لم يعد أمام «الائتلاف» المعارض سوى اللحاق بركب التوافقات الدولية. رئيسه أحمد الجربا وافق على إرسال وفد إلى مؤتمر «جنيف 2». لا يريد العودة إلى مرحلة «المجلس الوطني السوري» بحلته الكسيحة والهامشية، في وقت يبدأ فيه يوم غد تنفيذ قرار مجلس الأمن حول إتلاف السلاح الكيميائي السوري بوصول وفد من التقنيين لمعاينة أمكنة تخزين هذا السلاح. وعقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اجتماعاً، أول من أمس، مع رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد الجربا.
وقال المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نسيركي إنّ الجربا أكد استعداد «الائتلاف» لإرسال ممثلين عنه إلى مؤتمر «جنيف 2»، المزمع عقده في أواسط شهر تشرين الثاني. وأوضح نسيركي أنّ الأمين العام أشاد بالتزام الجربا بإرسال بعثة إلى مؤتمر جنيف، داعياً «الائتلاف الوطني إلى إجراء اتصالات مع مجموعات معارضة أخرى لتشكيل بعثة ذات صفة تمثيلية وموحدة».
المفتّشون في دمشق غداً
في السياق، أعلنت منظمة حظر السلاح الكيميائي أنّ مجموعة من مفتشيها ستتوجه اليوم إلى سوريا، وستصل إلى دمشق بعد ظهر غد الثلاثاء. ولم يوضح ممثلو المنظمة في لقائهم «التقني» مع صحافيين في لاهاي كيف سيصل خبراء المنظمة إلى دمشق، ولماذا سيستغرق سفرهم هذه المدة الطويلة من الوقت.
كذلك لم يذكر المتحدثون عن المنظمة أسماءهم ومناصبهم، وحتى أعلنوا أن تصوير اللقاء ممنوع. وأكد الموظفون في المنظمة أنّ مجموعة المفتشين التابعة لها تتكون من مهندسين وعلماء كيمياء وخبراء في الطب الشرعي وأصحاب عدد من المهن الأخرى. وبعد 30 يوماًَ من عمليات التفتيش يجب أن تقدم المجموعة تقريرها حول وضع السلاح الكيميائي في سوريا. وذكر الموظفون في منظمة حظر السلاح الكيميائي أن انضمام سوريا إليها يحصل في ظروف استثنائية، إذ إن الطريقة المعتادة للانضمام تستلزم مناقشة طلب الانضمام خلال 60 يوماً، تليها 30 يوماً أخرى يتعين خلالها على الدولة طالبة الانضمام تقديم تقرير حول ترسانتها الكيميائية. وفي حالة سوريا استغرقت المدة بين تقديم طلب الانضمام وتسليم التقرير عن ترسانتها الكيميائية 7 أيام فقط، وهذا أمر غير مسبوق، حسب ما أكده المتحدثون عن المنظمة في اللقاء الصحافي.
وأشارت المنظمة إلى أنّها ستسعى إلى تمكين خبرائها من الوصول إلى أي موقع مشبوه غير مدرج على القائمة الرسمية للمواقع التي يتم فيها تخزين هذا السلاح.
في موازاة ذلك، غادر مفتشو الأسلحة الكيميائية، التابعون للأمم المتحدة، الفندق الذي يقيمون به في دمشق لكي يواصلوا تحقيقهم.
في موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي، أول من أمس، أنّ بلاده «مستعدة لتقديم مساعدة مالية وتقنية» لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، وذلك غداة اعتماد مجلس الأمن لقرار في هذا الشأن. وقال الوزير الألماني، من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «لا بد من تدمير هذه الأسلحة بشكل كامل حسب جدول زمني صارم»، مضيفاً «إنّ استخدام الأسلحة الكيميائية جريمة ضد الحضارة ولا بد من معاقبة» المسؤولين عن استخدامها. ولم يحدد فسترفيلي طبيعة المساعدة التي تنوي ألمانيا تقديمها. وبعد أن أشاد بتوصل مجلس الأمن إلى قرار يجبر دمشق على المضي في تدمير ترسانتها الكيميائية خلال أقل من عام، أعلن فسترفيلي أنّ السوريين «لا يزالون يقتلون كل يوم بالأسلحة التقليدية».
ودعا الوزير الألماني إلى «حل سياسي»، مرحّباً بإعلان الأمم المتحدة الدعوة المحتملة في تشرين الثاني المقبل إلى مؤتمر سلام من أجل سوريا «لا بد من توضيح التفاصيل الخاصة به».
كيري يشكر لافروف
إلى ذلك، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن امتنانه لنظيره الروسي سيرغي لافروف للتعاون الذي أبداه في محاولات حل الأزمة السورية. وجاء في بيان أصدره كيري، أول من أمس: «أريد أن أشكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لجهوده والتعاون الذي بدأ قبل مؤتمر جنيف وتواصل هذا الأسبوع، والذي مكننا من إيجاد نقاط التماس». وأضاف: «باتخاذ القرار الملزم الذي يشكل سابقة مهمة ويطالب السلطات السورية بالتخلي عن السلاح الكيميائي، أظهر مجلس الأمن الدولي للعالم كله أنّ الدبلوماسية قد تكون آلة قوية جداً، وهي قادرة على تدمير أفظع سلاح للحرب». ورأى الوزير الأميركي أنّ هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مجلس الأمن الدولي أن «استخدام السلاح الكيميائي يشكّل تهديداً للأمن والاستقرار الدوليين في أي نقطة من العالم». وواصل: «إن دول العالم التي توحدت للمرة الأولى وضعت تعهدات ملزمة قانوناً لنظام بشار الأسد الحاكم وطالبته بالتخلي عن السلاح الذي استُخدم من أجل التدمير كآلة إرهاب. إن هذا القرار المهم يدل على ماهية الخطوات التي ينوي الرئيس باراك أوباما والرئيس فلاديمير بوتين وزملاؤهما اتخاذها». ورأى أنّ القرار عزّز ما احتواه بيان جنيف من الدعوات إلى تسليم الحكم في سوريا لسلطة انتقالية، وإجراء انتخابات ديموقراطية وتشكيل حكومة منتخبة من قبل الشعب تمثل مصالح السوريين.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)