لا تزال آثار أزمة تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار تثير التساؤلات في الشارع والسوق المصرية، حول التأثير المباشر الذي سيقع على المواطن نتيجة ذلك.
وبرغم محاولات الحكومة لدعم الجنيه وتثبيت سعر صرفه الرسمي عند 7.83 جنيهات، واستقرار سعر الصرف في السوق السوداء نسبياً ما بين 9.25 و9.40، فإن الأزمة تبقى في نقص الدولار، في البنوك أو شركات الصرافة أو حتى السوق السوداء.
ويحتاج المصريون إلى التعامل بالدولار مباشرة في حالات قليلة جداً، مثل السفر أو داخل المطارات والأسواق الحرة. وتنحصر التعاملات في الأسواق ونواحي الحياة اليومية بالجنيه، ولكن نقص الدولار وارتفاع سعره أثّرا مباشرة في حياة المواطن لسبب آخر، وخصوصاً أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط. والسبب هو استيراد مصر أهم السلع الغذائية بالعملة الصعبة، كما سيؤثر ارتفاع سعر الدولار ونقصه في السوق في أسعار السلع الغذائية الأساسية مثل الحبوب والزيوت، كما سيؤدي إلى اختفاء بعض السلع المستوردة من الأسواق.
في ما يخص تأثر السياحة بانخفاض قيمة الجنيه، يرى خبراء اقتصاديون أن انخفاض قيمة الجنيه وشُح الدولار كان من الممكن أن تكون لهما آثار إيجابية على السياحة لأن ذلك سيجعلها أرخص من غيرها، ولكن الأزمة جاءت في وقت تراجعت فيه السياحة بعد حادث سقوط الطائرة الروسية وتوقف الرحلات بين مصر ودول مثل بريطانيا وروسيا، فضلاً عن دول أخرى حظرت على مواطنيها السياحة هنا.
ويرى الخبير الاقتصادي عمر الشنقيطي، أن تأثير انخفاض الجنيه على السياحة محدود، لأن تراجع السياحة أخيراً جاء نتيجة سقوط الطائرة الروسية والتحديات الأمنية وليس بسبب قيمة الجنيه. ولكن الأزمة الأكبر كما يرى، ترجع إلى وجود تفاوت بين السعر الرسمي والسوق الموازية، ما يدل على وجود أزمة كبيرة في قدرة البنك المركزي على توفير الدولار اللازم لاستيراد السلع التي قد يكون بعضها أساسياً ويؤثر بالتأكيد في قدرة عدد من الشركات الأجنبية على تحويل أرباحها.
يقول الشنقيطي لـ«الأخبار»: «التفاقم الكبير في سعر السوق الموازية أخيراً، السبب الرئيسي فيه المضاربة على الدولار، ما أدى إلى هلع لدى المتعاملين فجأة وأكثر من المستوى الطبيعي. من المتوقع أن يقوم البنك المركزي بعدة إجراءات مثل إلغاء الحد الأقصى لإيداع الدولار وإصدار شهادات دولارية محلية وفي الخارج، وكذلك رفع سعر الفائدة لدى البنك المركزي». ويضيف «من المتوقع أن يلجأ المركزي إلى حزمة كبيرة من تلك الأدوات مع تخفيض جزئي للجنيه في المدة المقبلة من دون اللجوء إلى تعويم كامل للجنيه».
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أصدر البنك المركزي قراراً بإلغاء حدّ السحب والإيداع للأفراد والشركات المستوردة للسلع الأساسية، الذي أقرته الحكومة سابقاً في محاولة منها لتقليل السحب على الدولار.
يُذكر أن احتياطي النقد الأجنبي في خزينة الدولة المصرية يصل حالياً إلى 16.533 مليار دولار، ضخ البنك المركزي 500 مليون منها للبنوك قبل خمسة أيام في عطاء استثنائي، لمحاولة تخفيف حدة الأزمة، وتوفير الدولار في البنوك، وذلك لإجبار السوق السوداء وشركات الصرافة على تخفيض سعر الصرف غير الرسمي، الذي تراجع في اليومين الماضيين ليستقر بين 9.25 و9.40 جنيهات، بعدما وصل إلى عشرة جنيهات الأسبوع الماضي.
وأمس الأحد، طلب البنك المركزي من البنوك إرسال بيانات حول حجم الطلبات الدولارية المعلقة لديها للقطاعات الاستيرادية المختلفة، وأولوياتها للسلع الأساسية والمنتجات، وحجم البضائع العالقة في الموانئ والمنافذ، ما يرفع التوقعات بضخ عطاء استثنائي جديد خلال الأسبوع الجاري.