تحاول روسيا إزالة الموانع أمام عجلة تحريك «جنيف 2»، كما استباق محاولات ضرب المؤتمر تحت ذرائع مختلفة. رئيس الدبلوماسية الروسية يحذّر على نحو شبه يوميّ من «محاولات لعرقلة عقد المؤتمر» و«إعادة إحياء السيناريو العسكري». ورغم أنّ هذا السيناريو أضحى بعيداً نسبياً في الوقت الحالي مع بدء مفتشي منظمة «حظر السلاح الكيميائي» عملهم في دمشق في أجواء مساعدة سورية وغربية، لم تحل أزمة المالية العامة الأميركية وانشغال المسؤولين الاميركيين بها دون تهديدهم باللجوء إلى القوة في سوريا، «إذا لم يمتثل الرئيس بشار الأسد لقرار نزع السلاح الكيميائي»، بحسب ما قال رئيس أركان الجيش الأميركي أمس. في هذا الوقت، قرن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجاح «جنيف 2» بالتنسيق بين الدول المشاركة في عملية التسوية السورية. ورأى أن تنسيق الخطوات بين الدول المشاركة في عملية التسوية في سوريا قد يسمح بتجنب سيناريو استخدام القوة في هذا البلد. وأعرب، خلال مشاركته في منتدى «روسيا تنادي» الاستثماري، عن ارتياحه لسير العمل على إتلاف الأسلحة الكيميائية السورية. ورداً على سؤال عن خطط الولايات المتحدة التي ما زالت لا تستبعد عملاً عسكرياً ضد سوريا، قال بوتين: «نحن أيضاً لا نستبعد أية إمكانيات لاستخدام القوة، لكن ذلك ممكن فقط بقرار من مجلس الأمن الدولي أو كرد فعل على عدوان مباشر على بلد ما».
بدوره، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن أمله في أن تبدأ الإجراءات التحضيرية لعقد مؤتمر «جنيف 2» في أسرع وقت ممكن. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهندي سلمان خورشيد في موسكو، إن هناك محاولات لعرقلة عقد المؤتمر، وذلك من أجل إعادة إحياء السيناريو العسكري ضد سوريا.
وأشار الوزير الى أن «المعارضين الذين يدعون إلى التدخل الخارجي لا يمكن اعتبارهم محبين للوطن»، مصراً على أن «جميع الأطراف يجب أن تقبل الدعوة للمشاركة في المؤتمر دون شروط مسبقة وعلى أساس بيان جنيف».
من جهة أخرى، كشف لافروف عن معلومات «توافرت في الأيام الماضية» عن إقامة اتصالات بين ممثلين رسميين لسلطات بعض الدول المجاورة لسوريا مع «جبهة النصرة». وتابع قائلاً إنّ هذه الأنباء تشير أيضاً إلى امتلاك المتطرفين بعض عناصر الأسلحة الكيميائية، وإلى نقل هذه العناصر إلى العراق، حيث تجري استعدادات للقيام باستفزازات.
في موازاة ذلك، قال رئيس أركان الجيش الأميركي، الجنرال راي أوديرنو، إنّ الولايات المتحدة ستضطر للتفكير مجدداً في إمكانية استخدام القوة في سوريا إذا لم يمتثل الرئيس بشار الأسد لقرار الأمم المتحدة الذي يدعو للتخلص من الأسلحة الكيميائية. وأكد أن واشنطن رحّبت بالاتفاق مع موسكو، متابعاً خلال حديثه من ألمانيا حيث يحضر مؤتمر الجيوش الأوروبية، أنّه «نأمل أن يساعدنا هذا الاتفاق على تحديد الأسلحة الكيميائية والتخلص منها».
في السياق، من المرجح أن يمدّد البرلمان التركي لمدة عام تفويضاً بإرسال قوات إلى سوريا إذا اقتضت الضرورة. ومن المقرر أن يصوت البرلمان على مقترح الحكومة اليوم الخميس.
من جهة أخرى، أكّد وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» أنّ الحكومة السورية ستفي كعادتها بكل التزاماتها الدولية. وفي ما يتعلق بالتحضيرات لعقد «جنيف 2»، قال الزعبي إن دمشق هي صاحبة الفكرة الأساسية لإطلاق الحوار السوري ـــ السوري، وأبدت استعدادها للذهاب إلى «جنيف 2» من دون شروط مسبقة.
إعلان أممي: افتحوا الممرات
إلى ذلك، أقرّ مجلس الأمن الدولي اعلاناً جماعياً، أمس، يطالب الحكومة السورية بفتح ممرات آمنة لضمان وصول المساعدات الانسانية.
وأدان المجلس في هذا الإعلان، الذي أعدته أوستراليا ولوكسمبورغ، «الانتهاكات العديدة لحقوق الانسان التي ترتكبها السلطات السورية والمجموعات المسلحة». بدوره، قال المندوب السوري، بشار جعفري، إنّ دمشق «ستدرس هذا الإعلان»، مرحباً بتنديد الإعلان بـ«المجموعات الإرهابية» الناشطة في بلاده.
على صعيد مسألة اللاجئين المتفاقمة في «دول الاستقبال»، أقالت الحكومة البلغارية، أمس، مدير وكالة اللاجئين الذي تأخذ عليه التقصير في مواجهة تدفق اللاجئين السوريين، كما أعلن نائب رئيس الوزراء تسفتلين يوفتشيف.
دمشق: أضرار الحرب 16 مليار دولار
من ناحية أخرى، أعلن رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، أنّ تقديراً أولياً للأضرار الناتجة من النزاع السوري المستمر منذ ثلاثين شهراً يصل إلى نحو 16 مليار ونصف مليار دولار في منشآت القطاعين العام والخاص، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا».
وكشف الحلقي، خلال جلسة استماع للحكومة أمام مجلس الشعب، أنّ الحكومة بصدد إعداد مشروع لإعادة الإعمار «سينفذ بخبرات وقدرات وطنية»، مشيراً إلى أنّه «قد يكون هناك استعانة مادية ببعض القروض من دول صديقة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)