتوقع أن يشهد يوم غد استمراراً في هبوطه.
ويشير أحدهم إلى أنّ التوقعات تتحدث عن استمرار هبوطه، موضحاً أن هذا المسار بدأ منذ السبت الماضي حين وصل إلى سعر 190 ليرة، ثم توالى الهبوط. ويرجع السبب إلى الأوضاع السياسية التي تمر بها سوريا وتراجع الحديث عن الضربة الأميركية، متوقعاً أن ترجع حالة الارتفاع في حال تكرر الحديث ثانية عن مثل هذه الضغوط على سوريا.
أحد المتابعين يرى في الأمر «كالعادة لعبة تجار»، فالسوق برأيه «يفتتح يومه على انخفاض ويستمر الأمر خلال النهار، ليتغير قليلاً بعد العصر، إذ يرتفع السعر ويتوهم الناس أن الدولار سيعكس اتجاهه ويقع بعضهم في الفخ ويشتري الدولار»، مشيراً إلى أنه بسبب سرية العمل اليوم لا يوجد سعر واضح ومحدد، وهو يختلف من مكان إلى آخر، في حين تعامل بعض المواطنين مع هذا الهبوط بعدم اهتمام، مؤكدين أنّ المواطن البسيط صرف منذ زمن مدّخراته وخسر فيها. لكن المشكلة اليوم تكمن في أن أسعار السلع والخدمات ـــ التي تذرّع التجار بارتفاع سعر الدولار لرفعها ـــ لم تتراجع رغم انخفاض الدولار، مستبعداً انخفاض أسعار هذه المواد اليوم.
من ناحيته، يشير خبير اقتصادي إلى أنّ السبب السياسي وحده لا يقدم تبريراً لهذا الهبوط، «لأن الأخبار السياسية غالباً تمنع صعود الأسعار وليس هبوطها بالنسبة إلى الدولار مقارنة بالعملة المحلية». ويتابع، في حديثه مع «الأخبار»، أنّ الأوضاع الاقتصادية لا تبرّر أيضاً هذا الهبوط، فلم يطرأ عامل إنتاجي يفسره، مؤكداً أن استقرار سعر الصرف أهم من انخفاضه، لأنه يعطي مؤشرات إيجابية للتجار، وبالتالي يعمدون إلى تسعير منتجاتهم بناءً على السعر المستقر للدولار. ولكن المشكلة، برأيه، تكون في عدم الاستقرار لأنّه بعد استقرار نسبي عند 200 ليرة للدولار، عادت الأسعار أمس إلى الهبوط، وهذا سيخلق خضة في السوق من جديد، لافتاً إلى أمر غريب وهو ارتفاع أسعار البضائع في السوق رغم هبوط سعر الدولار.
وكانت مصادر صحافية قد تحدثت عن سماح المصرف المركزي للشركات المرخصة ببيع الدولار وشرائه من المواطنين وبالأسعار الحرة للسوق، بشرط أن يكون السعر الذي تتعامل به أدنى من 170 ليرة سورية، وهو سعر التدخل الذي يعتمده «المركزي» مع شركات الصيرفة، وأن تبيع الكميات التي تريدها بنسبة ربح 1%.