علمت «الأخبار» أن ترتيبات منح تأشيرة دخول لوزير الخارجية السورية وليد المعلم الى نيويورك، للمشاركة في اعمال الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ووجهت طوال الايام الماضية برفض وزارة الخارجية الاميركية. وفي المبدأ، فانه بحسب القانون المنظم لعلاقة الامم المتحدة والولايات المتحدة كدولة مضيفة لمقرها، لا يجوز للسلطات الاميركية حجب تأشيرة الدخول عن اية شخصية رسمية عضو في الامم المتحدة، تطلبها لغرض المشاركة في اعمال الاخيرة، لكن سُجلت حالات سابقة رفضت خلالها أميركا إصدار تأشيرة الدخول إلى اراضيها، او تباطأت في اجراءات اعطائها لمسؤولي دول على خلاف مع واشنطن، وذلك لأقصى وقت ممكن بهدف الحؤول دون وصول هذه الشخصيات في الوقت المناسب إلى الأمم المتحدة للمشاركة في أعمالها.
وتقول المعلومات ان وزارة الخارجية الاميركية ذهبت إلى الحد الأقصى غير القانوني في هذا المجال، حينما رفضت خلال الايام الماضية اصدار تأشيرة دخول لأراضيها لحرمان وليد المعلم المشاركة في أعمال الدورة الحالية للأمم المتحدة، التي بدأت الاثنين، والتي من المقرر ان يلقي المعلم كلمة أمامها في الثلاثين من الشهر الجاري.
وتوافرت معلومات تفيد بأن واشنطن تراجعت عن خطوة عدم إعطاء التأشيرة بعد مبادرة توسط بهذا الخصوص، قامت بها الامارات.
وأضافت هذه المعلومات إنه جرى اخيراً بعد ايام من التلكؤ المقصود من قبل الخارجية الاميركية، إصدار تأشيرة مشروطة تسمح للمعلم والوفد المرافق له بدخول نيويورك حصرا، دون باقي اراضي الولايات المتحدة، وذلك لتأمين حضوره اعمال الدورة الحالية للأمم المتحدة.
وبحسب هذه المعلومات، فان دمشق رسمت خارطة وصول للوفد السوري برئاسة المعلم الى مقر الامم المتحدة في نيويورك، يتحاشى أثناءها المرور بمحطات انتظار في مطارات الدول الاوروبية، نظرا إلى ان الاخيرة أصدرت مذكرات توقيف بحق شخصيات في النظام السوري، من ضمنها المعلم.
ولقد كان للإمارات المتحدة دور أيضاً في حل الإشكالية الآنفة، إذ إنها عرضت أن تحط الطائرة التي تقل الوفد السوري الى الامم المتحدة، في مطار دبي قبل استئناف رحلته المباشرة من هناك الى نيويورك.
وكشفت هذه المعلومات انه ينتظر وصول المعلم والوفد المرافق له اليوم (الأربعاء) الى مطار بيروت على متن طائرة سورية خاصة، ومن ثم يكمل طريقه الى دبي، ومن هناك يستقل طائرة تابعة لخطوط طيران الامارات، الى نيويورك.
وتنظر بعض المصادر المتابعة للعلاقات العربية مع سوريا، الى توسط الامارات في حل إشكالية وصول المعلم الى نيويورك، وتعدّه مؤشراً يشي ببعض الإيجابيات على مستوى حدوث بداية تغيير في نظرة الخليج، او بعض دوله، إلى المسار الذي يجب اعتماده لحل الازمة السورية.
وضمن هذا المناخ المستجد، تكشف هذه المصادر وجود وساطات بعيدة عن الأضواء لحدوث لقاء بين المعلم ووزير الخارجية الاميركية جون كيري على هامش اعمال اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك. وتتحدث هذه المعلومات عن ان الامارات تضطلع بنصيب منها.
والجدير بالذكر أنّ دولة الامارات، وخاصة ابو ظبي، كانت قد حافظت على سياسة متشددة تجاه النظام السوري طوال الفترة الماضية، وكانت اكثر التصاقاً بالموقف السعودي الساعي إلى تسليح المعارضة، وتقديم خدمات لوجستية إليها عبر الاراضي التركية والأردنية. فخلال العامين الماضيين كان ثمة ثلاثة مكاتب على الحدود التركية مع سوريا تعمل على تقديم خدمات إلى المعارضة السورية، تابعة لقطر والسعودية والإمارات، لكن في الوقت نفسه قامت ابو ظبي بخطوات تضمنت إشارات ايجابية غير مباشرة للنظام السوري، كان ابرزها استضافتها بشرى الاسد، شقيقة الرئيس بشار الاسد، وذلك بعد اغتيال زوجها آصف شوكت خلال شهر رمضان الاسبق.
ولا تعدّ اقامة بشرى في الامارات لجوءا سياسيا، او اقامة ذات أبعاد معادية للنظام، إذ إن اسباب الاخيرة للاقامة هناك نابعة من ظروف خاصة على صلة بخشيتها على اولادها، ولتأمين أجواء هادئة لهم لاكمال دراستهم بعد مقتل والدهم. وتتردد بشرى الى بيروت مع اولادها، وتواكبها في لبنان حماية شخصية سورية. وكانت قد أقامت أخيراً فترة من الوقت مع اولادها في احد منتجعات بيروت البحرية.
الى ذلك كان لافتا في الفترة الماضية ان الخطوط الجوية الاماراتية، ومن دون كل شركات الخطوط العربية الاخرى، داومت على تسيير رحلاتها الى مطار دمشق رغم القرار العربي بمقاطعته. وظل هذا الامر قائما لغاية الفترة التي اصبح فيها مطار دمشق غير آمن، نتيجة اقتراب المعارك في ريف دمشق من محيطه.
وتحدثت معلومات عن انه في خلال تلك الفترة كان طيران الخطوط الإماراتية يسهم في نقل أموال سورية من مطار دمشق الى دبي. وكان الهدف من ذلك تجاوز العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، التي تحول دون تنفيذ التزامات الحكومة والتجار والشركات السورية باتفاقات تجارية بالعملة الصعبة مع الخارج. وكانت الاموال السورية المنقولة الى دبي تُوضَع في حسابات مصرفية في البنوك الإماراتية بعد تحويلها الى دراهم إماراتية، ومن ثم تحول لمصلحة تنفيذ الالتزامات السورية التجارية الخارجية. وأخيرا توقفت هذه العملية لأسباب امنية على صلة بالوضع في مطار دمشق، لا لأسباب سياسية.